لاأظنُ أن بمقدور أي شخص معرفة متى تُغلق أبواب الأرهاب في العراق. وقد يلاحظ المتابع لكتاباتي المنشورة في أيلاف شدة لهجتي في الأشهر الأخيرة في متابعة موضوع شخصيات الأرهاب الداخلي في العراق بعد الفشل التام الذي أصاب الأجهزة الأمنية والأستخبارية وتسيب سياسيي الدين والدنيا في حماية أهل العراق من التفجيرات والأرهاب اليومي وأصطناعهم أزمات أستهجنها أهل العراق، وتحولت شخصيات عراقية عديدة بمرور الوقت الى مافيا ألأرهاب الدموي في حماية من لا يحتاج الى حماية وأهمال من هم في أمس الحاجة اليه.

وكمراقب، أرى أن أبواب الأرهاب العراقي الداخلي لم تُغلق نهائياً بعد، ولم يقدم أي مسؤول في السلطة السياسية الحالية ( وأعني أيّ مسؤول) أي حلول حقيقية لمكافحته والأصطدام الحاد بشخوصه وتمكين زمره التي تطوف شوارع العراق بحرية مع عصاباتهم من دول الجوار، ولم يستطع أي مسؤول أقناعنا quot;كشعب quot; بجدية الحكومة في قلع جذوره وتعميم ثقافة تربوية لحب العراق ومجده. فمن يحاسب من ؟ ومن يمتحن أرادة الأخر؟

لنبدأ معكم بهذين الخبرين الذي نأمل أن نفهم مغزاهما لأحداث الأرهاب الداخلي الذي لم تغلق أبوابه بعد. مسلحو القاعدة في الأنبار يهاجمون قافلة عراقية كانت تقل تنقل عشرات الجنود السوريين الذي لجأوا خلال الأيام الماضية إلى العراق بعد سقوط مراكزهم في منطقة اليعربية للرجوع إلى سوريا عبر منفذ الوليد في الأنبار حيث وقع الاعتداء في قضاء الرطبة بمحافظة الأنبار العراقية الغربية وقتل في الهجوم أكثر من 50 جنديا سوريا و10 جنود عراقيين.

والخبر الأخر، رئيس التيار الوطني الحر في حديثه لـ quot;السومرية نيوزquot;، في كركوك، يوم السبت 2 آذار 2013، دعا رئيس البرلمان أسامة النجيفي إلى الاقتداء بوزير المالية رافع العيساوي وتقديم استقالته استجابة quot;لمطالب الجماهير quot;. وزير المالية الذي استمع لمطالب المتظاهرين في الرمادي وطالبوه بالأستقالة أعلنَ عن أستقالته من منصبه أبتداءاً من يوم الجمعة 1 آذار 2013.
أِلا أن مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن في اليوم نفسه بأن رئيس الحكومة لن يقبل استقالة وزير المالية رافع العيساوي لحين الانتهاء من التحقيق معه لِما وصفه quot;بمخالفات العيساوي القانونية والماليةquot;.
الباحثون في القانون الجنائي والدولي يعرفون مصطلح ldquo; Active Concealmentrdquo; الذي لايوضح في محكمة قضائية، نية شخص، جماعة، أو مسؤول على أخفاء ملامح جريمة بعد أرتكابها والتغطية عليها، ولايوضح أن الشاهد يدعي بمعرفته أو عدم معرفته بها quot;. أنها كأفلام المافيا الأيطالية.

المخجل في دولة أمراء الأرهاب والسرقة أن العديد من المسؤولين الذين يدّعون حب العراق وتمثيلهم لرغبات أهل العراق يختلفون في التعبير عن حبهم في كل مناسبة. وتصرفاتهم تُذكرنا بالمافيا الدولية التي عمت أيطاليا وأمريكا في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ودلّلت على نوايا أجرامية مخادعة للقضاء وتمَّ غلق أفواههم و تحجيم قوتهم وأغلاق السجون من ورائهم الى الأبد. ولكن ليس في العراق.
أهل العراق يحبون الوطن ويُعلون من قدره وعظمته، وسيبدون راحتهم وأمتنانهم وتعاطفهم مع أي قرار قانوني متخذ من مسؤول في الدولة يؤدّي إلى وحدة الصفوف ونشر الأستقرار، على عكس مانراه اليوم من عراق السياسة، يحرضون الطبقات الفقيرة الثقافة للزحف على بغداد بدلاً من مناشدة أبائهم وأمهاتهم لأدخال شبابهم وشاباتهم المدارس والجامعات والمعاهد العلمية وأنضمامهم الى الجيل المتعلم. يتناقشون ويطالبون في تحدي وعنجهية وبأعلانات وبيانات، أستقالة فلان وحجب الثقة عن علان وأمور لاعلاقة لها بقانون الدولة في محاربة الأرهاب وتحديد من يُقتل أبناء العراق ويسفح دمائهم ودماء أبنائهم، ومن يُفجر أسواقهم ومساجدهم وكنائسهم كل يوم.

أذا كانت الحكومة بمؤسساتها تمارس الأرهاب والأبتزاز المالي، فمن حق العشائر أن تمارس الأرهاب والابتزاز المالي....وهو مايطلق عليه quot; مطالبات quot;.
يحتاج العراق الى الاستقرار والثقافة والبناء،quot; فأن بناها بخير طاب مسكنه...وأِن بناها بشرِ ِ خاب بانيها quot; وسقوط العراق بين مجلس النواب ومجلس العشائر أدى الى قيام بعض قادته بأشعال الصراع وتأليب الطبقات المسحوقة ثقافياً وأجتماعياً للمطالبات، كما وضعوا شروطاً لتجريد عصابات القاعدة ومختلي العقول من أسلحتهم بتحقيق مطالبات وأبتزازات تعلموها من بعضهم البعض. والموضوع ليس مطروحاً للنقاش والجدل وأبداء الأراء كل أربع سنوات أو عند تشكيل حكومة جديدة وأنتخاب المجتهدين في أمور الدين والدنيا وأعلاء شأنهم quot; كعلماء quot;، وأنما الموضوع هو توفير الحل، وزج القتلة وأغلاق السجون خلفهم، فقد حملوا ومازالوا يحملون صفة الأستهتار وعقيدة مضللة للمعتقدات الدينية وأحترام الطوائف والقوميات جميعاً، وهو أمر لايحتاج ذلك التنسيق والتباحث والجهد الكبير للفهم ولايحتاج تشكيل اللجان و الأستماع الى الفتاوى الشهرية التحريضية، وأنما يحتاج أسماع القاتل قرار جرمه، بالفعل والقرار والمحاسبة العادلة بأعطاء القضاء كلمته.

ورغم سفالة من يقود المحتجين وخداعهم، وحمايتهم للزمر القذرة من فلول القاعدة التي تسللت بعلم منهم بين أهالينا في ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل وكركوك وكربلاء لتنفيذ مخططات اقليمية وأجنبية، نسأل لماذا يشجعون أهالي الأنبار الأوفياء على الزحف الى بغداد بطرق الطائفية السياسية وتمكين التفرقة والصراع بين أهل العراق؟

لم يحقق العراق على الصعيد المالي غير السرقات والتزوير ولم يحقق في مجال الكهرباء والطاقة غير الأنقطاع اليومي وأستخدام المولدات في كل حي، وماهي حجتي ليبقى وزيران من القائمة العراقية في منصبيهما وبقاء المالكي والنجيفي وعلاوي في مناصبهم ؟ فالأزمات هي بالأحرى مناورات الأشخاص المذكورين ومساوماتهم وضعفهم في تجريد المعتوهين من زمر الأرهاب من السلاح والعتاد وتهاونهم في تمثيل واجبهاتهم وصفتهم الرسمية الملزمة بتطبيق القوانين وتنفيذ مذكرات التوقيف والتحقيق منذ أن بدأ الأرهاب بمقتل الخوئي ومذكرة التوقيف الصادرة عام 2003 ضد الصدر ولم ينتهي بحمايات الهاشمي والعيساوي والعلواني وتورط أخرين بجرائم الأرهاب واسمائهم وملفاتهم التي تملئ الرفوف المتربة. أنه أمتحان صعب يتطلب جهد أهل العراق لمنع الطائفية السياسية كما أنه جهد تربوي أخلاقي لكل من ينضوي تحت أحزاب أوكتل لملاحقة الهاربين وعدم تمكين الأرهابيين من الحصول على قاعدة ( التي نمتلك قوائم طويلة بأسمائهم وأنتسابهم لقوى الشر والأرهاب منذ عام 2003 ).
أنه أمتحان لصدق النوايا وصدق القول.

كاتب وباحث سياسي