quot;ليس من حقك أن تقتل، لأنك لا تملك أن تخلقquot; (غاندي)

في معظم العقائد السامية (السماوية والأرضية) تسمو الروحانية بالنفس الإنسانية فوق مستوي الأديان لتحلق كالملائكة في فراديس الحياة العليا، ومنها quot;البوذيةquot; وهي من العقائد الأرضية حيث نجد أن quot;الروحانيةquot; وليس quot;الدينquot;: هو لب هذه العقيدة.
جوهر العقائد أنه لا يمكن أن يجتمع quot; حقان quot; متناقضان أبدا: حق الحياة وحق الموت، لا من الناحية العقيدية ولا من الناحية المنطقية (العقلية)، ولعل هذا ما دفع الفيلسوف quot;إبن رشدquot; إلي التأكيد علي أن: quot;الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد لهquot;، لأنه عندما تضيع الحدود بين النقيض والنقيض وتختلط الأمور وتنقلب المفاهيم يصبح الإنسان (الذي وهب العقل للتمييز بين الأشياء والمتناقضات) أدني درجة من الحيوان المفترس، ناهيك عن أن من يؤمن بثقافة القتل يصعب عليه ان يؤمن بالحياة كقيمة، أو أن يقدر تلك القيمة (الحياة).
حين كتبت في إيلاف (شهر يونيو الماضي) عن أن: فرج فودة لو quot;بعثquot; سيقتل من جديد http://www.elaph.com/Web/opinion/2012/6/740827.html?entry=opinion
كنت أستبق قتل المناضل التونسي الكبير quot; شكري بلعيد quot;، ومن قبله شباب مصر من الثوار quot; جيكا quot; وquot; محمد كريستي quot; وquot; محمد الجندي quot; وغيرهم، وفتاوى إهدار دم قيادات جبهة quot;الإنقاذ الوطنىquot; المعارضة لحكم الإخوان المسلمين في مصر، لأننا لم (ولن) نعالج quot;المرضquot; أو أسبابه أبدا بل لم نكاشف أنفسنا بحقيقته وخطورته أصلا، وفي أفضل الأحوال نحوم حول أعراضه من طه حسين وعلي عبدالرازق حتي فرج فودة وسيد القمني!
عندما يفتي شيخ من مشايخ الأزهر وأساتذته بقتل رموز المعارضة دون أن يرد عليه عالم من العلماء المسلمين الكبار من أمثال الشيخ يوسف القرضاوي وغيره، فهذا معناه quot;موافقة ضمنيةquot; أو قل التصريح بالقتل وتأييد عقوبة الموت، وعندما لا تقبض السلطة الحاكمة علي من أفتي بالقتل وتكتفي فقط بوضع فرد أمن لحماية المهددين من رموز جبهة الإنقاذ الوطني، فقل علي هيبة الدولة وسيادة القانون السلام!
لكن يبدو ان هذا هو أسلوبنا ومنهجنا فى التعامل مع معظم الكوارث التي أبتلينا بها، أن ندفن رؤوسنا في الرمال بدلا من أن نواجه الحقائق المرة، لنصحو يوما بعد يوم علي quot;فرج فودةquot; جديد أوquot;شكري بلعيدquot; جديد، ونتحول لأمة من المجرمين والقتلة بإسم الدين، ونخرج من التاريخ والجغرافيا حين نقف ضد كل مواثيق حقوق الإنسان (أهم الانجازات العقلية والأخلاقية للإنسان المعاصر) بإسم الشريعة الإسلامية.
ذكرتني دموع إبنة شكري بلعيد وهي تبكي علي جثمان والدها البطل بـquot;سمرquot; فرج فودة وهي تبكي مرتين، مرة يوم اغتياله ومرة ثانية يوم الإفراج عن قاتل أبيها ليصبح حرا طليقا في عهد الإخوان المسلمين، عن أي دين نتحدث أيها السادة؟ لقد أنفردنا وتفردنا وحدنا وسط الأمم بـquot;صناعة الموتquot;، موت المختلف معنا حتي لو كان منا!
ولأننا مصرون علي أن نكسب رضي الله بالقتل، والتخريب والسحل والتعذيب والتكفير والتحرش بالنساء والأطفال، لم نهتم أبدا بصناعة الحياة ولو من باب تحسين صورتنا أمام العالم بتسليط الضوء علي صناع الحياة من أبناء جلدتنا وأخوتنا في الوطن.
فقد نجح ملك القلوب السير quot;مجدي يعقوبquot; في تطوير صمام للقلب باستخدام الخلايا الجذعية، هذا الاكتشاف الذي سيسمح باستخدام أجزاء من القلب تمت زراعتها صناعياً في غضون ثلاثة أعوام. وفي خلال عشرة أعوام ndash; كما يقول الدكتور يعقوب - سيتم التوصل إلى زراعة قلب كامل باستخدام الخلايا الجذعية.
وكان الفريق الطبي المشارك قد نجح في استخراج الخلايا الجذعية من العظام وزرعها وتطويرها إلى أنسجة تحولت إلى صمامات للقلب، وبوضع هذة الخلايا في بيئة من الكولاجين أصبحت صمامات للقلب بلغ طولها 3 سنتيمترات، وهو انجاز أصبح حديث العالم اليوم.
صناع الحياة هم أمل الإنسانية وسادتها، أما القتلة ممن يسفكون الدماء البريئة ويؤلمون القلوب الطاهرة، فإلي مزبلة التاريخ تلاحقهم لعنات من في الأرض والسماء أيضا.