تعكس مساعي ايران المحمومة لامتلاك السلاح النووي وتدخلها السافر في شوؤن الدول لاسيما المجاورة ودول النطاق الاقليمي ونشر الفوضى والفرقة بين شعوبها وخلق الازمات لها فضلا عن امساكها بخيوط ملفات كثير من المنظمات المتطرفة والارهابية في انحاء مختلفة من العالم، تعكس رغبتها في لعب دور عالمي مؤثر في مسار الاحداث الدولية المعاصرة الى جانب القوى الدولية الكبرى.
ومن الواضح ان ايران تعتبر تبوأها لمكانة مرموقة بين الدول العظمى بمثابة حق مكتسب، مستمد من ارثها الحضاري للامبراطورية الفارسية التي كانت احدى القوتين المتحكمتين والمسيطرتين على الامم والاقوام الى جانب الامبراطورية الرومانية في فترات التأريخ القديمة الى ما قبل ظهور وانتشار الاسلام.
يغيب عن بال صناع القرار في طهران ان معايير وشروط الهيمنة والانضمام الى نادي الدول الكبرى قد تغير، فلم يعد كافيا توفر شرط القوة بمفهومها العسكري الى جانب الرغبة في السيطرة على الاخرين كما كان سائدا قديما، بل لا بد من توفر معايير اخرى كالقوة الاقتصادية والتكنلوجية والحضارية.
يؤكد خبراء الستراتيجيات العسكرية ان امتلاك السلاح النووي لم يعد ميزة للدول، فهو لايعدو عن كونه سلاحا رادعا، فقوة الدول تكمن في قدرة منشآتها العسكرية على امتصاص الضربة العسكرية الاولى ومن ثم توجيه ضربات اشد قوة للخصوم.
هذا يعني ان على طهران ان لا تعول كثيرا على السلاح النووي لفرض ارادتها على القوى الكبرى والقبول بها كقوة دولية من باب التسليم للامر الواقع، ومن المفيد هنا الاشارة الى ان دولا كالهند وباكستان وكوريا الشمالية تمتلك سلاحا نوويا منذ عقود، غير انها ليست سوى ارقام بسيطة في تعداد دول العالم!
اما حديث المسؤوليين العسكريين الايرانيين عن تحقيق انجازات على صعيد الصناعة العسكرية، فهي قائمة في الاساس على تطوير بعض انواع الاسلحة الروسية، وفي الغالب، لا يخرج الموضوع برمته عن اطار الدعاية الاعلامية كما يؤكد الخبراء، ومثال ذلك ما اعلنته المؤسسة العسكرية الايرانية مؤخرا عن تصنيع طائرة عسكرية quot;متطورة جداquot; واتضح فيما بعد انها عبارة عن مجسم ورقي او صورة من الفوتوشوب!
في الجانب الاقتصادي، تبدو ايران اضعف من اي وقت مضى بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها. فالاقتصاد الايراني يعتمد بشكل كبير على الصناعة النفطية كحال غيرها من الدول النامية، وقدراتها الانتاجية والتنافسية في الصناعات الاخرى لا سيما التكنلوجية المتطورة تكاد تكون معدومة!
حضاريا ويقصد به المنظومة القيمية والاخلاقية والقانونية والثقافية ومعايير السلوك الانساني، مالذي يمكن ان تقدمه طهران على هذا المستوى؟
ان النظر الى الداخل الايراني، يبين حجم المشاكل التي تنازع النظام وطبيعة علاقته بمواطنية القائمة على الخوف وانعدام الثقة. وسجل نظام الولي الفقيه في مجال الحريات وحقوق الانسان واحترام القانون والتنوع الثقافي والديني سيء جدا. وفاقد الشيء لا يعطيه. لذا اصبح من الطبيعي ان تعج عواصم الدول الغربية باعداد كبيرة من الايرانيين الفارين من قمع نظام طهران.
وتبدو ايران حتى على الصعيد الديني، عاجزة عن كسب ثقة الغالبية العظمى من شركائها من الشعوب والدول الاسلامية وغير قادرة على التواصل معهم بما يضمن لها ثقلا اسلاميا وعالميا لسببين:
الاول: ان الامة الفارسية، امة عنيدة وشديدة التعصب لذاتها وثقافتها، ورفضها لكل ماهو خارجي.
الثاني: وهو نتيجة للسبب الاول، فقد تعامل الفرس مع الاسلام وفقا لمنظورهم وجرى اعادة انتاج وصياغة الاسلام بما يتفق مع اهواءهم وقيمهم وثقافتهم وليس بما يتفق مع اسلام الوحي، فحرصت على تبني التشيع كمسار خاص بها داخل الاسلام، وضعت ملامحه وثوابته وادواته وغاياته وحاولت فرضه على العالم الاسلامي لتحقيق تبعية الشعوب الاسلامية لها.
يكشف افتقار نظام طهران لمتطلبات التحول الى لاعب اساسي في السياسة الدولية والمساهمة في صناعة القرار العالمي، اسباب سلوك ايران العداوني تجاه محيطها الاقليمي والدولي وتهديدها للسلم والاستقرار العالميين، فصناعة الفوضى والتخريب اسهل بكثير من عملية البناء والابداع، لذا تراها متواجدة في اغلب بقاع الارض لاسيما مناطق التوتر العالمي.
ويصح القول: حيثما وجدت الاضطرابات وجدت ايران، هي موجودة في العراق وفي سوريا ولبنان واليمن والبحرين، وتهدد امن باقي دول الخليج فضلا عن نشاط مخابراتها واجهزتها الامنية في اواسط اسيا. هي متواجدة في السودان وغيرها من الدول الافريقية. كما تملك نشاطا مخابراتيا غير عادي في المكسيك وفي قارة امريكا الجنوبية الى جانب علاقاتها بعصابات المافيا وتجار المخدرات في تلك الدول فضلا عن مسؤوليتها عن بعض الاعتداءات التي وقعت في الارجنتين والولايات المتحدة الامريكية واوربا، ليس هذا فحسب، بل تطالب quot;بحقهاquot; في التواجد في القطب الجنوبي كما صرح به احد قادتها العسكريين مؤخرا!
ايران فاقت بعدد اذرعها الممتدة في كل مكان من العالم، اذرع الاخطبوط البحري الذي يتميز باذرعه الثمان، لتبدو كمخلوق خرافي اعتدنا على مشاهدته في افلام الرعب المنتجة في هوليوود، برأس ومئات الاذرع الممتدة الى ما لانهاية!
نعم، من حق ايران ان تحلم بدور عالمي والجلوس الى جانب الدول الكبرى لرسم الاحداث الدولية ورسم مستقبل العالم غير ان واقعها وامكانياتها لا تساعدانها، وعزاءها انها تتزعم معكسر الشر العالمي.
- آخر تحديث :
التعليقات