رؤية بانورامية موجزة لتطور النظريات الكونية من بداية القرن العشرين إلى أواسط العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

انقضى قرن ونيف على تبلور التصور العلمي للكوزمولوجيا cosmologie, علم الكونيات الحديث، ويعيش هذا العلم اليوم مخاضاً عسيراً على تخوم العلم الطبيعي لا سيما الفيزياء النظرية ومعضلة الأصل الحقيقي للكون المرئي وما رافقها من أفكار جديدة وجريئة بخصوص بداية الكون المرئي وما قبله وما سيؤول إليه مصيره. وماذا لو كان الكون أزلياً وأبدياً، أي هل الكون المرئي مخلوق أم أزلي؟

إن مسألة الأصل والبداية في علم الكون أو الكوزمولوجيا العلمية، ليس جديداً فمنذ أكثر من قرن وهي تؤرق أذهان وتفكير العلماء والفيزيائيين. فما أن انتهى آينشتين من صياغة نظريته الجديدة عن الثقالة أو الجاذبية سنة 1916 والمعروفة بنظرية النسبية العامة، قرر تعميمها وتطبيق معدلاتها على الكون المرئي برمته وكان يأمل بأنه سوف يتكهن أو يتنبأ ويتوقع مصير هذا الكون المرئي المادي الذي نعيش فيه. ومن بين الصيغ والحلول العديدة لمعادلاته كانت هناك واحدة تقول بأن هذا الكون المرئي ساكن وثابت أولا متغير وأزلي univers inchangeable et eacute;ternel. فهناك حسب بعض تلك المعدلات، قوة طاردة أو نابذة reacute;pulsive ناجمة عن الفراغ عبر عنها آينشتين آنذاك بالثابت الكوني constante cosmologique ليوازن بها أو يعادل النزوع الطبيعي للكون للتقلص والانكماش تحت تأثير ثقل محتوياته. فآينشتين كان في ذلك الوقت مقتنع تماماً بأن الكون ساكن وثابت statique وليس له لا بداية ولا نهاية. وكان يميل بالفعل لهذه الصيغة ولذلك اختار هذا الحل.

ولكن، وبعد فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز بضة أعوام، دفعته مجموعة من المشاهدات الرصدية إلى التنكر لذلك الخيار. وفي سنة 1929 لاحظ عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل Edwine Huble بأن المجرات السابحة في الفضاء، تهرب وتبتعد عن بعضها البعض، والتفسير الوحيدة الممكن لهذه الظاهرة هو أن الكون المرئي في حالة توسع lrsquo;univers est en expansion، أي أنه ليس كوناً ساكناً وثابتاً كما تصور آينشتين. فالفضاء أو المكان الكوني يتمدد وتتباعد المسافات الكائنة فيه. وهذا يعني أنه إذا كان الكون المرئي اليوم في حالة توسع فهو حتماً كان في الماضي أصغر حجماً ولو تتبعنا الزمان نزولاً إلى الخلف فسوف نصل إلى اللحظة التي كان فيها الكون المرئي مضغوطاً في حجم ميكروسكوبي متناهي في الصغر أية لحظة حدوث الانفجار الكبير البغ بانغ Big Bang.

وتصور العلماء أن ذلك يمثل بداية الطبيعة وربما نقطة انطلاق الكون المرئي وأصله. ثم بنيت نظريات عديدة حول اللحظة البدئية أو الأولية والتأسيسية التي عرفت بإسم الفرادة الكونية la singulariteacute; cosmique. وبالتالي حدد له عمر وتاريخ منذ لحظة الظهور وقدرت بـــ 13.7 مليار سنة عندما كان في حالة شديدة الكثافة وشديدة الحرارة، وبعدها بدأ بالبرودة والتمدد ومر بمرحلة تضخم وتوسع إلى الحدود التي نعرفها اليوم واتخذ هيئته الحالية physionomie actuelle.

قدمت هذه الرؤية العلمية الأولية بعض الإجابات على بعض الأسئلة لكنها، وفي نفس الوقت، ساهمت بطرح العديد من الأسئلة الأخرى التي لا تقل أهمية أو جوهرية عما ردت عليه من أسئلة كانت مطروحة سابقاً، من قبيل مالذي جعل الكون موجوداً ولماذا هذا الوجود المادي ومتى وهل كان هناك شيء ما سبق وجوده؟

دفعت هذه التساؤلات وغيرها العديد من العلماء إلى دحض فرضية الرؤية الساكنة أو التحفظ على هذه الرؤية غير الكاملة للعالم فبعضهم يفضل رؤية أبسط لكون بلا بداية ولا نهاية وهي رؤية تحظى بقبول أكبر في نظرهم. ففي سنة 1948 تخيل علماء كبار من أمثال فريد هويل Fred Hoyle وهيرمان بوندي Hermann Bondi و تومي غولد Tommy Gold نظرية جديدة أسموها نظرية الخلق المستمر theacute;orie de la creacute;ation continue وبالتالي استبدلوا تأثيرات التوسع التي تزيد مساحة الفضاء الفارغ بين المجرات بفرضية الخلق المستمر للمادة من قبل الكون الدائم ذاته. بمعنى آخر فإن الكون يبدو ومنذ الأزل وإلى الأبد على ما هو عليه اليوم. بيد أن نتائج عمليات الرصد والمشاهدة العلمية والفلكية والأبحاث النظرية الجريئة وضعت نهاية لهذا النموذج الكوني وفضلت عليه نموذج الانفجار الكبير البغ بانغ Big Bang. وقد أثبت العالمان ستيفن هوكينغ Stephen Hawking وروجر بينروس Roger Penrose، وكانا في شبابهما باحثين في جامعة كمبردج،أنه عندما نعرض فيلم حدث التوسع بالمقلوب ونعود القهقري إلى الوراء فسيكون من المستحيل تفادي نقطة قصوى تتوقف عندها عن العمل كافة المعادلات الفيزيائية. ولا يمكن لتلك النقطة اللحظة إلا أن تكون البداية المفترضة للكون المرئي والمرصود. وفي نفس الوقت جاء إكتشاف الأشعة الكونية الخلفية الميكرو موجية fond diffus cosmologique، وهي أشعة كهرومغناطيسية أطلقها الكون بعد مرور 380000 سنة من حدث الانفجار الكبير والتي وصلت إلينا اليوم مشعشعة وضعيفة وباردة وأخف حدة بكثير عما كانت عليه بسبب التوسع والتمدد الكونيين حسب ما تنبأت به نظرية الانفجار الكبير لكون في حالة أولية أساسية لا متناهي في كثافته وسخونته مما رفع نظرية الانفجار الكبير إلى مصاف النظريات العلمية الرصينة ولكن غير الكاملة. هيمنت هذه النظرية وما تبعها من نظريات فرعية تدور في فلكها وجمدت النقاش بين المؤيدين والمعترضين بالرغم من استمرار التساؤلات الجوهرية المذكورة أعلاه بلا إجابات مما حدا بالكثير من العلماء والباحثين إلى البحث عن بدائل لذلك عادت اليوم من جديد فكرة الكون الأزلي والأبدي للظهور ولكن بصورة أعقد وأكثر تماسكاً ولا تخص الكون المرئي بل تخص الكون الكلي المطلق الحي الذي لا يشكل الكون المرئي منه سوى جسيم مجهري لا أكثر رغم سعته وشساعته الهائلة. كانت نظرية ولادة ما للكون قد صيغت دون أن تأخذ في الحسبان تأثيرات الفراغ على الفضاء أو المكان الكوني ولكن في الفيزياء المعاصرة فإن كل فراغ هو بالضرورة ليس بفراغ تام وحقيقي، فالفراغ يوجد في حالة تقلبات وترجرجات وتموجات وبالتالي فإن مؤثرات كمومية أو كوانتية des effets quantiques تجعل الجسيمات الأولية تظهر وتختفي بلا توقف وباستمرار مما يقود إلى تمدد المكان أو الفضاء قليلاً في كل مرة. فبعد ثواني من الانفجار الكبير امتلأ الفضاء أو المكان بمائع كوانتي أو كمومي أي ببيئة كمومية أو كوانتية وفجأة بدأت إحدى تلك التموجات والتقلبات الكوانتية بالتنامي، وكلما انتفخت كلما ظهر فراغ يقوم بدوره بزيادة الانتفاخ أكثر فأكثر، وخلال جزء لا متناهي من الثانية انتفخت تلك النقطة التي احتوت كوننا المرئي والمرصود notre univers observable بصورة خارقة خارجة عن التصور وانتقلت، من بعد صغير ما دون ذري، إلى حجم هائل، وهي المرحلة التي عرفت في الفيزياء بمرحلة التضخم inflation ولكن هل التضخم حالة فريدة؟ لا يوجد سبب يقول بأن نقطة واحدة فقط من المائع الكمومي أو الكوانتي الأولي هي التي انتفخت بهذه الصورة. وكما هو الحال على سبيل المثال ما يحدث على سطح ماء يغلي يوجد عدد لا نهائي من الأكوان الفقاعات infiniteacute; drsquo;univers-bulles قد ظهرت من التقلبات والتموجات الكوانتية أو الكمومية وكل واحد منها له أصله الخاص به وتضخمه الخاص به أما الفضاء بمجمله، الذي تظهر فيه بلا توقف تلك الأكوان الفقاعات، فإنه يبدو بلا بداية ولا نهاية مما يعني في هذه النظرية عن التضخم الدائم أو الأبدي فإن الكون لا زمني atemporel. وبالرغم من هذه التخريج لم يستطع هذا النموذج تخطي مشاكل البداية المفترضة للكون المرئي. أثبت ثلاثة علماء للكونيات هم الكسندر فيلينكين Alexander Vilenkin من جامعة توفت و آرفين بورد Arvine Borde من جامعة جنوب نيويورك و آلان غوث Alan Guth من معهد ماسوشوسيت للتكنولوجيا أن للكون المرئي بداية زمنية. وإذا رغب علماء الكونيات تفادي المشاكل التي يطرحها الأصل الكوني فعليهم اللجوء إلى نظريات أخرى. من بين الصيغ الأخرى للكون الأبدي والأزلي نجد صيغة الكون الدوري أو التعاقبي الحلقي univers cycliques وإحدى سيناريوهات هذا النموذج الناجم عن نظريات الأوتار قد رسمه العالم نيل توروك Neil Turok أستاذ الفيزياء النظرية في معهد بريميتر الكندي، والعالم بول ستينهارد Paul Steinhardt من جامعة برينستون، يقولان فيه أن كوننا المرئي له أربعة أبعاد وموجود على طوية feuillet تسمى البران brane غارقة في كون كلي super univers ذو أبعاد أكبر وبالتالي فهو ليس وحيد بل محاط بعدد لا متناهي من البرانات ndash; الأكوان الحرة في حركتها ومن هنا إمكانية حصول تصادم بين برانين أو أكثر وربما بصورة منتظمة، وبالتالي فإن الطاقة الناجمة من جراء التصادم تحول إلى مادة وأشعة مما يعطي انطباع أن انفجاراً كبيراً قد وقع، وتتكرر الحالة دورياً وعلى نحو متعاقب، ومن هنا ستختفي قضية الأصل الكوني ومشاكله، وقد أظهر فيلينكين ومساعدته أودري ميثاني Audrey Mithani أن المادة في هذا النوع من السيناريوهات والموجودة على البران تتمدد أكثر فأكثر عند كل تصادم أو انفجار كبير، ولو عدنا في الزمن إلى الوراء فلن يكون بمقدورنا تفادي وجود الفرادة الأصلية singulariteacute; originelle. ولم يصب الاحباط كل علماء الفلك والكونيات، بل حاول آخرون صياغة سيناريو ثالث وهم جورج إيلي Georges Ellis من جامعة كاب تاون في أفريقيا الجنوبية، و روي ماارتين Roy Maartens من جامعة بورتسموث في بريطانيا، وهو سيناريو خرج ايضاً من ثنايا أو من صلب نظرية الأوتار الفائقة theacute;orie des supercordes حيث يبدأ كل شيء من كون غاية في الصغر وساكن غارق في سبات من الأزل، وفجأة يحدث تضخم يقوده إلى حجمه الحالي وهيئته أو هيكيليته الحالية.

هناك نقطة ضعف في هذا السيناريو تتمثل في عدم وجود أية ضمانات لثبات واستقرارية هذا النموذج الكوني إذا أخذنا بالاعتبار ظاهرة التأثيرات الكمومية أو الكوانتية، فيمكن أن ينهار على نفسه في أية لحظة كما أظهرت ذلك المعادلات الرياضياتية المتعلقة به وبالنظر للكمية اللانهائية للزمن المتوفرة فإنهم يعتقدون أن عملية الانهيار سوف تحصل لا محالة. وبالتالي فإن كوناً منبثق univers eacute;mmergent لا يمكن أن يكون موجوداً على نحو دائم.

وهكذا رغم جميع المحاولات يجد العلماء أنفسهم دائماً وجهاً لوجه مع معضلة الأصل الكوني مما يعني أنه يوجد على نحو ما مرحلة أولية أساسية أو تأسيسية وإنه يمكن العثور على الإجابات من النظرية الكمومية أو الكوانتية فهي الوحيدة القادرة، من خلال التقلبات والتحولات أو التموجات الكمومية أو الكوانتية، أن تظهر شيئاً من اللاشيء ومن غير المنطقي والحالة هذه التفكير ببداية ما للكون المرئي. وقد ساهم العالم ليونارد سيسكند Leonard Susskind من جامعة ستانفورد في هذا المضمار وألقى بعض الضوء على هذه المسألة، من خلال التصور الذهني البحت حيث افترض صورة خيالية غير ممكنة عن مدينة مشيدة على خط مستقيم لا نهائي في جهته اليمنى وله حافة في جهته اليسرى وتخيل أن هذه المدينة الخيالية تضم سكان موزعين على نحو منتظم على الخط وكل واحد منهم يمتلك تلسكوب متطابق مع بقية التلسكوبات أي كلها من نوع واحد. ويحاولون مراقبة أو مشاهدة الحافة اليسرى للمدينة. فمن البديهي أن جزء صغير منهم سيتمكن من مشاهدة الحافة وهم الذين يتواجدون بالقرب منها أما الغالبية الساحقة منهم، أي المتوجدون بعيداً عن الحافة فلن يتمكنوا من ذلك وهم ينظرون ناحية اليسار ولن يرصدوا سوى لانهائية المدينة. ونفس الشيء ينطبق على الكون المرئي حسب سيسكند فحتى لو كانت للكون بداية فإنها تعود بلا شك إلى حقبة زمنية بعيدة جداً بحيث لا يوجد اليوم أية مؤشرات أو آثار باقية عنها لتدلنا عليها وبالتالي لن نتمكن مطلقاً من معرفة ما هو شكل هذه البداية اي لو كانت البداية موجودة فإنها ضائعة في ضبابية الزمان، في البعد الرابع للوجود.

البعد الرابع , هل هو حقيقة ام خيال ؟

نحن نعرف أن في الكون ثلاثة أبعاد مكانية هي الطول والعرض والارتفاع أو العمق ولكن هل هناك أبعاد أكثر من هذه الثلاثة التي تعودنا عليها بحواسنا وأدركناها؟ ولكن هناك بعد رابع كما تقول النسبية العامة لآينشتين وهذا البعد قد يكون زماني وقد يكون مكاني.

إذا سلمنا أن البعد الرابع زماني, فإننا نستطيع أن نتخيل الوضع كأنه سلسلة أحداث أو فلم. فإن شكل الجسم في لحظة معينة قد يتغير في اللحظة التي تليها. وهذا البعد هو الذي تطرق إليه آينشتاين في نظريته النسبية و أدمجه في المكان في وحدة واحدة متداخلة أسماها الزمكان eacute;space-temps.

لا شيء يمنع أن يكون البعد الرابع الذي نتحدث عنه بعداً مكانياً ولكن كيف يمكن أن يكون البعد الرابع مكاني؟ وكيف يمكننا أن نتخيل الأجسام فيه؟ فالقطعة المستقيمة هي عبارة عن مجموعة نقاط مصفوفة على بعد واحد. والأجسام الثنائية الأبعاد كالمثلث والمربع والدائرة تتألف من مجموعة قطع مستقيمة وكل هذه الأجسام تعيش في عالم ثنائي الأبعاد وترى بعضها البعض كخطوط مستقيمة. فالكائنات البسيطة تألف وتدرك بعدي الطول والعرض وتبرمج عقلها على أن الكون مؤلف من بعدين فقط. وتستطيع التحرك يميناً ويساراً, وشمالاً وجنوباً. لكنها لا تستطيع أن تتحرك, ولا أن تتخيل, الاتجاه الأعلى والأسفل أي البعد الثالث.فالمرء الذي يعيش في مكان ذو بعدين فقط لا يستطيع أن يتخيل البعد الثالث ولا يستطيع أن يراه, رغم كونه موجودا. ولا يسعه تخيل الأجسام ذات الثلاثة أبعاد مثل المكعبات والأهرام والكرات, ولا يستطيع أن يراها. والمكعبات والأهرام والكرات عبارة عن أجسام تتكون من عدة شرائح ثنائية الأبعاد.

وإذا زار الجسم الثلاثي الأبعاد العالم الثنائي الأبعاد, فإن الأجسام ثنائية الأبعاد لا تستطيع أن تراه ولا حتى أن تتخيله على حقيقته الثلاثية الأبعاد. وإذا مر جسم ثلاثي أبعاد واخترق المستوي الذي يعيشون فيه فإنهم فقط سيرون شريحة واحدة فقط من الشرائح المكونة له وهي انعكاس الجسم ثلاثي الأبعاد على العالم ثنائي الأبعاد وهذا الانعكاس هو أيضاً ثنائي الأبعاد وتراه الأجسام الأخرى الثنائية الأبعاد كخط مستقيم.

والشيء نفسه ينطبق علينا, نحن أجسام مكونة من ثلاثة أبعاد ونألف الأبعاد المكانية الثلاثة. ونرى انعكاسات الأجسام الثلاثية الأبعاد والتي هي ثنائية أبعاد. ولكننا لا نألف أو ندرك ونستوعب هيئة وماهية البعد الرابع. ولا نستطيع أن نتخيل الأجسام ذات الأربعة أبعاد لكننا نستطيع أن نرى انعكاسها على عالمنا الثلاثي الأبعاد. وكما أن العالم الثلاثي الأبعاد عبارة عن مجموعة عوالم ثنائية الأبعاد (مستويات) متراصة فوق بعضها البعض, فإن العالم الرباعي الأبعاد عبارة عن مجموعة عوالم ثلاثية الأبعاد متداخلة فوق وجنب وخلف بعضها البعض. وهذه أشكال انعكاسات الجسيم الرباعي الأبعاد في العالم ثلاثي الأبعاد. فالحديث عن مفهوم البعد الرابع إنما هو حديث ميتافيزيقي وليس علمي صرف, وإن كان منطقياً. فلا يوجد أي إسناد علمي أو معادلات رياضية جبرية تؤيد أو تثبت مفهوم البعد الرابع.

لكن نظرية الأوتار, التي تقول أن المادة مكونة من أوتار صغيرة من الطاقة, والتي تعتبر القوى الكهرومغناطيسية والجاذبية كقوى واحدة, تنطوي على وجود أحد عشر بعداً (الأبعاد المكانية الثلاثة إضافة إلى الزمن وسبعة أبعاد أخرى). هذه النظرية لا زالت تحت التطوير ولم تثبت صحتها العلمية بصورة نهائية بعد. كما تقول نظرية الأوتار أن عالمنا المكون من ثلاثة أبعاد متجاور مع عوالم مشابهة أخرى وهذا ما يكون البعد الرابع, كما أنا عالمنا ثلاثي الأبعاد يتكون من عوالم لا نهائية ثنائية الأبعاد.

يأمل القائمون على نظرية الأوتار أن يتوصل تقدم العلم إلى إثبات النظرية. تثبت النظرية عن طريق تسريع جزيئين صغيرين (بروتونين) وعند تصادمهما ببعضهما سينتج عن هذا الاصطدام جزيئات أصغر من ضمنها الجسيم الافتراضي الذي أطلق عليه اسم غرافيتون, Graviton. والغرافيتون هو عبارة عن جسيم افتراضي يتأثر بالجاذبية أو هو الجسيم الحامل أو الناقل للجاذبية أو الثقالة، وله خاصية وهو التنقل بين العوالم ثلاثية الأبعاد. فإذا اصطدم بروتونين ونتج عن الاصطدام خروج الغرافيتون فإن ذلك سوف يثبت وجود البعد الرابع، كما يفترض العلماء أيضاً وجود نوع من أنواع الحياة مختلف عن حياتنا يمكن أن تنشأ في كون مؤلف من عدة ابعاد مكانية وزمانية لايمكننا معرفتها في الوقت الحاضر.

يتبع

[email protected]