تزامنت الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري لبعض دول الشرق الاوسط، بانعقاد مؤتمر منظمة الايباك 04.03.2013 وهي لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية من جماعات الضغط المؤثرة في الوسط السياسي الأميركي، وتأسست في خمسينات القرن الماضي، وهدفها تقوية العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وتتخذ من واشنطن مقرا لها. حيث وضع خطاب جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في مؤتمر الايباك هذا خلاصة الموقف الامريكي من الثورة السورية عندما يؤكد ان ما يهم امريكا أكثر من ذهاب نظام الأسد المجرم، حماية إسرائيل مما بعد الأسد، وعدم وصول الأسلحة لمنظمات قد تهدد إسرائيل أمثال جبهة النصرة، وتأمين سلامتها من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

هذه الجولة التي كثف فيها جون كيري ايضا الجانب الآخر من الموقف الامريكي في الدوحةquot; قال كيري -في مؤتمر صحفي مشترك مع الشيخ حمد بن جاسم في الدوحة بالدوحة اليوم- إن إعلان جنيف هو الحل بالنسبة للمعارضة والحكومة السورية. وأضاف quot;نحن واضحون، وكنا دوما واضحين، ثمة إطار أو سبيل لحل وتسوية سلمية في سوريا. وبإمكان الإيرانيين والروس دعم ذلك، وكذلك (الرئيس السوري) بشار الأسد. وهذا ما أشار إليه إعلان جنيف الذي نص على وجود حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية، ويتم اختيارها بموافقة جميع الأطراف. هذا يعني أن بإمكان الأسد اختيار من يمثله في هذه الحكومة على أن تختار المعارضة من يمثلهاquot;.

كيف يستطيع أي معارض قبول مثل هذا الطرح الامريكي؟ وعلى أي أساس؟
تبتعد امريكا عن الامم المتحدة عندما يتعلق الامر بمصالحها الدولية عموما وبإسرائيل خصوصا، ما لم تكن متأكدة من ميزان قوى لصالحها في كل مؤسسات هذه المنظمة الدولية، وتلجأ لاجتماعات دولية ليس لها الصفة القانونية الدولية، اتفاقيات السلام الاسرائيلية الفلسطينية، اجتماعات تحرير العراق من صدام حسين، اتفاق دايتون بخصوص البلقان، وآخرها جنيف بخصوص سورية، وكلها تمت دون اي حضور للامم المتحدة ومؤسساتها. لهذا يحاول الامريكان الاستفادة من الموقف الروسي وبعدم الضغط عليه كي تبقى الامور خارج نطاق الامم المتحدة، بالتاكيد امريكا ليست كلية القدرة، لكنها في هذا الملف لو ارادت لأدخلته اروقة الامم المتحدة، خاصة ان هنالك قرارا من الجمعية العامة للامم المتحدة، بتاريخ 04.08.2012 وقد اقرته بأغلبية 133 صوتا ومعارضة 13 صوتا فيما امتنعت 33 دولة عن التصويت، يدين استخدام الحكومة السورية الاسلحة الثقيلة وينتقد عجز مجلس الامن عن التحرك في اطار الازمة الجارية في البلاد.

والعصابة الأسدية تستخدم الاسلحة الثقيلة والبالستية الآن ضد شعبنا، ماذا فعل قرار الامم المتحدة غير الملزم؟
جون كيري يرى بامكانية مشاركة ايران وروسيا وبشار الاسد، في دعم تنفيذ اتفاق جنيف..كيف لبشار الأسد الذي قتل ماقتل ودمر ما دمر وشرد ما شرد من شعبنا ومن بلدنا، أن يدعم مثل هكذا اتفاق إن لم ير مصلحته فيه؟ ولن نتحدث عن روسيا لكن جميع دول العالم تعرف ان إيران شريكة علنية في الجريمة، وليس لديها مشروع سياسي غير استمرار العصابة الأسدية كما هي، حتى حلفاء إيران ميشيل عون كما حزب الله كما نوري المالكي وهي بالمجموع مكونات سياسية طائفية، تخضع للمشروع الايراني من جهة أخرى. جميع هؤلاء يعرفون جوهر الموقفين الاسرائيلي والامريكي الذي في عمقه شكل ويشكل غطاء دوليا للعصابة الأسدية...الامريكان الآن ووفقا لرؤية كيري يريدون أن يتدخلوا بشكل سافر في قضية تسليح الجيش الحر والضغط عليه، من أجل إما فرض جنيف كما يرونه هم!!وفرض جنيف يستوجب من وجهة نظر امريكية الابقاء على ما يسمى حالة توازن الرعب بالنسبة للعصابة الأسدية وللثورة معا..لهذا المعركة في حمص ودرعا لم ولن تنتهي...إن رفضت المعارضة الحل السياسي يستمرون في تغطية العصابة الأسدية دوليا، ضمن ما اسميناه سابقا الاستراتيجية الامريكية المفتوحة على كافة الاحتمالات والتطورات الجارية للتعامل معها. بعد كل هذا عن أي حل سياسي يتحدثون وهم لم يطلبوا من العصابة الأسدية وقف العنف ولم يطلبوا من روسيا وقف تصدير الاسلحة بكل انواعها للعصابة الأسدية!!هنا لابد من تذكير المعارضة أن أمريكا لاتقبل أية ضمانات من المعارضة السورية بخصوص ما تسميه امن إسرائيل لأنها لا تريدها اصلا!!

وأمريكا أيضا تدرك وتعرف اكثر من كثر يدعون المعارضة أن سورية مهما حاولوا وطبلوا وزمروا، لن يحكمها اسلاما أصوليا يشكل خطرا على إسرائيل!! وبالمقابل يدركون أن إسرائيل ليست في خطر من سورية.. بل جل ما تريده إسرائيل إما نظاما كالعصابة الأسدية أو سورية مدمرة عبر حرب أهلية طويلة المدى كما جرى في لبنان، وخير من يحقق لها هذه الامور هي العصابة الأسدية..وهنا نجد عمق الموقف الامريكي، وأمريكا لن توافق على أي حل سياسي تطرحه المعارضة وفقا لهذا السياق الأسد ليس طرفا فيه!! حتى وإن كانوا لا يريدونه، لانهم كان بامكانهم دعم الثورة دون تدخل وحسم ميزان القوى قبل حتى ان تظهر جبهة النصرة، لا بل هم ساعدوا وساهموا بظهورها، ولم يدعموا التيارات المدنية والليبرالية سياسيا، ولا حتى دعم مؤسسات الجيش الحر غير المتشددة بأي نوع من انواع الدعم وهي الأكثرية الكاسحة؟ في ظل هذه الاجواء المريبة وضوحا عن أي حل سياسي يتحدثون؟ ومن الادلة الفاضحة أن الولايات المتحدة ترفض مع قسم كبير من دول اوروبا، المساس القانوني بالعصابة الأسدية، وكما قلنا من قبل موقفها الرافض واللامبالي عمليا من مبادرة سويسرا في احالة هذه العصابة لمحكمة الجنايات الدولية... مادام للعصابة غطاء قانونيا بالنسبة لأمريكا فإنها تريدها جزء من المستقبل السوري أقله الانتقالي...ولننتظر وفد الائتلاف بعد عودته من أمريكا لنر إن كان هنالك جديدا؟