تحتاج الأمة الإسلامية اليوم إلى الوحدة الإسلامية أزاء ما تواجهه من تحديات كثيرة معاصرة واشتعال الفتن والأزمات التى تمزقها وتجعلها فريسة سهلة للخصوم

عندما نراجع تاريخنا الإسلامى تظهر لنا شخصيات إسلامية عاشت هموم الأمة وسعت إلى الوحدة الإسلامية بجد وإخلاص على الصعيدين التنظيرى والعملى ليكونوا مثالا يعيش مستوى الحدث وهمومه يرتفع بالنفس عن الذاتيات والصغريات ويتصدى لكبريات التحديات أمثال محمد عبده وجمال الدين الأفغانى وعبد الرحمن الكواكبى ومحسن الأمين ومحمد حسين فضل الله وهاشم معروف الحسينى ومحمد حسين كاشف الغطاء ومهدى الحيدرى ومحمود شلتوت وعبد المجيد سليم
سيطرت المرجعيات الشيعية الفارسية معها طقوسها الغريبة ومنعت المرجعيات العربية من أداء دورها على مر التاريخ وهذا ما واجهه المراجع العرب الكبار مثل محمد حسين فضل الله ومهدى الحيدرى ومحمد رضا المظفر ومحمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر وهاشم معروف الحسنى ومحمد حسين كاشف الغطاء ومحسن الأمين وغيرهم على امتداد التاريخ الشيعى
ومحمد حسين فضل الله من المراجع الشيعة العرب المتنورين حيث نقد كثيرا التكفير فى التشيع الفارسى كما رفض الغلو فى الإمام على وأولاده من أئمة أهل البيت والمغالاة فى فاطمة الزهراء فى محادثتها الملائكة ونزول مصحف فاطمة لها من السماء مباشرة كوحى إلهى ورفض الكثير من القصص المنسوبة لها كما اعتبر الروايات مكذوبة فى إسقاط جنينها محسن وضرب الزهراء بالسوط وقيادة على بالحبل لبيعة الخليفة كما يزعم الفرس. قال فضل الله (إنى لا أتفاعل مع الكثير مما يرد عن كسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها... وذلك كله لادليل عليه إطلاقا) ثم ذكر أن قبر الزهراء صار معلوما وليس مجهولا كما ادعى. رفض فضل الله طقوس كربلاء فى القصص الخرافية والتطبير الصفوى وقربة العباس وعرس القاسم وانتقد الفرس واعتبره اتجاها فارسيا فى السيطرة على التشيع وتشويهه
أما اتهام السنة زورا بقتل الإمام الحسين فيقول فضل الله (إن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين بعد أن دعوه إلى كربلاء فقد كان شمر من قادة جيش على فى صفين ومن راسلوه وقاتلوه من شيعته) وأن كربلاء شيعية وهى التى دعته وعندما وصل قرأ رسائلهم ورسائل زعمائهم الشيعة وهم فى مواجهته وقال لهم (لم آتكم حتى جاءتنى رسائلكم)وهم الذين كانوا قلوبهم مع الحسين وسيوفهم مشهورة عليه لقتله. وقد ترضّى مرارا على الخلفاء الراشدين أبى بكر وعمر وعثمان ومدحهم صراحة كما ترضى من قبل جده الإمام على مرارا فى نهج البلاغة.
رفض فضل الله الطقوس الحسينية والممارسات المنحرفة قائلا (إن الثورة الحسينية قد تحولت بفعل العواطف إلى تعذيب الذات بالصراخ والعويل ولطم الصدور وضرب الظهور وجرح الرؤوس.. وشرب الخمر للإحماء..وترك الصلاة..) ورفض شفاعة الأئمة والنذر لهم والتوسل بهم بينما دعى أهل البيت أنفسهم إلى دعاء الله مباشرة وبلا واسطة فالله صريح بقرآنه فى دعائه مباشرة (أدعونى أستجب لكم) وقد كان الرسول يدعو الله مباشرة وعليكم الإقتداء به
كما دعى فضل الله إلى الوحدة الإسلامية رافضا الشهادة الثالثة فى الأذان والإقامة كونها بدعة ليست من الدين قائلا (إنى لا أرى إضافتها للصلاة أو مقدماتها فإن ذلك يؤدى إلى مفاسد كثيرة) ورفض الكثير من الطقوس الفارسية خصوصا التطبير وإدماء الرؤوس وثقافة التكفير واللعن. قال فضل الله ان الامام علي كان يحضر الصلاة جماعه خلفهم وان الامام على بايع ابا بكر وعمر وعثمان) (وان الامام على قبل بان يكون مكان عمر عند ذهابه الى القدس إيمانا بشرعية الخليفة وأن الحسن والحسين قد رضيا بان يكونا فى جيوش الخلفاء كما كان على جنديا فى حروب الردة تحت زعامة الخليفة الأول
رفض فضل الله تأويل آيات واختصاصها فى على وأهل بيته كسؤال السائل (سأل سائل) (خير البرية) قصة إطعام الطعام (ويطعمون الطعام على حبه ) (النبأ العظيم) (لكل قوم هاد) (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (دابة فى الأرض) (الراسخون فى العلم) (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض) كما أنكر نزول الملائكة على الأئمة واتصالهم بالغيب وولايتهم التكوينية والتشريعية وقال (أنا من الناس الذين لايرون الولاية التكوينية لأن القرآن كله ينفى ذلك ويؤكد أن النبى لايملك من أمره شيئا إلا ما أمره الله بشكل طارئ فليس للأنبياء تقديم وتأخير ما شاؤوا والإستجابة لاقتراحات الناس فليس لهم ولاية تكوينية ولا تشريعية) (أما الولاية على الكون كلّه فهى ليست من شأنهم ولا دورهم لأن الله وحده الذى يملك الولاية الخالقية والفعلية على إدارة نظام الكون كله وليس لأحد آخر غيره، كما لم يمارس الأنبياء أى دور فى ذلك فى أى موقع من مواقعهم حتى فى الإعجاز إلا فى موارد الإذن الإلهى الخاص فلا يدفعون عن نفسهم ضرا ولا نفعا) ولم يعتبر الإمامة والعصمة والولاية والخلافة من الأمور الثابتة ولا القطعية بل (هى محل نقاش وجدل ومن الأمور المتحولة التى تخضع للإجتهاد والدراسة فى التوثيق وليست من العقائد الثابتة سندا ولا دلالة لذلك يعيش المسلمون الخلاف حوله) ورفض التقية واعتبرها حجبا للحقيقة وشكك فى القصص التاريخية ومنها سم الإمام الكاظم من هارون الرشيد وكذلك قتل المأمون للإمام الرضا واعتبرللزهراء ثلاث أخوات منها زوجتا الخليفة عثمان بن عفان، واعتبر كثيرا من الزيارات موضوعة مثل زيارة الناحية عن المهدى المنتظر، كما رفض اللعن والسب والشتم للخلفاء الراشدين وزوجات النبى عائشة وحفصة وتحدث عن أخطاء الإمام على فى شرحه لدعاء كميل.
دعى فضل الله للوحدة الإسلامية بقوة فكرية وعملية وتكلم فى بيعة على للخلفاء الثلاث وقال بأن حديث أبى بكر عن النبى (نحن معاشر الأنبياء لانورث) صحيحا وقد كان يلتقى بفقهاء السنة وينسق معهم ويفتى بمذاهبهم
وتعرض فضل الله لحملة ظالمة من الفقهاء الفرس حتى افتوا بأنه ضال مضل وشككوا فى أصله ونسبه ونظمت القصائد وألفت الكتب وتصدرت حسينيات الثأر وخطباء وعاظ السلاطين لاتهامه وإسقاطه بشتى التهم الباطلة لإسقاطه. ويمكنك مراجعة كتابين مثلا (الحوزة العلمية تدين الإنحراف) (ظلامات فاطمة الزهراء) اللذين صدرا فى قم لترى الكم الهائل من الفتاوى الفارسية ضد المرجع العربى فضل الله لتسقيطه
كان رجلا وحدويا وعالج نقاطا أساسية فى التراث الشيعى خصوصا الإمامة والعصمة حتى نقل حوارات بين أهل البيت أنفسهم مثل قول فاطمة لعلى (يا ابن أبى طالب اشتملت شملة الجنين وقعدت قعدة الضنين نقضت قادمة الأجدل فخانك ريش الأعزل...) كما نقل قول على (لاتزوجوا الحسن فإنه مزواج مطلاق) وهى تنقض ما يطرحه الفرس فى عقيدة الغلو، وهكذا دخل فى عمق إشكالية ما يطرحه الفرس اليوم مما ورث عن الدولة الصفوية وغلوها وطقوسها
يعتبر فضل الله مجددا للفكر الشيعى وتنويريا فى النقد والتحليل والرؤية حيث يرى حركة النص مع الواقع والحياة لا جموده فى انفتاح على العصر وهو يسافر إلى أوربا وأمريكا وهو يحاضر ويتابع نتاجها لذلك كان جريئا فى فتاواه وتحريمه لختان الإناث وجرائم الشرف والتطبيروإدماء الرؤوس فى قضية عاشوراء الحسين وتحريم الطقوس فيما سماه البدع الفارسية الصفوية
كان الفرس يقتدون بفضل الله فى إمامة الجماعة ويستقبلونه بحرارة شديدة كما شهدتُ ذلك مرارا ولكنه بعد تصديه للمرجعية رفضوه أنفسهم بسبب مزاحمتهم فى السيطرة الفارسية والنفوذ كما حصل للمراجع العرب مثل باقر الصدر ومحسن الأمين ومهدى الحيدرى وكاشف الغطاء وهاشم معروف الحسينى وغيرهم على مر التاريخ