المفاوضات الحالية بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني لم تكن الأولى، فقد سبقتها اتصالات بين الجانبين الكردي والتركي في الماضي، ولكن كلها انتهت الى الفشل، ولم تتمكن من إحراز أي تقدم، او نقاط تفاهم مشتركة يمكن بناء إطار حل سياسي عليها. ومنذ ان تسلم حزب العدالة والتنمية الاسلامي التوجه دفة الحكم في تركيا عام 2002 وهو يطرح بين الحين والآخر مشاريع quot;الحل السياسيquot; للقضية الكردية، ويعبر عن quot;جاهزيتهquot; لخوض مباحثات السلام والتفاوض. فعل ذلك في أعوام 2006 و2009 والآن 2013. والمراقب للأوضاع العامة في تركيا سيلاحظ بأن حكومة العدالة والتنمية طرحت القضية الكردية كل مرة لحسابات داخلية محلية أو لأسباب خارجية اقليمية، كونها تريد الخروج من مأزق أو ترغب في تحسين موقعها الخارجي باللجوء الى quot;تخديرquot; الملف الكردي وبث المزيد من الوعود والآمال. ولاشك بأن الأوضاع الاقليمية تلعب هذه المرة ايضا دورا كبيرا في التحرك التركي الجديد، ودفع أنقرة للملف الكردي على طاولة البحث والمفاوضات مرة أخرى. فهنا الوضع المتأزم والفوضى العارمة في سوريا والقوّة الصاعدة للكرد هناك بقيادة فصيلهم الأكثر تنظيما وهو حزب الاتحاد الديمقراطي (القريب من العمال الكردستاني) والذي استطاع في فترة قياسية تنظيم الحياة الادارية في المناطق الكردية (مساحتها ضعف مساحة لبنان) وسيطر على بلدات شمالية وبنى قوة عسكرية قوامها الآن حوالي 30 آلف مقاتلة ومقاتل، اضافة الى العلاقات التركية المتوترة مع كل من ايران وحكومة المالكي في العراق، وتخوف تركيا من ان يستفيد العمال الكردستاني من هذا التوتر. ثمة كذلك الحسابات الكردية الداخلية، حيث يجري الآن تقارب بين القوى الكردية في العراق وسوريا وتركيا، فالقيادة الكردية في اقليم كردستان العراق رعت اتفاق تفاهم بين القوى الكردية في سوريا، بموجبه تم تأطير هذه القوى في اطار موحد سٌمي ( الهيئة الكردية العليا)، والتي اتفقت على النأي بالكرد عن الحرب الأهلية الدائرة الآن بين المعارضة المسلحة والنظام والتركيز على تعزيز المكاسب الكردية على الأرض كما وان هناك اتصالات كردية عراقية مع حزب العمال الكردستاني بغية التحضير لمؤتمر قومي كردي شامل لبحث مستقبل الأمة الكردية في الشرق الأوسط.
وثمة حسابات داخلية تركية ايضا تتعلق بالقوة التنظيمية والعسكرية المتصاعدة لحزب العمال الكردستاني. ففي عهد حزب العدالة والتنمية الذي طرح شعارات مثل quot;الاخوة الإسلاميةquot; مع الكرد وحاول استغلال العامل الديني لاضعاف المطالب القومية الكردية، نجحت الحركة الكردية في تحقيق مكاسب سياسية كبيرة وquot;ابطال مفعولquot; الخطاب الديني للحزب التركي الحاكم: فمثلا ارتفع عدد البلديات التي ادارها الحزب الكردي من 56 في عام 2004 إلى 98 بلدية في عام 2009، بما فيها بلديات مدن كبيرة مثل quot;وانquot; وquot;سيرتquot; وquot;إيدرquot;. وفي الانتخابات البرلمانية نجح الكرد في زيادة عدد مقاعدهم من 20 إلى 36 أي بنسبة تزيد على 75%. وجاء هذا كله رغم طرح حزب العدالة والتنمية القضية الكردية على طاولة المفاوضات بين الحين والآخر، ولكن الثقة الكردية ظلت محجوبة عنه.
الآن، داخليا ايضا، يحاول رجب طيب اردوغان احداث quot;اختراقquot; في الملف الكردي لكي يحظى باجماع يؤهله الى الترشح للإنتخابات الرئاسية في عام 2014، وكذلك للحصول على اصوات كتلة حزب السلام والديمقراطية الكردي في مجلس النواب التركي لتمرير مسوّدة الدستور الجديد، والذي لن ينجح في تمريره في مجلس النواب لأنه يحتاج الى 367 صوتا، بينما حزبه لايملك سوى 325 نائبا. ومن المهم القول بان التصويت لن ينجح حتى لو انضمت إليه كتلة حزب السلام والديموقراطية، لكن رهان اردوغان هو أن يؤيد النواب الكرد، أو بعضهم، اقتراح تعديل الدستور في البرلمان ليحصل على الأقل على 330 صوتا وهو العدد الضروري لتحويل التعديل الدستوري إلى استفتاء شعبي، يعتقد اردوغان انه واثق بحصوله على تأييد غالبية الناخبين، وهكذا يمكن لأردوغان ان يضمن الرئاسة بعد التعديل الدستوري والبقاء 10 اعوام أخرى في حكم الدولة التركية بصلاحيات مطلقة تقيّد حتى صلاحيات رئيس الوزراء.
اذن هذه الحسابات الخارجية والداخلية هي التي تؤثر في quot;توجهquot; الحكومة التركية لطرح الملف الكردي مجددا للبحث، وارسال رجال الدولة الى جزيرة quot;ايمراليquot; للتفاوض مع الزعيم الكردي عبدالله أوجلان المسجون هناك منذ 1999. ومن المهم القول بان الحكومة التركية لم تغير كثيرا من وجهة نظرها حيال الملف الكردي. هي لم تطور تصورها القديم للقضية الكردية. فحزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان وغيره من المسؤولين مايزالون يتحدثون عن ضرورة quot;انهاء الإرهابquot; وquot;نزع سلاح المنظمة الانفصاليةquot; مشددين على quot;وحدة الأراضي التركيةquot; وعلى بقاء ثالوث quot;العلم الواحد واللغة الواحدة والوطن الواحدquot;. هذا هو الخطاب المطروح وأساس التفكير الرسمي، لكن ثمة quot;مرونةquot; في الخفاء وبعيدا عن الإعلام، لكي لا يتم quot;جرح الشعور القومي التركيquot; بذكر عبارات مثل quot;الحكم الذاتيquot; أو quot;الاعتراف باللغة الكرديةquot; أو حتى الحديث عن quot; تنازلات متبادلةquot;. وهذه quot;المرونةquot; يمكن اختصارها بموافقة الحكومة على توسيع صلاحيات المجالس المحلية وتسليم رئيس البلدية المنتخب صلاحيات القائمقام المعين من قبل الدولة، بالاضافة الى ايجاد صيغة دستورية لاعادة تعريف المواطن في الجمهورية التركية، بحيث تصبح تركيا quot;وطنا لجميع مواطني الجمهوريةquot; بدل التعريف القديم القائل quot;كل من يعيش على أرض الجمهورية هو تركيquot;.
الجانب الكردي لديه مطالب واضحة وهي الاعتراف بصيغة من الحكم الذاتي الموسع الصلاحيات والاعتراف الدستوري بالهوية الكردية، وقبول اللغة الكردية لغة رسمية في مناطق كردستان، والافراج عن كل المعتقلين السياسيين وهم بالآلاف، واطلاق سراح أوجلان، أو تحديد اقامته في منزل خارج السجن، على الأقل، ومن ثم اصدار عفو عام غير مشروط وضمان عودة كوادر الحزب الى مناطقهم ومشاركتهم في الحياة السياسية.
وكان أوجلان وفي وتصريحات سابقة رفض أن تسلم القوات الكردية سلاحها للدولة التركية، بل قال في عام 2009 بأنه يمكن تحويل هذه القوات الى quot;قوات شرطة تحافظ على الأمن في اقليم كردستانquot;. والحقيقة انه من الصعب أن يتخلى حزب العمال الكردستاني عن سلاحه أو ان يقبل بحل قواته، وهناك حل يمكن اللجوء اليه وهو ان quot;تفكquot; هذه القوات ارتباطها التنظيمي بحزب العمال الكردستاني وتقر بعائديتها لحزب الحياة الحرة الكردستاني مثلا، وهو الحزب الذي يناضل من أجل انتزاع حقوق اكراد إيران. بمعنى ان يقول هؤلاء انهم لن يتخلوا عن الكفاح المسلح طالما بقي الشعب الكردي محروما من حقوقه في جزء من أجزاء كردستان. هناك رفض استراتيجي كردي لاخلاء منطقة قنديل من القوات الكردية.
ويتبين أعلاه بان هناك فجوات كبيرة بين تصور كل من الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، ومن يراقب تصريحات أوجلان الأخيرة سيجد بانه مستعد للذهاب في المفاوضات لتحقيق مكاسب قد لاتبدو كبيرة الآن، ولكنه بخوض المفاوضات ينجح في كسر الجمود السياسي والحصار الذي فرضته عليه الحكومة التركية وحاولت من خلاله تهميش دوره، ويفتح قناة اتصال مع النواب الكرد ورفاقه في القيادة السياسية والعسكرية في أوروبا وجبال قنديل. ولم يصدر عن أوجلان أي تصريح يوحي بانه سيتنازل في المواضيع الاستراتيجية الكبرى كنزع السلاح او سحب القوات لخارج الحدود التركية، او الاتفاق على صيغة حل غير دستورية ولاتقوم على quot;الادارة الذاتية الديمقراطيةquot;، وهو المشروع الذي طرحه في كتاب (خارطة الطريق) الذي سلمه عام 2009 لمحاميه. الأرجح انه سيكون هناك وقف لاطلاق النار من جانب الكردستاني قريب كبديل للمطالب التركية بنزع السلاح والانسحاب من تركيا الى جبال قنديل.
وبحسب التسريبات التي رشحت من لقاء أوجلان الأخير مع نواب حزب السلام والديمقراطية، وبحسب تصريحات ولقاءات هؤلاء مع وسائل الإعلام الكردية والعالمية، فإن هناك طرحا متبادلا للمطالب ونقاش بين الجانبين حولها. فالجانب الكردي ينتظر من الحكومة التركية خطوات مثل: وقف العمليات العسكرية وقصف مناطق قنديل، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين الكرد ( بينهم 6 نواب والعشرات من رؤساء البلديات ومسئولي أفرع حزب السلام والديمقراطية) وتحسين ظروف سجن أوجلان. وهذه الأمور كلها مازالت قيد النظر لدى الحزب التركي الحاكم. لكن قد يكسر اعلان الكردستاني لوقف اطلاق النار الجمود الحالي ويشجع الحكومة لتنفيذ المطالب تلك، أو على الأقل بعضها. من المهم القول بان الثقة الكردية شبه معدومة بحزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان. فهذا الحزب صار يعد منذ احد عشر عاما بحل القضية الكردية ولكنه ينكص كل مرة، والخبرة الكردية معه سلبية. فالحركة السياسية الكردية تعلم بان المهم في حسابات الحزب التركي الحاكم هو كيفية الحاق الهزيمة العسكرية بقوات الكردستاني والهزيمة السياسية بالسلام والديمقراطية وquot;اعادة فتحquot; ولايات كردستان وانتزاعها من الحركة القومية الكردية.
الجانب الكردي متمثلا في أوجلان وقيادات الكردستاني في جبال قنديل والساسة الكرد في اوروبا يقدمون الآن تصورهم النهائي حول المطالب الكردية والخطوة التركية القادمة والتي يجب ان تحدث الاختراق وخطوة التقارب الأولى. ودون لجوء الحكومة التركية الى القيام بخطوة واضحة جريئة في الملف الكردي من الصعب الحديث عن تنازل كردي او خطوة مقابلة في التقارب.
مثلما قلنا سابقا فان هناك حسابات داخلية وخارجية هي التي تحرك الجانب التركي وتؤثر فيه. فلو حققت الحكومة التركية منذ استلامها الحكم في 2002 انتصارات عسكرية وسياسية على الكرد داخل تركيا، ولو كانت العلاقات مع سوريا كسابقاتها والاتصالات والتعاون قائما مع كل من ايران والعراق، لكن لأنقرة رأي آخر، ولما اضطرت الى ارسال وفودها الى quot;ايمراليquot; ولقاء اوجلان والتشاور معه من أجل ايجاد حل سلمي للقضية الكردية. هناك عوامل ومفاعيل كبيرة تحدد سياسة الحكومة التركية، والموقف الكردي قوي الآن، رغم كل حملات الاعتقالات والتضييق في الداخل والعمليات العسكرية في الخارج، ورغم تجنيد تركيا لبعض فصائل المعارضة السورية وامدادها بالسلاح والمال لاضعاف حزب الاتحاد الديمقراطي للتأثير في الكردستاني تاليا، الا ان الصدام مع الكرد سيكون مكلفا ومعيقا لخطط أردوغان في تشديد قبضته على السلطة في تركيا. ليس ثمة هناك جديّة او موقف اكثر جرأة من المواقف السابقة لحكومة العدالة والتنمية. هناك مناورة من أجل كسب الوقت لاعادة اوراقها. ولانعتقد انها ستتنازل في الملفات الكبرى كقبول الحكم الذاتي او الاعتراف الدستوري او اطلاق سراح اوجلان، على الأقل في هذه الظروف.
على الصعيد الداخلي التركي، فان الطرف الاكثر عداء لفكرة الحوار مع الحركة القومية الكردية هو حزب الحركة القومية المتطرف (MHP) والذي يعتمد في شعبيته على شحن الشارع بالافكار العنصرية، واللعب على الأوتار القومية المناهضة لكل العناصر غير التركية في الدولة. ومنذ الإعلان عن لقاءات رئيس الاستخبارات باوجلان في quot;ايمراليquot; بدء هذا الحزب وماكينته الاعلامية باتهام الحكومة بquot;الخيانة الوطنيةquot; وبquot;التفريط في السيادةquot; وquot;قبول تقسيم الوطن التركيquot;. وهناك ايضا حزب الشعب الجمهوري ( CHP) المعارض والذي يحاول الامساك بمنتصف العصا، حيث انه يرغب في استعادة مواقعه التي خسرها في ولايات كردستان نظرا لطرحه خطابا قوميا مناهضا للكرد، ولكنه يشدد على ضرورة ان تكون التسوية مع حزب العمال الكردستاني quot;ناجحةquot; ولاتؤثر في بنية الدولة التركية واساسياتها التي وضعها المؤسس الاول مصطفى كمال quot;اتاتوركquot;. هذا ناهيك عن المؤسسة العسكرية والعلمانية التي تحارب توجه الحكومة وسياستها كما تحارب الحركة القومية الكردية. بالتالي هناك رأي عام ضاغط على الحكومة يطالبها بعدم حل القضية الكردية ومواصلة التعامل العسكري والامني معها. ورغم ان الحكومة تمسك الآن بزمام المبادرة ولديها تفويض واسع من الشارع التركي، عبر الانتخابات الاخيرة، الا انها تخاف من أي يؤثر هذا الخطاب التخويني في اصوات القوميين الاتراك. لذلك فهي تطرح بين الحين والآخر تصريحات قاسية ضد الكرد حيث تصفهم بquot;الارهابquot; وتتحدث عن quot;انتصار تركياquot; وعن quot;سيادة الدولة وبقاء المرتكزات الاتاتوركيةquot;، وتاتي هذه التصريحات غالبا على لسان أردوغان نفسه، وهي حصرا لارضاء هذه الاطراف وسحب البساط من تحتها وتطمين الناخب القومي التركي.
في الحسابات الداخلية الكردية، تكاد تكون الساحة السياسية في تركيا مقتصرة على حزب العمال الكردستاني وحزب السلام والديمقراطية الذي يوصفه بانه الجناح السياسي للكردستاني. ثمة احزاب صغيرة لايؤثر رأيها وخطابها في الشارع الكردي كثيرا. هناك ميل الى السلام والى الحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية. هناك اجماع كردي على الالتفاف حول موقف اوجلان وحزب العمال الكردستاني: سلما أو حربا. لكن الاصوات الكردية سواء الحزبية او المثقفة المستقلة تطالب بسلام الشجعان، وبحل يرضي الشارع الكردي ويتلاءم مع التضحيات الكبيرة التي قدمها الكرد في تركيا في سبيل حقوقهم. هناك تركيز على الفيدرالية او الحكم الذاتي الموسع وعلى الاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية وضرورة اطلاق سراح اوجلان وكل المعتقلين السياسيين. لكن الاصوات المعارضة للسلام والحل التفاوضي تكاد تكون معدومة في وسط الحراك السياسي المقرب من حزب العمال الكردستاني.
وحين مناقشة كيفية سير عملية الحل وخطوات السلام، فمن المهم ان يكون الاتفاق برعاية دولية ويكون هناك طرف ثالث يضمنه. الجانب الكردي سيكون حذرا للغاية في التطبيق كما هو حذر الآن في الجوانب النظرية. مراد قره يلان القائد الكبير في حزب العمال الكردستاني تحدث عن امكانية نشوب نزاع عسكري اكبر في حالة فشال الاتفاق او لجوء الدولة التركية الى الغدر. كما اسلفنا فالثقة معدومة على ضوء التجارب السابقة. وفي كل الأحوال فلن ينفذ الجانب الكردي أي خطوات لسحب المقاتلين مالم تقابلها خطوات تركية مهمة لايمكن للحكومة التراجع بعدها، مثلا: الافراج عن آلاف السجناء بما فيهم النواب ورؤساء البلديات، او نقل أوجلان الى الاقامة خارج السجن. الحذر هو عنوان المرحلة الآن وقيادات حزب العمال الكردستاني في تصريحاتها تحذر من الافراط في التفاؤل.
اما في حال فشل المفاوضات فسوف يستكمل حزب العمال الكردستاني خططه الموضوعة للعام 2013 بدون تغيير. قد يلجأ في الصيف القادم الى شن سلسلة من الهجمات النوعية ضد القوات التركية في كردستان. سوف يٌظهر اقتدار قواته العسكرية مثلما فعل الصيف الماضي حينما شن حرب عصابات واستولى على مساحات كبيرة من ولايتي quot;جولمركquot; وquot;شرناخquot; بما في ذلك التلة الشهيرة التي جمعت رئيس الوزراء اردوغان برئيس اركان الحرب الكر باشبوغ عقب احدى عمليات الكردستاني النوعية. من النواحي الاستراتيجية العسكرية يشعر الكردستاني بانه مرتاح اكثر. فالكرد في سوريا عامل مهم ولديهم قوة مسلحة اكثر عددا من قوة الكردستاني نفسه. والعراق وايران لديهما مشاكل حقيقية مع تركيا. واقليم كردستان العراق يرفض الطلبات التركية المتكررة بحصار مناطق قنديل ومواجهة قوات الكردستاني، ويصر على الحوار والتفاوض طارحا نفسه كوسيط بين الكردستاني وانقرة. وفي الداخل سوف يحمّل الاكراد مسؤولية الفشل للحكومة التركية ولن يتقاربوا مع حزب العدالة والتنمية متسلحين بالتجارب السابقة، يساعدهم في ذلك حنقهم من تصريحات اردوغان ذات النبرة القومية التصعيدية تجاه حقوق القومية الكردية في البلاد.
الأرجح ان الجانب الكردي سيلجأ الى التصعيد العسكري والرد على سياسة الانكار التركية مستفيدا من الاوضاع الجديدة في المنطقة ومن تردي العلاقات التركية مع الجوار. حزب العمال الكردستاني سوف يعمل على تغيير المعادلة القائمة بشكل يتيح له فرض السلام على الدولة التركية. ولعل هذا كان المقصود من وراء تصريحات قره يلان حول امكانية اندلاع مواجهات شاملة في حال فشل مساعي الحل والسلام.
bavesilan@hotmailde