عجيب هو أمر الإخوان المسلمين! لا يتعلمون من أخطاء غيرهم ولا يرغبون. سبعون عاما حاول السوفيت نشر الفكر الشيوعي الشمولي ليقتحم خصوصيات وثقافات المجتمعات والأفراد في محاولة بائسة لصهرهم فيما عرف بالثقافة السوفيتية بيد أنهم فشلوا وماتت الشيوعية فكرا وواقعا. ومع ذلك يستمر الإخوان بنفس المنطق ونفس الطريقة حتى أنك لا تستطيع أن تجد شيئا طيبا قد تحقق.. لا لأنفسهم ولا لغيرهم على مدار أكثر من ثمانين عاماً.

إن القارئ العادي يعرف جيدا ميلشيات الشبيبة الشيوعية آنذاك وهو ما سمى بالكومسومول. تلك المنظمات التي كانت مسئولة عن نشر أفكار ماركس ولينين والترويج لفكرة دولة الخلافة السوفيتية إن جاز الوصف، وكانت مكلفة بمهام إلقاء القبض على المخالفين والمعارضين مباشرة أو من خلال تقارير سرية لمكتب الكى جي بي (الاستخبارات السوفيتية) أو مكتب الإرشاد الشيوعي إن جاز القول أيضا.

ماتت الشيوعية وحرق الحزبيون بطاقات الحزب وتفككت منظمات الكومسومول وباتت ذكرى غير مرغوبة، فلا يمكن أن تسير الحياة في عكس اتجاه حركة الزمن ولن تعكس الأرض اتجاه الدوران حول محورها ولا يمكن أن تعاند الطبيعة الإنسانية رغبتها الفطرية في الحرية والكرامة الإنسانية.

لكن! الغريب والمدهش أن الأخوان المسلمين يحاولون إتباع نفس منهج الكومسومول في نشر أفكارهم وتكوين مليشياتهم. حتى أننا فوجئنا ببيان النيابة العامة المصرية بخصوص السماح للمواطن العادي بالقبض على أي مواطن آخر إذا شاهده متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي و أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه.

في الواقع أن كثير من المتابعين للشأن الإخواني يربطون هذا التصريح الكارثي برغبة الإخوان في تشكيل مليشيات مسلحة تبدأ في التسليح رويدا رويدا من خفيف إلى ثقيل حتى تستبدل تماما بالشرطة الوطنية. ويعللون ذلك بسؤال منطقي وهو إن كان الأمر متعلق بظاهرة البلطجة ومع أنها تبدو ممنهجه فمن ذا الذي يستطيع أن يميز ويتحقق من كون التلبس نتيجة جناية أو جنحة؟؟ وإذا كان المواطن العادي لا يفهم الفرق بين الجناية والجنحة فما بالك بالجاهل، أو الأمي، أو المتعصب أو المعوق فكريا أو المأجور سياسيا!!

ولهذا فإن التشجيع على هذا الإجراء ومباركته من قبل جماعة الإخوان في ظل حالة الفوضى الأمنية الرهيبة ليس له إلا معنى واحد وهو تشكيل ميلشيات كومسومول إخواني مسلح. وكنا نعتقد أن الحل الأفضل من ذلك إن خلصت النيات هو العمل على تفعيل دور رجال الأمن والشرطة وحل المشاكل السياسية والأمنية بدلا من الهروب من خطأ فادح والوقوع في خطأ آخر أكثر فداحة.

اعتقد أن هذا التصريح البغيض في هذا التوقيت سوف يعمل على تفريق المجتمع المصري وتفتيته إلى شلل بالمفهوم القبلي والعشائري، وبث روح الانتقام والانتقام المضاد بين أبناء الشعب الواحد. في هذا المناخ السياسي والأمني الفاسد سوف يندفع المجتمع دفعا إلى الدخول في حرب عصابات وميلشيات طائفية وحزبية من كل لون وطيف مجتمعي.

على أية حال لا يجب أن ننسى أنه في الحقبة السوفيتية كان الكومسومول قوة شبابية وحيدة ومع ذلك ماتت وانتهت، أما الآن فلن تستطيع أن تحصي عدد الميلشيات التي سوف يفرزها هذا القانون بطريقة أو بأخرى وعندها لن تستطيع الجماعة ولا أمريكا ولا غيرها أن يصرف العفريت.

نتوقع أنه وكما مات الكومسومول السوفيتي سوف يموت الكومسومول الإخواني. فالشعوب تحضرت والوعي نمى وتطور ولن يسمح المصريون بحرب الميلشيات حتى لا تتحول مصر إلى دولة فاشلة مثل الصومال.

يا هؤلاء!! يا صانعي القرار!!!! المواطن العادي المحترم إذا اقترب منه بلطجي مسلح لن يستطيع أن يقاومه وسيترك له السيارة كما حدث مع أحد زملاءنا في الجامعة. أما موضوع quot;امسك حراميquot; فهذا كان أيام الزمن الأغبر والعصور الوسطى. اليوم يجب أن تفعل دولة القانون بعيدا عن مفهوم الأخونة حتى لا يوجد بلطجي أو لص، وحتى لا تهان الناس المحترمة من قبل البلطجية وعصابات الحقد والانتقام.

عجبت لمن توقظهم يصرخون فيك. تنتقدهم يسبوك... تصحح أخطاءهم يخطئوك. تنصحهم يعادوك. وفي كل هذا لا يزالون تائهون، خطاءون، تعساء و متكبرون. لم أجد قرار واحدا صائبا أصدروه، أو قانونا واحدا لم يتراجعوا عنه. والأدهى من كل هذا يتفاخرون بدلا من أن يتأسفون.

quot;رحم الله امرئ عرف قدر نفسهquot; من يريد توفير الأمن والآمان أو حتى السولار لشعبه عليه أن يستشير العقلاء الوطنيين المخلصين وليس أنصاف المتعلمين أو المغيبين أو المنتفعين.

الحاكم الشجاع الحر عندما يفشل في تحقيق طموحات شعبه ولا يجد نورا في الأفق البعيد عليه أن يستقيل بإرادته فيحترمه الشعب ويكتب أسمه في التاريخ. فإن لم يمتلك القدرة على ذلك فعليه ألا يغضب عندما يأتي الخلاص من الله رب العالمين وعندها سيسقط بإرادة شعبية عارمة نعتقد أنها تقترب ويراها الكثيرون تطرق الأبواب.

بعيداً عن لب الموضوع...نصيحة لمن يقبل النصح... مصر تستيقظ بعد سبات ما بعد الثورة فلا تنسوا أن quot;المستغطي بالأمريكان عريان، والمستغطي بقطر مسكين وغلبانquot;. حمى الله مصر وجنبها شر الفتن ما خفي منها وما بطن.

[email protected]