غريب هو ذلك التشابه الکبير الى درجة الفظاعة مابين مايجري اليوم مع إيران المرشد الخامنئي و بين الذي جرى مع إيران المرشد السابق الخميني، ذلك أن الاخير قد وضعه العالمquot;وقبل ذلك وضعه تعنته المبالغ فيهquot; أمام موقف قاده بالنتيجة للرضوخ رغم أنفه للإرادة الدولية عندما أعلن موافقته على قبول القرارquot;598quot; الصادر عن مجلس الامن الدولي و الخاص بوقف إطلاق النار بين العراق و إيران في الحرب الضروس التي دارت بين البلدين على مدار 8 أعوام و تلك العبارة التي الشهيرة التي أطلقها بتشبيه قبوله بالقرار بإجتراعه کأسا من السم، واليوم يعود العالم مجددا ليضع المرشد الذي خلف الخميني أم موقف مشابه تماما أي وضع کأس سم جديد لکن من نوع و طعم آخر أمامه، لکن مع ملاحظة ثمة نقطة حساسة و بالغة الخطورة و هي أن الخامنئي ليس أبدا کالخميني و لايمکنه أن يرقى الى مستوى تأثيره و قوة شخصيته.

الخميني الذي کان يصر على مواصلة الحرب و يرى فيهاquot;الخيرquot;لنظامه و يؤکد مرارا و تکرارا من أنهquot;لامعنى للصلح بين الاسلام و الکفرquot;، ورفض کل مبادرات السلام المطروحة على مختلف الاصعدة مصرا من انه سيحارب quot;حتى آخر بيت إيراني يقف على قدميهquot;، مطلقا شعاراته الغريبة و الملفتة للنظر نظيرquot;طريق القدس يمر عبر کربلاءquot;، لکن وفجأة أطل الخميني على العالم خانعا خاضعا منکسر الارادة و الخاطر وهو يعلن قبوله بالقرار و تجرعه کأس السم الذي لم يمهله طويلا.

خامنئي الذي أصر و يصر على الاستمرار في البرنامج النووي و ضرورة إکماله و عدم الرضوخ للمطالب المتکررة للمجتمع الدولي بهذا الخصوص، وبعد کلquot;التي و اللتياquot;، يقف اليوم أمام مفترق طرق تؤدي نهايات جميعها للهاوية من دون أي تغيير، حيث أن الاوضاع المختلفة المرتبطة بالنظام الايراني تتجه کلها للتأزم و التعقيد و تتسحب ليس زمام المبادرة فقط وانما تکاد أن تسحب البساط من تحت أقدام النظام وهو أمر بات قادة النظام يدرکونه جيدا و يسعون للبحث بجدية عن طرق حل للنفاذ بجلدهم من المصير الذي ينتظرهم بل وان موقف أحمدي نجاد الاخير الخاص بالدعوة لفتح حوار مع الولايات المتحدة الامريکية هو موقفquot;نوعيquot;من جانب وجه طالما عرفه العالم على أنه من صقور التشدد وهو يعکس حالة الخوف و الرعب التي بات النظام يعيشه، وهو موقف يمکن وصفه بأنه يعد للتضحية بالولي الفقيه في صالح بقاء النظام برمته، لکن وفي نفس الوقت لابد أيضا من الاشارة الى أن مجمل الاوضاع الوخيمة لإيران نجمت و تداعت کلها عن إصرار الخامنئي على السير في الطريق النووي وعدم إکتراثه بالنداءات و المطالب الدولية، والانکى من ذلك أن قادة النظام نفسه باتوا يشککون في قدرة المرشد على قيادة المرکب النووي بإتجاzwnj;ه شاطئ الامان مثلما يشکك قبل اولئك أحمدي نجاد بقدرة النظام في النجاة من دون المبادرة الى فتح باب حوار معquot;الشيطان الاکبرquot;، غير ان السؤال الاهم بهذا الخصوص هو: هل من الممکن أن يبادر الخامنئي الى إعلان قبوله بالمطالب الدولية و قيامه بشحن کافة معدات و متعلقات البرنامج النووي في سفنquot;کما فعل القذافيquot; و إرسالها الىquot;من يهمه الامرquot;؟ من المؤکد تماما أن الخامنئي ليس کالخميني إطلاقا خصوصا وان هناك ثمة ملاحظة هامة جدا تتجلى في أن مرجعان من أصل 17 مرجع إيراني يؤيدون الخامنئي و الخمسة عشر الاخرين ينئون بأنفسه جانبا عنه وهو أمر له معناه و دلالته الخاصة، کما أن مجرد إقدام أحمدي نجاد على الوقوف کند و غريم أمامه يؤکد بأن هيبة منصبquot;الولي الفقيهquot;قد تضعضت و إهتزت تماما، ومن هنا فإن مبادرته على قبول المبادرة الدولية ستکون فعلا بالنسبة له کإنتحار ليس سياسي و فکري فقط وانما قبل ذلك إنتحار فسيولوجي، ذلك أن قراره هذا سوف لن يفهمه و لايستوعبه و لايقبله الشعب الايراني الذي ذاق الامرين و کؤوس الذلة و الهوان على خلفية هذا البرنامج المثير للقلق و المتاعب وأنه ومثلما مزق صور هذا المرشد في إنتفاضة عام 2009، فمن المؤکد بأنهمquot;أي الشعب الايرانيquot; لن يقفون عند حد تمزيق الصور و إطلاق الشعارات وانما سيذهبون الى أبعد من ذلك بکثير جدا الاهم من ذلك أن هناك أنباء عن تأسيس نواة تشکيلات لجيش التحرير الوطني داخل إيران في عدة مناطق مما سيمنح للإنتفاضة الشعبية التي ستندلع بوجه النظام عمقا و بعدا بإمکانه أن يعجل ببلوغ الاهداف و الغايات في فترة زمنية قصيرة الى حد ما، وذلك مابات قادة النظام و على رأسهم الخامنئي بحد ذاته يدرکونه جيدا.

ماذا لو لم يبادر الخامنئي الى إعلان قبوله للمطالب الدولية؟ الحق انه سيکون بمثابة الاستمرار في تعميق الحفرة تحته و تجمع التراب حول الحفرة مما يمکن تشبيهه بقبرquot;وسيکون کذلك حتماquot;، وفي کل الاحوال نجد أن وضع مرشد النظام يشابه وضع ذلك الذي يخاطبونه بالمثل العراقي الشهير:quot;تريد أرنب خذ أرنبا، تريد غزالا خذ أرنباquot;، وقطعا أن هذا الارنب لن يکون کأرنب الخميني الذي سمح له بالعيش لفترة زمنية محددة بعد قبوله بالقرار مطلقا انه ارنب قاتل لن يمنح المجال للبقاء حيا ولو لأيام!!