زيارة رئيس إقليم كردستان العراق الى تركيا مثيرة فقد جاءت في وقت لا يتوقف الجدل فيه على مستقبل سوريا ومستقبل الكورد في سوريا، وعن امكانية بقائهم كجزء من المكون السوري أو انقسامهم على غرار كردستان العراق، جاءت هذه الزيارة في وقت يستمر القتال فيه ما بين المجموعات المتطرفة بقيادة دولة العراق والشام الإسلامية ( داعش) وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات المتشددة الإسلاموية وما بين الأحزاب، المنظمات ووحدات حماية الشعب الكوردية، على رأسهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي المسيطر في شمال شرقي سوريا، هذا كله على مرأى ومسمع الحكومة التركية لا بل أيضاً بدعم وتخطيط من رئيس هذه الحكومة أردوغان واتباعه، وتعتيم إعلامي من أغلبية المحطات والوكالات الإعلامية...

زيارة تحمل رسائل كثيرة وفي اتجاهات متعددة، تحاول من خلالها تركيا وحلفائها استعادة السيطرة على مجريات الأمور بعد فقدانهم السيطرة عليها ميدانياً وعلى أرض الواقع في المناطق ذات الأغلبية الكوردية في سوريا، أو المناطق التي تقع تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي و وحدات حماية الشعب الكوردية.. وفي حال لم تستطع استعادة السيطرة وإيجاد حل يتفق عليه جميع الأطراف عن طريق استعمال حكومة إقليم كردستان العراق للضغط على كورد سوريا واحتواء القوي السياسية وطيها تحت جناحها، فستخلق هذه الزيارة خلافاً بين الأحزاب الكوردية، خلافاً كوردياً كوردياً، فليس خفياً على أحد أن حكومة اقليم كردستان العراق لا تختلف كثيراً مع الحكومة التركية بالشأن السوري، فلكلاهما مصالح مشتركة مع الأخذ بعين الاعتبار، اختلاف الأسباب والأهداف، ولذلك الطرفان يشعران بالقلق من النفوذ المتنامي لحزب الاتحاد الديمقراطي بشكل خاص ولكورد سوريا بشكل عام، خاصة بعد اعلان القوى الكوردية في سوريا عن تأسيس ادارة خاصة بهم في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال شرقي سوريا، ويجب أن لا ننسى منع وفد حزب الاتحاد الديمقراطي من دخول تركيا والاشتراك بمؤتمر أنقرة مع العلم أن الحزب كان مدعو بشكل رسمي، فهذا كله يثير القلق وعدم الثقة في الجانب الآخر عند كورد سوريا..

على تركيا في البداية، قبل أن تسعى لأن تكون رسول سلام إلى الدول المجاورة والمنطقة، ان تحل مشاكلها الداخلية، التركية التركية، التركية الكوردية، وغيرها من المشاكل المتعلقة بالحريات وبالديمقراطية، والمشاكل العرقية، الدينية، المذهبية، الأثنية والاجتماعية، ويجب أن لا ننسى الاقتصادية لأنها ستكون المفاجئة، فاقتربت فقاعة الاقتصاد التركي من الانفجار..

ألم يحن الوقت بأن يكتفي اردوغان من اعطاء المواعظ يمنة ويسرة ويبدأ برؤية الواقع خارج الإطار العثماني؟.. عهد السلاطين قد ولى وقد جاء الوقت كي تعود الحقوق لأصحابها.. وإن كانت تركيا من المشجعين لكردستان العراق فلماذا لا تبدأ وتفعل هذا مع كورد تركيا وتعطيهم حقوقهم التي سلبتها منهم الحكومات التركية المتتالية.. هناك مثل شعبي سوري يقولquot; يلي بيتوا من زجاج ما بيضرب الناس بالحجارةquot;..

ألا يكفي الاستخفاف بعقول الناس؟.. إلى متى ستستمر هذه الازدواجية الفاضحة والتناقضات في المواقف، وإلى متى سيبقى العالم بدور المشاهد؟..
إن المستقبل السياسي في المنطقة وسط حالة من الفوضى العارمة وفي مشهد مرتبك وانقسام حـاد ومصير مجهول، ما بين التداخلات الدولية والإقليمية والداخلية أيضاً للدول، فالبطش قد استفحل واصبحنا في مرحلة رمادية وضبابية خطيرة حجبت الرؤيا، واختفت الايدلوجيا السياسية والسياسة العقلانية ايضاً، ومعها الأهداف التي تحددها هذه السياسات التي تسعى الى تحقيقها الدول والشعوب، وغيب نمط التفكير للممارسة السياسية التي تقوم على فهم الواقع وموازين القوى التي تحكمه والوضع الداخلي والخارجي الذي يؤثر فيه...

لنر ما الذي تخبئه هذه الزيارة للمنطقة بشكل عام وللكورد في سوريا بشكل خاص، والذي يرتبط مصيرهم بمصير كل السوريين وبمصير سوريا..
وما الذي يحضر له في الكواليس التركية، ومن سيشاركهم في هذه اللعبة، وفي النهاية المهم، من سيفوز ومن سيخسر، وفي أي اتجاه ستصوب البندقية؟

[email protected]