سوريا تصرخ من أرض البشرية، تصرخ من ميادين الحرب الدامية وبؤر الموت الحامية، عامان مضوا، ولم يسمع أحد هذه الصرخة المرفقة بالآلام والأوجاع، بمآسي ومعاناة السوريين، عامين كأنهما قرنين، يقارع ويصارع فيهما المواطن السوري آلات القتل والفتك، والدمار والظلم والظالمين، جسدياً، عسكرياً، سياسياً، فكرياً واجتماعياً.. أرجعوا سوريا إلى ما قبل التاريخ، سياسيون أنذال وتجار موت أولاد زناة، مجموعات فاشية متطرفة لا إنسانية، تختبئ وراء أقنعة شوهت وجه الدين، و تستعمله كسلاح وذخيرة لقتل المجتمع والشعب والدولة، ومرتزقات تعتاش على دماء السوريين، وما يملكه السوريون، يفتتون ويفتكون، يشردون ويغتصبون، يخطفون ويقتلون، كل هذا تحت نفس المسميات، يحللون ويحرمون كما يشاؤون وكيفما يحبذون، حسب تطور الأمور والتغييرات، حسب الإمدادات والحيثيات، وقوة السيطرة والتحفيزات، ويجب أن لا ننسى مستوى الدفع والتبعيات، مسميات يؤمنون بها فقط هم، أو حتى لا يؤمنون بها.. ولكن؟..
ولكن؟.. هنا نتوقف، وفي هذه الكلمة البسيطة و الملغومة، نتعمق ونغوص، وفي زواياها ومتاهاتها نجد الحل والنجاة ولكن نحوص..
ولكن؟.. ولكن؟.. ولكن؟..
أبنة تصرخ يا أبتاه، وأم تنادي وا ولداه.. أب يحمل نعش أبنه، وطفل يبحث عن قبر والده..
عائلات تشردت ما بين دول لا ترحم ولا تعرف معنى الجوار..
سوريا تصرخ من الألم، وأي ألم، أي معاناة، ولكن.. هل هناك آذان صاغية..
عن ماذا يبحثون، وما الذي يريدون؟..
الحرية؟..
أنا لم اعد أريد حريتي، ولا أريد سيادتي، لا أريد ديمقراطية ولا أريد أن تتكلم عني بالوكالة.. أريد والدتي، أبحث عن والدي، أريد أخوتي، أبحث عن أصدقائي وأقاربي، أريد مدينتي أبحث عن حارتي، أريد وطني أبحث عن دولتي..
ما الفائدة إن عشت بحريتكم، وأهلي وأقاربي وأحبابي غائبون أو مشردون، ما فائدة الحرية حين لا أجد أصدقاء أتبادل معهم آرائي وأتقاسم معهم أفكاري.. ما الفائدة إن مارست ديمقراطيتكم وحارتي مدمرة وذكرياتي دموية، ما هي فائدة الديمقراطية ودولتي ممزقة، ماذا تنتظرون مني؟.. ما الذي سأقدمه للوطن؟.. وذكرياتي لا تحمل إلا الألم.. ما الفائدة من كل هذه الشعارات والمصطلحات الكاذبة، إن كان الإنسان مدمراً.. الحرية لا تعطى، فإما أن يكون الإنسان حراً أو لا يكون، ولا تأتي الحرية في يوم وليلة على بال أحدهم فيقرر أن يخرج من العبودية ليكون حراً، فالحر لا يكون بالأصل عبداً..
فأنا سوري، والسوري يولد حراً ويشهد علي التاريخ.
وquot;سوريا حرةquot;، كانت وستبقى كذلك لأنها تستمد قوتها من شعبها.
وإن كانت حريتكم هكذا.. فتباً لكم ولحريتكم التي ستقتل كل أبنائي وتفتك بجسدي..
اتركوني أعيش بحريتي، فحريتي أنبل وأسمى مما تملكون ومن ما تريدون أو تدعون، أتركوني أشتم رائحة حارتي وبلدتي ومدينتي، أمتع روحي برؤية أهلي وأقاربي وأصدقائي وأحبائي، أشبع رغبتي بالنظر لجمال بلادي، وأغوص في أعماق تاريخها وحضاراتها ومقدساتها، فلم أعد أحتمل رؤية هذه الصور المفزعة، وخطاباتكم الكاذبة، وصوركم القبيحة، ولم أعد احتمل رائحة الموت والدم والقتل والدخان والبارود والدمار...
اشتقت لسوريا ولحرية سوريا وجمال سوريا وطيبة شعب سوريا..
بروكسل..
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات