التحذير الاخير الذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي بشأن الاحتمالات المترتبة على سقوط النظام السوري و التي اوجزها في إندلاع فتنة طائفية في سوريا و العراق و وقوع حرب أهلية في لبنان، هو في الواقع السيناريوهاتquot;المؤجلةquot; من جانب طهران لدول محددة في المنطقة و هي بمثابة رسائل لکل من يعنيه الامر من قريب او بعيد.
المالکي المحسوب على النظام الايراني و الذي تربطه علاقة شبه استراتيجية به، يقود منذ فترة حملة من أجل تخفيف حدة المواقفquot;المعاديةquot;للنظام السوري و التي لاترضى ببديل عن إسقاطه او تغييره، لکن حملته ليست من النوع الذي يستجدي او يتوسل من أجل حلول أخرى وانما تعتمد و وفق اسلوب هادئ جدا على رکائز تستند الىquot;تهديداتquot;ضمنية من مغبة اسقاط النظام او تغييره دون إرادته و مشيئته، وقد باتت الوسائل الاعلامية تتناقل تفاصيل و جوانب هذه الحملة و تسلط عليها الاضواء بالشکل الذي يمنح ثمة مصداقية للسيناريوهات الواردة فيها.
تلبد الاجواء في لبنان عقب التصريحات المتبادلة بين الشيخ احمد الاسير و حزب الله البناني، والحادثة التي وقعت لسعد الحريري و مجريات أمور و سياقات ذات صلة أخرى، تسعى لإعطاء حملة المالکيquot;عمقquot;مصداقي ان صح التعبير، لکي يتم حملquot;التهديدات الضمنيةquot;على محمل الجد، والشروع في الاعداد للاتصالات و التنسيق من أجل وضع لبنات سيناريو سياسي جديد يکون بقاء النظام السوري أحد نقاطها الاساسية، وهو أمر يبدو واضحا من أن ليست الاطراف السورية المعارضة للنظام ترفضه فقط وانما هناك أيضا دولا في المنطقة أيضا ترفض المساومة على بقاء نظام الاسد.
فشل محادثات کازاخستان و عدم خروجها وکما کان متوقعا بأية نتيجة، والانتقادات اللاذعة الموجهة للمالکي بشأن عدم جديته في تفتيش الطائرات الايرانية المتوجهة الى سوريا، قضيتان تدفعان للإستعجال أکثر في حملة المالکي و العمل من أجل أن تؤدي الاغراض و الاهداف المرجوة من وراءها، ذلك ان هناك تقارير تؤکد بأن الدول الغربية تزمع في تصعيد حصارها الاقتصادي المضروب على النظام الايراني لکي يکون کاملا بالمرة مثلما أن هناك تقارير أخرى تتحدث عن نية دولية لعمليةquot;جر اذنquot;للمالکي کي لايبالغ بلهاثه خلف النظام الايراني و يضع المطرقة الدولية في حساباته المستقبلية خصوصا وان هناك العديد من الاوراق بيد اطرافا دولية من الممکن إثارتها بوجه المالکي و وضعه في زاوية حرجة قد لايستطيع الخروج منها بکاملquot;لياقته السياسيةquot;، وان الغزلquot;الکريهquot;الذي يجري حاليا بينه و بين رئيس الاقليم مسعود البارزاني خلف الکواليس و الذي يعکس فشلا و إخفاقا ذريعا للطرفين على حد سواء ولاسيما للبارزاني بصورة خاصة، هو جهد آخر مبذول من جانب النظام الايراني من أجل منح المالکي دفعة قوية للأمام کي يکون بإمکانه مواجهة العاصفة و تداعياتها، مثلما تعطيه زخما أکبر لتصريحاته و مواقفه السياسية و من ضمنها بل وعلى رأسها هذه الحملةquot;غير المبارکةquot;لنصرة واحد من أکثر النظم الاستبدادية قذارة و ظلما و إجراما.
حملة المالکي لمناصرة نظام الجريمة و القمع في دمشق و تبرير بقاءه، هي حملة مشبوهة من ألفها الى يائها وهي کلمة باطلة يراد بها باطل و ضلالة ليسها بعدها من ضلالة، وان سقوط نظام بشار الاسد الذي صار في محنته الحالية أشبه مايکون بدمية للنظام الايراني سوف لن يقود و بأي شکل من الاشکال الى تلك السيناريوهاتquot;العمائميةquot;الشيطانية ذلك أن سقوط النظام السوري ان مهد لشئ فإنما يمهد لسقوط النظام الايراني و إجتثاث أذياله هنا و هناك فقط!