شكل العام المنصرم عام التحولات الكبرى في المنطقة لا سيما في الدول التي شهدت أحداث عنف مسلح وما زالت عالقة في أتون الحرب التي يدفع ثمنها الانسان بشكل عام والسيدات والأطفال بشكل خاص، وعلى الرغم من المآسي المتكررة التي تلحق بالمرأة بوصفها quot;الحلقة الأضعف quot; فإن ثمة ما يوحي بالتفاؤل رغم محدودية مشاركتها الفاعلة في صناعة القرار المباشر بيد انها اثبتت حضورا لافتا في عملية الحراك الاجتماعي والسياسي على حد سواء.

أما في دول الخليج العربي فقد خطت السيدات خطوات مميزة في عمليات التمكين حيث فتح القرار الملكي السعودي بمنح المرأة حق الترشح لعضوية المجالس البلدية، مع ادخالها مجلس الشورى عضوا كامل العضوية، الباب على مصراعيه للمرأة لممارسة العمل السياسي، وكان بمثابة اعلان تاريخي في مسار الاصلاح.

وفي الامارات فقد اثبتت السيدات جدارتهن في معظم المراكز القيادية لا سيما في الوزارات كما قد تقدمت 65 سيدة للترشح من أصل 465 مرشحاً لعضوية المجلس الوطني أي بنسبة 14.25 % حيث أسفرت هذه الانتخابات عن انتخاب أول امرأة إماراتية لعضوية المجلس الوطني الاتحادي وهي الدكتورة أمل القبيسي، كما تم تعيين ثماني نساء أخريات من قبل حكام الإمارات في المجلس، حتى أصبح المجلس الوطني الاتحادي -في فصله التشريعي الرابع عشر- يضم في عضويته تسع نساء يمثلن نسبة 22.5 %من مجموع أعضاء المجلس.

اما في دول الربيع العربي فقد لاقت مبادرة الأمم المتحدة الانمائية في دعم العمليات الانتقالية تجاوبا نسائيا فاق التوقعات من خلال التدريبات الفنية في العمليات الانتخابية لا سيما في مصر وتونس وليبيا واليمن. كما استحقت اليمنية توكل كرمان عن جدارة جائزة نوبل للسلام.

وفي مقاربة سريعة يمكننا القول ان الحراك الذي تولد عن رفض هيمنة القمع لسنين طويلة واكبه ايضا نضوج لأداء السيدات اللواتي أصبحن يرفضن كل اختزال وبدت مواقفهن اكثر وضوحا حيال قضاياهن وهويتهن الانسانية، حيث ان العلاقة وثيقة بين العنف وتشكّل الهوية عند الفرد في عالمنا العربي، كون هذه الأخيرة تتأسس في مجتمعاتنا على مبدأ الهيمنة والسيطرة على من يُصنَّف أنه أضعف، ومبدأ الهيمنة هذا قائم على تحكّم من يمسك بزمام السلطة، الذين هم الذكور في واقعنا، و هم من يتحكمون في وسائل الإنتاج المادي والمعنوي، وهم من يحتكر عادة وسائل العنف المباشر والرمزي والمعنوي.

ولعل السيدات اكثر وعيا بمفهوم الحقوق المدنية كما يمتلكن المقدرة الفائقة على كسر الهيمنة بسلمية دون اللجوء الى العنف، انها المعادلة التي يعجز معظم الرجال عن حلها وهي انتصار للمحبة في وجه البندقية وإبداع للسلمية في قلب الآلام وكسر لدوائر الخوف في مجتمعات احترفت التشظي والقدرة على العطاء برغم شح الامكانات.

كاتبة لبنانية