قدم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورقة نقاشية ثانية قبل أسبوع من إجراء الانتخابات البرلمانية في بلاده، وأكد خلالها على التزامه بالسير في نهج الإصلاح الذي يضمن التعددية السياسية، مستعرضاً آليات التحول الديمقراطي.

حظيت الورقة النقاشية الثانية للعاهل الأردني باهتمام اعلامي عربي حيث قامت الصحف العربية والمواقع الاخبارية الألكيتروية وعلى رأسها موقع ايلاف بنشر ومناقشة تفاصيل الورقة وتبعتها الصحف الورقية الرئيسية في لندن والعواصم الخليجية . كما نشرتها مواقع اخبارية تابعة لفضائيات الاخبار الهامة. هذا الاهتمام الواسع يحمل دلالات كبيرة.

في ورقته النقاشية الثانية عرض العاهل الأردنيرؤيته لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات. أهمية هذه الورقة لتي جاءت تحت عنوان laquo; تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيينquot; انها طرحت في لحظة تاريخية تتزامن مع الانتخابات البرلمانية وتجذر مسيرة الاصلاح الشاملة.
وهي دعوة صادقة للجميع ان يستثمروا هذه الفرصة التاريخية لممارسة حقوقهم الديمقراطية في انتخاب برلمان جديد قادر على تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات.



السؤال الجوهري الذي طرحه الملك

السؤال الجوهري الذي طرحه الملك في هذا السياق: quot;كيف سنضمن استمرار مؤسساتنا وأنظمتنا بالعمل على ترسيخ هذه المبادئ والحقوق وحمايتها ونحن ماضون في عملية التحول الديمقراطي؟ ومن المهم أن يدرك الجميع أننا سنواجه صعوبات وتحديات، وقد تكون هناك بعض الإخفاقات، ولكن ستكون هناك نجاحات أكثر، وهي متاحة للحوار والتقييم ضمن نقاش عام، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه متطلبات التطور الديمقراطي، ودليل على مصداقيتهquot;.



خريطة طريق لبرنامج الاصلاح

يرسم الملك عبدالله الثاني في ورقته النقاشية الثانية ضمن سلسلة أوراق لعرض رؤيته لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات، خريطة طريق الاصلاح الوطني وصولا لتجديد اساليب الحكم بما يساهم في تعزيز وتكريس الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار بما يسهم في تطوير نظام ديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين.

هذه الاوراق النقاشية تجسد نظرة ملكية تقدمية لمسيرة الاصلاح الشامل تحدد خارطة الطريق للمرحلة المقبلة.


تعبر الورقة عن طموحات الملك في الاصلاح الشامل، باعتباره اولوية، ينسجم مع روح العصر، بحيث شكلت هذه الورقة نهج عمل للمرحلة المقبلة، ورؤية إستراتيجية عميقة، تعكس الحالة الأردنية بدقة مع التعبير عن ارادة حقيقية في التغلب على المصاعب والعقبات.

باختصار تستهدف الورقة النقاشية التأسيس لنقلة نوعية في تاريخ الأردن السياسي وتحوله الديمقراطي. وهذا يتطلب بالضرورة اشراك المواطن بصنع القرار والمشاركة في الحوار البناء بين الناخب والمرشح لكي تتمكن الاحزاب والقوى السياسية من فهم احتياجات وطموح المواطنين وتبني برامج عمل واقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ استجابة لمطالب المواطن وخالية من الشعارات والوعود الفضفاضة. هذا التفاعل بين الناخب والاحزاب يلعب دورا فعالا في ترسيخ النهج الديمقراطي.



المعارضة المسؤولة

القيادة الهاشمية اثبتت للقاصي والداني ايمانها وقناعتها بأن الطريق الى الأمام واضحة وهي طريق الاصلاح الشامل والتغلب على المصاعب والتحديات بالعمل الدؤوب والابتعاد عن الشعارات الجوفاء والوعود الفارغة التي تتبناها بعض الاحزاب والجماعات التي تضع مصالحها الفئوية فوق مصلحة الوطن.

مشروع الاصلاح الاردني يؤسس لبنية سياسية عنوانها المعارضة المسؤولة التي تخدم مصالح الدولة وتحقيق رغبات الشعب في هذه المسيرة الى آلية تشكيل حكومات برلمانية فاعلة.

الهدف من الورقة الثانية التي كتبها الملك هو تعميق الديمقراطية بالحراك تجاه تشكيل حكومات برلمانية وهذا يعتمد على ثلاثة عناصر اولها ظهور احزاب وطنية وثانيا جهاز اداري محايد مهني وغير سياسي ليقدم النصيحة للحكومات البرلمانية وثالثا تطوير العمل البرلماني حيث يعمل البرلمان على دعم الحكومات البرلمانية في اطار نظام توازنات ورقابة ومساءلة.



لماذا الاهتمام العربي والعالمي

الاهتمام العربي بتجرية الأردن الديمقراطية يعود لعدة عوامل أهمها ان الأردن تجاوب مع الربيع العربي بحكمة ورباطة جأش واصرار على الاصلاح والتغيير ومشاركة المواطن في صنع القرار متجنبا الحلول الأمنية الفاشلة والتصدعات في المجتمع. بقي الأردن متماسكا ومتحدا رغم بعض المحاولات للتنغيص من قبل احزاب ومجموعات ذات ايديولوجيات غريبة وولاءات مشبوهة. لم يستطع حزب معين او فئة معينة من الاستحواذ على السلطة والانفراد بها لكي تغير الدستور حسب مزاجها واجندتها كما حدث في ليبيا وتونس ومصر. لم يلجأ النظام لسياسة القمع والبطش التي دمرت ولا تزال تدمر سوريا.

لذلك يرى المراقبون العرب في التجربة الديمقراطية الأردنية حالة فريدة من نوعها ويرصدوا باهتمام بالغ التطورات على الساحة الأردنية . فأهمية الانتخابات الأردنية لا تقتصر على الأردن فقط بل تداعيتها ابعد من حدود الأردن وقد تكون درسا للدول المجاورة التي فشلت حتى الآن في اعتناق مباديء الديمقراطية بطريقة صحيحة.

وعلى المستوى الدولي هناك اهتمام بالغ في المسيرة الديمقراطية في الأردن. فمن يتابع الصحف الهامة مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست والمجلات المتخصصة الأميركية والصحافة البريطانية يجد العديد من التقارير والمقالات التحليلية التي تتابع ما يجري على الساحة الأردنية.

هذا الاهتمام العربي والعالمي سيحفز الشعب الأردني على المشاركة الفعالة في الانتخابات وتجاهل الاصوات العدمية والسلبية التي تقاطع وترفض وتهاجم وتنتقد ولكنها لا تقدم اي مقترحات ايجابية بناءة تخدم المصلحة العامة.

لندن