أصبحت مدينة المنصورة في دلتا مصر، هي رمز لثورة جديدة عاتية ضد جهاز الشرطة المصرية ونظام الحكم الجديد، فشعب المدينة انتفض بعد إحساسة بأن الثورة المصرية لم تأتي بجديد، فكل شئ يسير علي نهج النظام القديم ومازالت شعارات الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية غائبة! من المعروف ان مدينة المنصورة الجميلة عاشت سنوات طويلة من الهدؤ ولم تشهد حالات تمرد او عصيان مدني من قبل، لكنها اليوم تختلف عن ذي قبل فهي متمردة واعلنت حالة العصيان المدني ضد حكم الاخوان واصبحت اكثر محافظات مصر اندلاعا بثورة عارمة،لاتنفض فيها المظاهرات، ولا يهدأ فيه الناس قبل تحقيق مطالبهم،فأهل المنصورة يطالبون بحكم ديمقراطي سليم وحرية وعدالة اجتماعية وهي نفس مطالب الثورة المصرية الأم. تري كيف الوضع الان في المنصورة؟ ولماذا لاتنفض المظاهرات فيها؟يقول السيد محمد ابراهيم الناشط السياسي في المنصورة لإيلاف في اتصال تليفوني، ان أهل المدينة لهم مطالب لم يستطيع نظام الحكم القائم الايفاء بها، فنظام الحكم الأخواني يذكرنا بنفس النظام السابق،وقمع الشرطة هو كما النظام السابق،لذلك لن يهدأ الناس حتي تتحقق مطالبهم. لأول مرة ربما تنتفض المنصورة بثورة عارمة تذكر بثورة المدينة ضد حملة لويس التاسع في عام 1248، ففي ذلك التاريخ سجل شعب المنصورة لنفسه مكانا بارزا في التاريخ عندما انتصر علي الحملة الفرنسية بقيادة الملك الفرنسي لويس التاسع الذي حاول ان يغزو المنصورة عن طريق بوابة شاطئ البحر المتوسط عند مدخل مدينة دمياط، لكن الأمر إنتهي بوقوع الملك الفرنسي الشهير اسيراً في quot;دار بن لقمانquot; في المدينة والتي اصبحت فيما بعد متحفاً للمدينة يحكي ذلك التاريخ الناصع العظيم في حياة المصريين. لهذا يشعر أهالي المنصورة بأنهم أهل نصر فيقول : السيد نادر العريان القيادي بالتيار الشعبي بالدقهلية، في تصريحات صحفية ان الوضع في المدينة متدهور وزادت أعداد مصابينا،ويوجد نقص شديد في الأطباء والمستلزمات الطبية في المستشفي الميداني الذي أقمناه نتيجة لعنف رجال الشرطة. كثيرون يتذكرون في هذه الأيام تاريخ المنصورة البطولي وأستبسال أهلها في الدفاع عنها ضد غزو الفرنسيين، فالتاريخ يذكر أن القوات الفرنسية عندما وصلت الي قرية البارمون في اتجاه المنصورة،وقف نيل دمياط والبحر الصغير في طريق منعها من العبور، فتمركز الجيش الفرنسي هناك واستعان ببعض الجواسيس لمساعدته، وقام احدهم ببناء جسر خشبي حتي تتمكن قوات الأعداء من العبور عليه في إتجاه المنصورة، وكانت المشكلة هي عدم وجود خشب لهذا الغرض، فأمر لويس التاسع بفك أجزاء من مراكبه لبناء الجسر، لكن شعب المنصورة تمكن بمدافع المنجانيق والكرات اللهبية من قذف الجسر وأوقفوا تقدم الفرنسيين لمدة ثلاثة اسابيع. وفي 8 فبراير سنة 1250 مات الملك الصالح ايوب في المنصور واخفت زوجته الملكة شجرة الدر خبر موته وساعدها علي اخفاء الخبر 5 اشخاص قام اثنان منهم بدفنه في جزيرة الروضة وكل ذلك حتي لاتتأثر معنويات المقاتلين، وبالرغم من ذلك هاجم الفرنسيون المنصورة، لكن شعب المنصورة استطاع ان يهزمهم ويردهم علي اعقابهم ويقتل الكونت quot;داتروquot;، وعلم لويس بموت اخيه في المعركة في 8 فبراير في البارمون، واشتاط غضبا وفي 11 فبراير شن معركة البحر الصغير في الموقع المشيد فيه محافظة المنصورة الأن وكانت اول معارك الجيش الصليبي في مصر وانهزم لويس بعد 3 ايام من المعركة الرهيبة. ساعد في الهزيمة أن طوران شاه ابن الملك كان قد وصل الي ساحة المعركة وتسلم قيادة الجيش وبدأ طوران شاه أعماله الحربية بالاستيلاء على جميع المراكب الفرنسية التي تحمل المؤن للمعتدين فحدثت مجاعة بين القوات الفرنسية واستغل المصريون الموقف وقاموا، ومن أغرب الخدع هي التي قام بها الكثيرون من الأهالي عندما وضعوا ثمار البطيخ الأجوف علي رؤسهم ونزلو الي الماء، فهرعت القوات الفرنسية الجائعة لالتقاط البطيخ وفي كل مرة يحاول جندي فرنسي التقاط بطيخة يتم الامساك به أسيرا، عندئذ لم يستطيع لويس حماية جنوده من الخدع ومن الأمراض فحاول ترك المرضي والرجوع الي دمياط لاستبدال الجنود المرضي بالمعافين وعندما وصل الي فراسكور كان قد تم الاستيلاء علي المراكب ولم يكن باستطاعته الإبحار الي الي دمياط وقلقت زوجته عليه إلا أن مرسالا أتي من فارسكور الي دمياط لطمئنة زوجته الملكة عليه، فارسلت علي الفور قوات الي فارسكور لمساعدة زوجها، وقامت هناك معركة لمدة اسبوع في الفترة من 1 الي 7 ابريل عام 1250 وفي اليوم السابع هرب القائد الذي أتي لمعاونة الملك لويس بعد أن أمر رجاله بإلقاء السلاح وبقي لويس بقواته العليلة في فارسكور وقرر الانسحاب الي دمياط والعودة الي فرنسا، لكنه أخطأ الطريق الي دمياط فاتجه الي الجنوب الي قرية ميت الخولي عبد الله حيث دارت المعركة الفاصلة عندما طوقهم طوران شاه وأيقن لويس التاسع ملك فرنسا أنه لا أمل في النصر. وهكذا استسلم لويس الحزين لنهايته الأليمة حيث أرسل أسير إلى دار إبراهيم بن لقمان قاضى المنصورة في مساء السابع من ابريل، ولم يكن أمام لويس إلا الإذعان فافتدى نفسه وبقية جنده بفدية كبيرة قدرت بعشرة ملايين من الفرنكات، واتخذت مدينة المنصورة تلك الذكري لتصبح عيدا قوميا للمدينة تحتفل به كل عام.
هذا وكانت المنصورة قد شيعت جثمان حسام الدين عبد الله عبد العظيم 35 عاما، مقيم بقرية ميت عنتر مركز طلخا، عندما دهسته سيارة شرطة أثناء المظاهرات.وفي هذا الساق قال وائل غالي محامي المجني عليه والناشط الحقوقي، إن جميع الإصابات ظاهرة وتؤكد تعرض الضحية إلى الدهس، وهو ما يتوافق مع أقوال الشهود الذين أكدوا أن السيارة دهسته أثناء وجوده بمحيط التظاهرات.
و بلغ قتلى الفرنسيين في هذه المعركة - كما يذكر المؤرخون - ثلاثون ألفا، فعرض التسليم وطلب الأمان لنفسه ولمن بقى معه من جنود.
- آخر تحديث :
التعليقات