تولي المجلس العسكري السلطة في مصر بعد تنحي مبارك، نجحت الثورة في مصر ولم يكن لها ان تنجح لولا مساندة الجيش حسب ما كان يؤمن به كل المصريين فلم نكن ساعتها نظن غير ذلك، وبغض النظر عن الدوافع التي جعلت الجيش ينحاز للثورة فقد ردد المصريين في كل شوارع مصر quot; الجيش والشعب أيد واحدةquot;، وكانت إستطلاعات الرأي المختلفة تظهر أن أكثر من 90% من المصريين يؤيدون القوات المسلحة، كان هذا هو المشهد في الشارع المصري عقب ثورة يناير.

ولكن كان التيار الإسلامي ينتظر القفز علي الثورة تمهيدا للإستحواذ علي السلطة، يساعده أكبر قوة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي أستطاعت ان تقنع الغرب كله بقبول التيار الإسلامي في سدة الحكم في مصر وتونس وليبيا، فكانت دائما تضغط علي المجلس العسكري في الإستماع للإخوان وظهر ذلك بوضوح عندما أسند المجلس العسكري رئاسة لجنة تعديل الدستور لطارق البشري ومعه المحامي صبحي صالح!!!، هنا بدأت علاقة التوتر تنشأ بين الثوار والتيار المدني كله وبين المجلس العسكري.

لم يتوقف الأمر علي ذلك فالطريق طويل جدا والمهمة في غاية الصعوبة فمازال الغالبية من المصريين يحبون المجلس العسكري حتي بعد التصويت بنعم للتعديلات الدستورية، فالمجلس العسكري علي الأقل أشرف علي حيادية الإنتخابات بقدر الإمكان، المهمة إنحصرت في كيفية إفقاد الجيش شعبيته حتي يستطيع التيار الإسلامي الإنفراد بالسلطة فالجيش وشعبيته العقبة الوحيدة لتحقيق هدف أمريكا والغرب في وصول الإخوان للحكم.

فكان لابد أن يفقد الجيش شعبيته حتي لا تصبح هناك قوة أخري توازي قوة التيار الإسلامي!!!، فكانت الطعم الذي إبتلعناه ككجيش وشعب والذي أعد بكل حنكة ومهارة الأمر الذي يجعلني متأكد أنه أعد بواسطة خبراء جهاز المخابرات الأمريكية، وكما معروف عنهم بالدهاء والحنكة والمهارة وكذلك طول الفترة الزمنية، فهم يصبرون علي quot;الطبخة جيدا حتي تستويquot;،.

بدأ الطعم اولا بالضغط علي المجلس العسكري لتدليل التيار الإسلامي ووضعه في المقدمة، حتي أن إبراهيم عيسي قال ذات مرة كان كلما أجتمع أحد من القيادات المدنية مع المجلس يكون الرد أصبر وسوف نرد عليكم، ولا يأتي الرد إلا بعد أخذ رأي جماعة الإخوان المسلمين!!. مما أثار اولا حفيظة قادة التيار المدني، بل أن الولايات المتحدة جندت قيادات مدنية لدعم الإخوان ومنهم أيمن نور مثلا.

ثم توالت المؤامرات التي أنهت علي شعبية المجلس العسكري بعد المواجهات الدامية بين القوات المسلحة والجيش، بدأت التجربة بالطرف الضعيف المغلوب علي أمره وهم الأقباط فكانت مذبحة ماسبيرو، خسر المجلس العسكري بعدها شعبيته لدي الأقباط، ولكن مازالت هناك غالبية تؤيد الجيش فلا يمكن هدم شعبية الجيش بدون مواجهة حقيقية مع الثوار فكانت مذبحة محمد محمود، ثم جائت كارثة الألتراس أهلاوي في بورسعيد.

كلها مذابح خطط لها في أمريكا وتم تنفيذها في مصر بواسطة عناصر الإخوان المسلمين المندسين وسط المتظاهرين وعناصر موالية لهم داخل المؤسسة العسكرية، معتمدين علي قوة وعنف رد الفعل من جانب العسكر وعلي أفراد من الإخوان المندسين وسط المدنيين، نجحت الخطة وبلع المجلس العسكري وخلفة القوات المسلحة المتواجدة في الشارع الطعم كاملا، وبلع الشعب أيضا الطعم جيدا جدا، لدرجة أن في رأيي سقوط شعبية المجلس العسكري لا يقل فظاعة عن سقوط بغداد بدون مقاومة.

وعندما سقطت شعبية المجلس العسكري ووصل مرسي للحكم استطاع الإخوان عزل طنطاوي وعنان بدون أي عناء، لم يغضب الشعب أبدا علي ذلك التصرف فمازال الشعب بالعا للطعم وذهب الشعب لمسافات بعيدة فغضب علي الخروج الآمن لطنطاوي وعنان وطالبوا بمحاكمتهم!!!، لقد حققت الخطة الأمريكية كل اهدافها بكل نجاح.

والآن بعد تعالي أصوات بعودة الجيش لإدارة البلاد نجد ان الكثيرين مازالوا مبتلعين للطعم ويرفضون عودة الجيش مستندين علي تجربتهم المريرة والدماء التي سفكت أيام حكم المجلس العسكري!!، وطالما الشعب مازال مبتلع للطعم فلا خوف علي حكم الإخوان فالجيش هو القوة الوحيدة القادرة علي خلع الإخوان من الحكم.

الحل في وجهة نظري يتمثل في أن يعرف الشعب المصري أنه وقواته المسلحة كانوا ضحايا لمؤامرة دنيئة وبعيدا عن العنترية والفهلوة لا أحد يستطيع تخليص مصر من هذا العبث غير الجيش، والجيش ليس طنطاوي ولا عنان الجيش هو جيش مصر وهو جزء لا يتجزأ من الشعب وهم ابناء الشعب المصري، ومن أجل مصر نستطيع ان نسامح عن أخطاء أرتكبت نتيجة مؤامرة قذرة، ولكي نتلاشي عيوب الماضي نستطيع تكوين مجلس رئاسي يكون السيسي ممثلا فيه فقط من العسكريين ويجمع قيادات مصر كحمدين صباحي والبرادعي، نريد أن نتخلص من هذا الكابوس الذي هو مرسي وعشيرته ونريد أن نلفظ الطعم الذي إبتلعناه ونضع أيدينا في يد قواتنا المسلحة لننقذ مصر من الدمار والخراب، فهل يفعلها المصريون ؟؟ أتمني من كل قلبي.