نقلت وكالات الأنباء عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قوله انه quot;لن يسمح للكرد في شمال سوريا بالانفصالquot;!. وان quot;أي كيان مشابه لكيان اقليم كردستان العراق مرفوضquot;، مهددا بالتدخل العسكري. من المهم القول بان تصريحات أردوغان هذه تأتي لتأليب العرب على الكرد والإيحاء بان الشعب الكردي في وارد الانفصال وتشكيل quot;اقليم مستقلquot; قائم على التصفية العرقية. انها محاولة أخرى لبث الفتنة ونشر المزيد من الكراهية بين الفئات العرقية والدينية في منطقة الجزيرة السورية، وهو دأب الحكومة التركية منذ فكها quot;الشراكة الاستراتيجيةquot; مع النظام السوري ورهانها على تنظيم quot;الاخوان المسلمينquot; المتحكم في المعارضة المسلحة. ثمة، كذلك، سبب آخر يكمن وراء كلام أردوغان، وهو فشل المجموعات المسلحة القريبة من تنظيم quot;القاعدةquot;، والتي كانت قد ارسلتها استخباراته لاحتلال منطقة الجزيرة والسيطرة على حقول النفط، وتركيع الشعب الكردي وضربه بأبناء المنطقة من العرب وبقية المكونات. تلك المجموعات فشلت في احداث الإختراق المأمول في مدينة quot;رأس العين/سري كانيهquot; بعد اصطدامها بمقاومة ( وحدات الحماية الشعبية) التابعة للهيئة الكردية العليا، واجبارها على توقيع اتفاق ارتضت بموجبه الاقرار بسلطة الوحدات الكردية المقاتلة، والانسحاب من المدينة واعتبار مدن الجزيرة مدنا quot;محررةquot; من قوات النظام السوري!. الآن ثمة اتجاه تركي آخر وهو اللجوء إلى تخريب الاتفاق وبث تصريحات الكراهية والحقد. الاستخبارات التركية بدأت بتحريك أدواتها في منطقة الجزيرة السورية. رفضت ماتسمى بquot;جبهة تحرير الجزيرة والفراتquot;، والتي تأسست في تركيا، الاتفاق الذي وقعه رئيس المجلس العسكري في quot;الجيش السوري الحرquot; مع الوحدات الكردية. وتقول المصادر بان الحكومة التركية كانت قد خصصت 100 مليون دولار كميزانية لهذه quot;الجبهةquot; والمجموعات العسكرية التابعة لها من أجل احتلال منطقة الجزيرة والوصول الى منابع النفط في بلدة quot;رميلانquot; من اجل نهبه إلى تركيا، كما فعلت مع صوامع quot;رأس العين/سري كانيهquot; ومبقرة بلدة quot;تل تمرquot;. وبسبب الخلافات بين اعضاء هذه quot;الجبهةquot; على كيفية توزيع الأموال، حدث انشقاق مؤخرا، وتم استبعاد احد ابرز وجوه quot;الجبهةquot; بسبب فشله في ترجمة وعوده بمحاربة الكرد والتمدد في منطقة الجزيرة. ولم تكن quot;جبهة تحرير الجزيرة والفراتquot; هي الوحيدة من رفضت الاتفاق، فقد حذا اللواء سليم ادريس رئيس اركان quot;الجيش السوري الحرquot; حذوها، مهددا الكرد في بيان له، بالزحف على مناطقهم، ومطالبا شاباتهم وشبابهم بالانتقال الى quot;جبال قنديلquot; وquot;اقليم كردستان العراقquot;!. طبعا الأوامر التركية كانت وراء تصريح ادريس هذا. المعارض السوري ميشيل كيلو الذي ترأس لجنة المصالحة إلى مدينة quot;رأس العين/سري كانيهquot;، والمكلفة بوقف القتال بين الاطراف المختلفة، كتب حول التغيير الكبير الذي quot;طرأquot; على موقف رئيس أركان quot;الجيش السوري الحرquot; قائلا: quot;وكنت قد ابلغت اللواء سليم ادريس، رئيس اركان القيادة المشتركة، هاتفيا بمشروع اللجنة ن فباركه وقال إن انجاز اتفاق سيكون ضربة quot;للمجرم بشار الأسدquot;، الذي يفتعل قتالا بين أخوة هم العرب والكرد، وأن وقف القتال سيكون بمثابة إفشال للمخططات المعادية للثورة وسيلقى القبول من الجيش الحر... الخ. لم تنص الاتفاقية على وقف القتال وحده، بل نصت على تحقيق مصالحة عامة في منطقة الجزيرة بأسرها، ومع انها بقيت في الإطار الأمني والمحلي، فإنها حققت الشروط الملائمة لحماية الوحدة الوطنية. لكنني فوجئت قبل أيام بصديق يقول لي إن الأتراك شنوا حملة صحافية شعواء ضد الاتفاق، وإن اللواء محرج، بعد ان لفتوا نظره إلى أن الجيش الحر عقد اتفاقا مع طرف معاد لتركيا، الحليفة لهquot;. وهذا الرأي الصادر عن كيلو يوضح مدى الضغط التركي الحاصل على quot;الجيش الحرquot; وquot;الائتلاف الوطنيquot; ومدى ارتهان هذين الاخيرين لأنقرة ولأوامرها ونواياهما الغادرة تجاه الكرد، وأخيرا مدى جديّة السلطات التركية في مواصلة سياسة ضرب المكونات السورية ببعضها البعض، ومحاولة خلق نزاع أهلي بين الكرد والعرب، واحداث اكبر قدر ممكن من الاحقاد والخراب في مناطق الجزيرة السورية. الماكينة الإعلامية التركية ومنذ فشل quot;حزمة الإصلاحاتquot; التي قدمها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو للرئيس السوري بشار الأسد، لانقاذ نظامه من مصير مشابه لمصير النظام الليبي، وهي تهاجم الشعب الكردي وتعمل على تصويره وكأنه quot;موال للنظامquot; وquot;معارض لمطاليب الشعب السوريquot; و أخيراquot; انفصاليquot; يريد quot;بناء دولة كردية في شمال سورياquot;!. ومازالت الدعاية التركية مستمرة، وقد انضم اليها بعض اطراف المعارضة المٌسيرة من أنقرة والممولة منها. الكرد في محافظة الحسكة لايريدون الانفصال ولايريدون ابعاد أي مكون آخر، لكنهم يريدون الاعتراف بحقوقهم وادارة المناطق التي يعيشون فيها جنبا بجنب مع بقية المكونات وبنسب تعكس التعداد السكاني لكل مكون. واكبر دليل على هذا التوجه هو تشكيل المجلسين المدنيين في كل من بلدتي quot;رأس العين/سري كانيهquot; و quot;تربه سبي/القحطانيةquot;، حيث كان التمثيل الكردي والعربي متقاربا تماما، وكان الآثوريون أيضا ممثلين. ثمة أمر آخر وهو أن تركيا تحاول الآن التضييق على الشعب الكردي في سوريا والحاق الأذى به، حيث تعتبر ذلك ورقة تفاوض في يدها ومكسبا أمام حزب العمال الكردستاني، والذي تنخرط معه أنقرة الآن في مباحثات ومفاوضات من أجل ايجاد حل سياسي للقضية الكردية في تركيا نفسها. وعليه فعلى المعارضة السورية أن ترفض هذه السياسة والا تتحول إلى ورقة تفاوض ومساومة بيد الأتراك مقابل الحركة التحررية الكردستانية. من المهم أن يرفض كل من quot;الائتلاف الوطنيquot; وquot;الجيش الحرquot; الإملاءات التركية وأن يٌعبرا عن الإستقلالية في القرار والارادة في مواجهة الأوامر الصادرة من حكومة حزب العدالة والتنمية. من يصف نفسه بالثائر عليه أن يكون مستقلا غير تابع. أما في حالة اصرار بعض اطراف المعارضة من التي قبضت الأموال والأسلحة من تركيا وتوجهت إلى مناطق الجزيرة بغرض النيل من الكرد وتخريب مناطقهم، فأن الخيار الكردي واضح وهو المقاومة الشاملة وبكل شراسة. ومن المفيد هنا اعادة الرأي/المسلمّة التي قلناها قبل عامين من الآن: قوى الأمة الكردية لن تترك الكرد في سوريا فريسة لأنقرة والمجموعات المسلحة التابعة لها لكي تنفرد بهم، ولعل تدريب وتجهيز( وحدات الحماية الشعبية) والتفاف كل الأحزاب والقوى الكردية حولها( والأغلبية الساحقة من الآثوريين المسيحيين الرافضين لquot;القاعدةquot; وعشائر عربية مهمة في المحافظة ترفض هيمنة تركيا ونفوذ الموالين لها) واعتبارها لهذه القوات السد الحصين أمام نشر الفوضى والخراب في المنطقة وتصديها للمجموعات المرتبطة بquot;القاعدةquot; وبتركيا، يوحي بمدى فداحة السيناريو التركي وبمدى الخطأ الكبير الذي يرتكبه هؤلاء وكل من قبل على نفسه أن يتحول إلى ادة طيّعة في هذا السيناريو...
- آخر تحديث :
التعليقات