كنت قد سألت يوماً البروفيسور المرحوم (فريدي هاليداي)، وكان خبيراً بشؤون الشرق الوسط: عن هذا الذي يجري في بلادنا العربية، ولماذا غدت منطقتنا وكأنها على كف عفريت من شدة تكاثر الأحداث عليها منذ مطلع القرن الماضي؟!..
قال: هناك أسباب تاريخية، وأسباب راهنة..
تاريخياً: فإن منطقتكم منبع من منابع الحضارة، ومصدراً من مصادر الثروات الروحية والدينية.. وبالتالي فإن الإهتمام ببلادكم يتميز أكثر من سواه من الإهتمامات بالدول الأخرى.. كالصين، والهند، وأمريكا اللاتينية مثلاً..
أما في الوقت الراهن: فإن منطقتكم تقبع على بركة كبيرة من النفط، وهي السبيل الوحيد إلى تشغيل عجلة الماكينة الأوروبية، بأقل الأسعار وأدناها..
من هنا فلابد من خلق حالات توتر متتالية في بلادكم، تهدف إلى تحقيق غرضين.. الأول: استمرار تدفق النفط بأسعار منخفضة!!
والثاني: إستمار حاجتكم لشراء الأسلحة!!
ووجود دولة كإسرائيل، كجسم غريب في بلادكم، أفضل ما يحقق إستمرارية بؤر التوتر!!..
فالمعادلة واضحة وليست بحاجة إلى كبير عناء لمعرفة: لماذا منطقتكم على كف عفريت؟!..
* * *
bull;وهنا يلح سؤال كبير: كيف نتعامل كحكام ومحكومين مع هذه المعادلة التي أشار إليها هاليداي؟!..
التجارب السابقة دلت على أن تعاملنا مع هذه المعضلة لم يحقق نتائج إيجابية وكنا دائماً الخاسرين!!..
فهل الربيع العربي سيجيب على السؤال؟!.. نتائج هذا الربيع لم تظهر الى حيز الوجود بعد، اللهم إلا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إنتخاب الرئيس (محمد مرسي) من الأخوان المسلمين في مصر، وهيمنة التيارات الاسلامية في مناطق أخرى يجتاح البعض منها الربيع العربي.. ولكن ما يُنتظر من هذا الربيع مازال يُأمَّل منه ما يحقق للانسان العربي ما يطمح إليه.. والأهداف لا تتحقق بالأمنيات، فكما يقول جورج برناردشو: quot; الضعيف يتمنى، والقوي يعمل!! quot;.. معادلة الضعف والقوة في بلادنا ستحسمها القادمات من الأيام، إذا استمر الربيع بلا خريف يعقبه!!..