العملية الانتحارية الإرهابية التي استهدفت مسجدا في حي المزرعة بشمال دمشق، ونتج عنها مقتل 42 شخصا وجرح حوالي 84 آخرين، وكان من بين القتلى رجل الدين البارز والمشهور في سوريا الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، السوري ذو الأصول الكردية. إنّ هذه العملية مدانة بكل المقاييس ليس فقط لأنّها استهدفت بيتا من بيوت الله تعالى، ولكن لأنها قتلت وجرحت مواطنين سوريين كانوا في لحظة عبادة لله تعالى بغض النظر عن توجهاتهم ومواقفهم السياسية. ولكن كون أشهر المقتولين هو الشيخ محمد ىسعيد البوطي، البوق المنافق لوحش سوريا ومجرمها بشار، يضع علامات استفهام واضحة وصريحة على الجهة التي قامت بهذه العملية الإرهابية وأهدافها من هذا العمل الإرهابي.

هل لقوى الثورة السورية مصلحة من هذه العملية؟
الجواب على هذا السؤال ليس صعبا حين نعرف أنّ هدف كافة قوى الثورة السورية هو تحرير الشعب السوري من استبداد وديكتاتورية ولصوصية بشار الوحش، وبالتالي لا يمكن لأي قوة من قوى ائتلاف الثورة السورية أن تفكّر في استهداف هذا العدد من المواطنين السوريين في بيت من بيوت الله تعالى. أمّا محاولة الصاق التهمة بقوى إسلامية داخل ائتلاف الثورة السورية فهو اتهام سخيف للغاية، لأنّه لا يمكن لأية جماعة إسلامية مهما كانت أصول ونوابع فكرها الإسلامي استهداف مسجدا أو دار عبادة حتى ولو كان من سيتم قتله فيها هو بشار الوحش نفسه وليس بوقه المصفق محمد سعيد البوطي.

نظام الوحش هو المخطط والمستفيد الوحيد..كيف ولماذا؟
يلاحظ منذ اندلاع الثورة السورية من مدينة درعا في مارس 2011 ، أنّ نظام الوحش يعمل بالإضافة للقتل والإبادة الجماعية المخطط لها على محورين خارجيين:

الأول: هو مغازلة الاحتلال الإسرائيلي من خلال الرسالة الواضحة التي أرسلها ابن خاله اللص رامي مخلوف عبر جريدة نيوز ويك الأمريكية، مفادها أنّ أمن دولة إسرائيل جزء من أمن نظام بشار، وهو يريد أن يذكّر دولة الاحتلال الإسرائيلي بحماية أمنها من جانب الحدود السورية حيث لم تطلق عليها رصاصة منذ عام 1973 رغم احتلالها للجولان السورية منذ عالم 1967 .

الثاني: تخويف العالم الغربي والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا من أنّ سقوط نظام الوحش على يد ثوار سوريا يعني وصول القوى الإسلامية الأصولية المتطرفة للحكم، وهذا سيجلب الويل والإرهاب للدول الغربية والولايات المتحدة وحليفتها دولة إسرائيل. وهذا ما يفسّر تسرع الولايات المتحدة الأمريكية في إدراج اسم (جبهة النصرة الإسلامية) على قائمة قوى الإرهاب، رغم عدم توفر معلومات دقيقة عن بنية هذه الجماعة الإسلامية حتى عند المتخصصين من العرب والمسلمين.

لذلك فإنّ المخطط والمنفذ لهذه العملية الإرهابية،
هو نظام بشار الوحش لتحقيق أهداف عديدة منها عند العارفين ببنية وطريقة تفكير هذا النظام المجرم المتشبث بالسلطة منذ 43 عاما ويصرّ على الاستمرار حتى ولو حرق سوريا وطنا وشعبا:

1 . هذا النوع من العمليات الإرهابية بما فيها استهداف المساجد السنّية والحسينيات الشيعية معروفة أنهّا من تخصص نظام الوحش، وطالما مارس العديد منها في العراق تحديدا، إلى درجة أنّ نوري المالكي حليف الوحش والمدافع عنه اليوم، سبق له أنّ ناشد علانية هذا النظام بوقف إرسال الإرهابيين والانتحاريين إلى العراق.

2 . خلق فوضى غير خلاقة في سوريا والمنطقة تمنع تحقيق نية ومحاولة الأمم المتحدة الطلب بدخول سوريا لإجراء تحقيقات ميدانية حول الأسلحة الكيماوية التي بدأ النظام منذ أيام باستخدامها ضد الثوار والشعب السوري، متهما بغباء قوى الثورة التي أساسا لا تملك سوى الأسلحة الخفيفة غير القادرة على مواجهة جيش الوحش إلا بصلابتهم وشجاعتهم وإيمانهم بضرورة رحيل هذا النظام.

3 . إنّ الاستهداف الحقيقي من وراء عملية الوحش الإرهابية هذه هو الشيخ محمد سعيد البوطي تحديدا، وكان سيتمّ استهدافه حتى لو كان في دار الأوبرا أو المكتبة العامة السورية، كي يوحي ويعطي الانطباع بأنّ قوى الثورة السورية مجرد إرهابيين يستهدفون أنصاره وأتباعه الداعمين له، مما يعتقد أنّه سيزيد من تحرك الباقين من أتباعه خاصة في أوساط ضباط الجيش السوري، وكأنّه يقول لهؤلاء الأتباع: فلتتحركوا بسرعة حتى ولو باستعمال الأسلحة الكيماوية للقضاء على هؤلاء الثوار كي لا يكون مصيركم مثل مصير صديقكم نصيري وتابعي محمد سعيد البوطي!!!.

والدليل الدامغ للنظام هو غباء إعلامه،
الذي لا نعرف من يكتب له بياناته السخيفة بعد اختفاء أو غياب بثينة شعبان وجهاد مقدسي وكوليت خوري ، إذ قام ما يسمّى (المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية) بنشر بيان حول العملية على صفحته في الفيس بوك بعد ثوان من سماع صوت الانفجاروقبل بث أخبار عنها من التلفزيون السوري أو اية وكالات محلية وعالمية ، و يقول فيه: ( قتلوك ظنا منهم أن يسكتوا صوت الإسلام ونور الإيمان ). وأنا على يقين بأنّ هذا البيان الطويل كان مكتوبا وجاهزا للنشر قبل وقوع العملية ويعرفون موعد تنفيذها فقاموا بنشر البيان على الفيس بوك فور سماعهم بصوت الانفجار الذي سمعته غالبية مناطق العاصمة السورية. والدليل على الغباء الإعلامي والجهل السخيف هو اعتبارهم محمد سعيد البوطي ( صوت الإسلام و نور الإيمان ). أي صوت للإسلام لدى البوطي الذي صرّح أو افتى ب (تحليل الصلاة والسجود على صورة بشار الأسد )، وعاد ليؤكد تشبثه بهذه الفتوى غير الإيمانية قائلا: ( اعتبر صورة بشار بساطا ثم اسجد فوقه). و تشبيهه الجنود الذين يحاربون مع هذا السفّاح بأنّهم مثل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلام. وقد وضع نفسه في مقام أعلى من الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما صرّح بعد وفاة باسل الأسد: ( إنني أراه من هنا في الجنة جنبا إلى جنب مع الصديقين والأنبياء ). ورغم كل تصريحاته وفتاوية الكافرة الشاذة عن نور و إيمان الإسلام الصحيح، فنكرر القول بأنّ لا مصلحة لقوى الثورة خاصة الإسلامية منها في قتله، والمستفيد الوحيد من هذا القتل هو نظام الوحش بشار، لذلك أدانت كافة قوى ائتلاف الثورة السورية قتله، وكما قال رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب ( نحن ندين بشكل قتل العلامة الدكتور سعيد البوطي، ونقول إنّ ديننا وأخلاقنا لا تسمح أبدا أن نتعامل مع الاختلاف الفكري بطريقة القتل...هذه جريمة بكل المقاييس وهي مرفوضة تماما). ومن وجهة نظري أنّ هناك عمليات قتل جديدة سيرتكبها نظام الوحش لرموز من المؤيدين له كي يبث المزيد من الفوضى في الشارع السوري، وربما يحقق كما يتمنى المزيد من تكاتف مؤيديه...فلينتبه مؤيدو وداعمو هذا الوحش فليس مستبعدا أن يلحقهم نفس موت البوطي للدوافع ذاتها.
[email protected]