اذا كانت أي أزمة حكومية تأخذ شهراً في دولة ما، فأن نفس الأزمة تأخذ على الاقل عشر سنين في العراق. في دولة هزيلة ونظام سياسي يعلوه الفساد الأداري والفكري، فأنَ حصيلته لأهل العراق مزيداً من الأسى والحزن وضياع الهدف والغرض بين مخالب القطط التي تدعي المعرفة السياسية والأدارة الوطنية. والشهر الماضي شباط - فبراير، لدورة الأزمات وأختلاقها ليس بجديد و يعود الى الواجهة برتوش لصور قديمة.
في بغداد اليوم 26 شباط فبراير، أعلنَ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أنه ( يعّدُ رفع دعاوى قضائية ضد قادة المحتجين في محافظات غربية وشمالية خلال اليومين المقبلين بتهمة تأجيجهم الطائفية وتعريض السلم المجتمعي للخطر، بينما حذرت القائمة العراقية بزعامة علاوي من مخاطر فتنة طائفية تواجهها البلاد).
لنتوقف عند هذا الحد دون أقتباس المزيد من المهاترات التي بدأت بعد ألأنتخابات العامة عام 2009 وقبلها، ونسأل أنفسنا : أما من نهاية لهذه الأزمات المصطنعة المستهجنة من أهل العراق ؟ نسأل أنفسنا هذا السؤال لأننا لم نُعد نفرق بين خدم النظام القديم و خدم النظام الجديد.
الذين أنتموا قلباً وروحاً وفكراً الى رموز الطائفية والعنصرية القومية و نفاق الأسلام السياسي المتطرف قلباً وروحاً وفكراً، والمستمدين ثقافتهم من آيات قرآنية وأبيات شعرية وقوات عشائرية مسلحة و يحكمون العراق بالحديد والدم، لم يعد في أستطاعتهم أيجاد صيغة تفسر لنا التهديد و الوعد والوعيد والأبتزاز والأرهاب اليومي والأغتيالات وقتل قوات الأمن والشرطة وتفجير السيارات المفخخة وسرقة أموال الدولة بحجة دراسة الميزانية ؟ لايمكن لأي أنسان تصديق من يدعي الحريص على أهل العراق ووحدته من الشركاء الحقيقيين في العملية السياسية ( حزب الدعوة والقائمة العراقية والتيار الصدري والمجلس الإسلامي الأعلى والتحالف الكردستاني والائتلاف الوطني العراقي) لكونهم لايرون ذلك الارهاب اليومي والأزمات المفتعلة التي أدخلونا فيها.
قادة القائمة العراقية درسوا خلال اجتماع موسع في بغداد يوم 26 شباط فبراير 2013 وأكدوا على (حرصهم على استمرار التواصل والتنسيق مع كل الشركاء الحقيقيين في العملية السياسية، والعمل سوية لوضع حد للنهج الدكتاتوري والتفردي في إدارة البلاد). وملاحظتي هنا هي أني أرى كمراقب حرصهم على مصالحهم الخاصة ورواتبهم وأمتيازاتهم وتسلطهم على رقاب أهل العراق. وهو المقصود بالتواصل والتنسيق. فالمهزلة التي تستحق التعليق هي quot;أستمرارهم التواصل والتنسيق مع الشركاء الحقيقيين quot; بعد 10 سنين من النهب والسرقة والخديعة والأتهامات المتبادلة بالعمالة والخيانة بالاضافة الى الألتفاف على أسس الديمقراطية المنشودة وطموح شعب العراق لها.
في الجانب الآخر، فأن أحد نواب الدعوة اشار الى quot; أن القضاء العراقي سيقول كلمته الفصل لحسم وإسكات تلك الافواه التي لا تريد للعراق النهوض وترغب من خلال شعاراتها الطائفية في إعادة العراق الى المربع الاول والاحتراب الداخلي تنفيذا لرغبات وأجندات خارجية لا تريد الاستقرار للعراق ولتجربته الديمقراطية النجاحquot; على حد قوله. وأوضح بالقول quot;هناك شخصيات سياسية وعشائرية تعمل وفق أجندات مشبوهة مدفوعة الثمن من جهات خارجية تعمل مستغلة التظاهرات لزرع الفتنة الطائفية وتقسيم العراق في مسعى منها لاسقاط الدولة العراقية quot;، وهو المسلك الذي سينتهجه رئيس الوزراء وفق القانون والدستور quot;
فأذا كان كل quot; الشركاء الحقيقيين quot; متهمون بالعمالة والخديعة، فلماذا يتم التنسيق معهم وبينهم بعد كل هذه السنين؟
باحث وكاتب سياسي
التعليقات