ذكرت فينا سبق تسعة عناصر من السلب والإيجاب في ميزان الثورة السورية سوف أسردها بسرعة في سبيل استكمال العناصر الأخيرة التي تتوج (ردزن = دزينة) من العناصر. وهي في مجموعها تصلح أن تخرج كتابا موسعا موسوعيا في استعراض الثورة مالها وما عليها.

في تقديري أن الثورة ستنتصر في صورة من الصورة وفي وقت آتي لا ريب فيه. ويصعب التنبؤ بكيفية النهاية ولكنها قادمة كما في قصة الثعلب والذئب.
جاء في كتاب الخرافات أن الثعلب مر يوما على الذئب فوجده بين قضبان الفخ أسيرا فضحك وسر. قال له الذئب بعين منكسرة: يا أبا حصين يقولون أن القيامة جاءت أشراطها واقتربت! فهل عندك خبرا عنها؟ أجاب الثعلب بابتسامة خبيثة: أما القيامة فلا علم لي بها. أما قيامتك فهي وشيكة بلا شك وريب.
وكذلك هي نهاية بشار والعصابة بدون بشرى.
والصورة الحالية في سوريا مع مطلع عام 2013م تذكر بالحرب الأهلية في البوسنة في تسعينات القرن الفائت، وهي صورة من جانب قاتمة، ومن جانب واعدة بالحرية والخلاص، كما رأيت أنا سراييفو في شتاء العام الفائت محررة حزينة ممزقة.
أنا متفاءل على العموم على طريقة الفيلسوف فردريك نيتشه الألماني:( التشاؤم دليل انحطاط. والتفاؤل سذاجة وسطحية. التفاؤل الصحيح يأتي من رحم المعاناة).
في تقديري لن يبقى حجر على حجر في سوريا. لن تبقى مدينة بدون أطلال كما في أطلال هيروشيما. لن تبقى عائلة بدون شهيد ونكبة. سيبلغ عدد القتلى والمفقودين والمشوهين والمعطوبين والمعاقين مئات الآلاف. ولكن الجراح ستلعق، والأرحام ستعوض الموتى. والنازحون والهاربون سيعودون. وستبنى سوريا كما فعل الألمان بعد الحرب. وستنهض سوريا من الرماد والدمار كما في قصة طائر الفينيق.
وسوف تبقى هذه الثورة في المخيال الجمعي رمزا للحربة والحرية والاستقلال الفعلي.
سوف يولد أطفال سوريا الجدد للحرية وليس للعبودية. سوف يدخل البلد تحت قوس التوحيد وليس عبادة الأصنام الحجرية والبشرية.
لقد كانت الآثار السلبية للثورة أو هكذا نزعم تسعة فيما سبق. سنضيف لها ثلاثا جديدة فيصبح المجموع في كل اتجاه اثنا عشر:
الآثار السلبية
1ـ الشرخ السني ـ الشيعي ـ العلوي من خلال ذاكرة مثقلة بالسلبيات
2 ـ انفجار نار الأحقاد والغرائز البدائية
3 ـ البديل الغامض؟
4 ـ كلفة الثورة باهظة جدا والفاتورة مرعبة:
5 ـ نجح النظام السوري في جر الثورة إلى اللاءات الثلاث المضادة:
6 ـ نمو التطرف الحدي:
7 ـ الانفوميديا ليست حيادية تماما:
8 ـ التحدي للأسلوب السلمي فهل فشلت نظرية اللاعنف؟
9 ـ ورطة التسلح:
10 ـ اللعبة الدولية:
11 ـ استقطاب قوى متطرفة من الجهتين:
12 ـ مخاوف تفكك الدول إلى دويلات طائفية
أما العناصر الإيجابية أو هكذا نزعم فكانت:
1 ـ التغيير تم ويتصاعد، وهو نفسي قبل كل شيء، من تحول داخلي بحت
2 ـ انكسر حاجز الخوف:
3 ـ نهاية عصر الحاكم الإله!
4 ـ ولادة أخلاقية للأمة وانصهار جديد للأمة
5 ـ عصر الشعوب بدأ
6 ـ ثمن الحرية ومذاقها
7 ـ شوق الأمة إلى العدل :
8 ـ الاستقلال الفعلي:
9 ـ إعادة بناء الدولة والمجتمع والأفكار:
10 ـ الثورة الأممية:
11 ـ ستنتشر الثورة إلى كل البلدان العربية في قليل أو كثير:
12 ـ سيقفز العرب إلى مسرح التاريخ خلال نصف قرن القادم:
الآن سنفصل أكثر في العناصر الثلاث الأخيرة:
الآثار السلبية
10 ـ اللعبة الدولية:
ربما لسرقة الثورة من يد الشعوب. يظهر هذا أيضا واضحا في سوريا من أجل إنهاكها؛ فمعظم المدن تدمرت، وتكاليف البناء سوف تطلب ربما تريليون دولار، ورحلة إعمار لمدة ربع قرن على الأقل. يذكرن هذا بنموذج الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنين عجاف مات فيها مليون شاب تمدها 30 دولة بالسلاح.
11 ـ استقطاب قوى متطرفة من الجهتين:
يقال أنه في حلب يقاتل عقائديون قساة من السنة والشيعة وجها لوجه ـ عناصر من حزب الله دخلت على الخط ـ مجاهدون من المغرب والشيشان أصبحت من مكونات المقاتلين الثوار؛ فهل أعدنا معركة صفين جذعة بعد أن خبا نارها ورمادها منذ 1400 عاما؟ أم أننا على أبواب مذابح مذهبية يلتهم نارها مفاصل المنطقة، كما دامت حرب الثلاثين عاما (1618 ـ 1648) في الأرض الألمانية، أو حرب المائة عام والوراثة الأسبانية في أوربا، أو الحرب الطويلة بين الدولة الصفوية والعثمانية لمدة مائة عام؟؟
12 ـ مخاوف تفكك الدول إلى دويلات طائفية
وهي كابوس حتى في صورة (فكرة)، في الوقت الذي تنمو أوربا إلى اتحاد يضم 27 دولة تضم 450 مليونا من الأنام، وتكافح أوربا بعناد عن اليورو مع الحريق اليونانية والوهط البرتغالي ـ الأسباني ـ الأيطالي، تبدأ عندنا رحلة التشظي وتشظي التشظي. وولادة دويلات خرافية كما يفكر العلويون! لنقل قسما منهم خوفا من الانتقام السني بعد أن ولغ الشبيحة في دمائهم!
إنها تبعات سياسات قصيرة النظر.
الآثار الإيجابية
10 ـ الثورة الأممية:
ما يحدث في سوريا تشارك فيه روسيا والصين أي أكثر من ربع الجنس البشري. الروس يقتلوننا بالرصاص والمدفع وطائرات الميج والصين بالدهاء والموافقات المزورة. ولذا فانتصار الثورة في سوريا سيقلب الأوضاع في روسيا. حاليا يتجهز (البوطين) بعد (البوطي) بسبعين مليار دولار لصد الهجوم الإسلامي عليه من جمهوريات آسيا الوسطى.
ظفر الثورة السورية سيحمل رياح البشائر إلى جبهة الشيشان التي انضم بعض أولادها إلى الثورة السورية معتبرينها ثورتهم وكفاحهم ضد القيصر بوطين والبوطي والقوزاق. علينا محاسبة النظام القيصري بأشد الحساب بعد أن ننتهي من أذنابهم وأشياعهم في سوريا.
11 ـ ستنتشر الثورة إلى كل البلدان العربية في قليل أو كثير:
سيكون هذا خلال السنوات العشر القادمة. بل سيعم نارها حتى أبواب موسكو وول ستريت لأنها ظاهرة إنسانية نادرة ينتصر فيها شعب صغير على أعتى الديكتاتوريات وفي ظل سكوت مريب للعالم على المذبحة العارمة.
12 ـ سيقفز العرب إلى مسرح التاريخ خلال نصف قرن القادم:
فالثورة موجات والشعوب عاتية والبدايات غير النهايات. والفرنسيون الذين مشوا مع نابليون وصلوا موسكو ومدريد، والزلزال حين يدمدم تشقق الأرض وتذهب اللافا بعيدا فاخصبت الأرض وكذلك هو قدر الثورات براكين اجتماعية من ضمير الغيب.
ومن المهم أن نعلم أن الحركات الإسلامية لم تعد أخوان مسلمون وحزب تحرير وصوفية وسلفية فهناك الاتجاه المعتدل بعد احتكاكه بالغرب فنبتت ـ لنتفاءل ـ نبتة طيبة من هذا التلاقح الكريم.
هل ستدخل المنطقة الحداثة وعصر التنوير؟ أم تنكب على وجهها إلى نظام طالبان وملالي قم وإيران وعبدان. أم تحتذي النموذج التركي والماليزي فترقى؟
التاريخ عنده الخبر ... قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى؟