مثل الملايين من البشر كنت اتابع وبشغف من على شاشة التلفزيون مراسيم تنصيب الحبر الأعظم البابا فرنسيس الأول في حاضرة الفاتيكان بحضور رؤساء دول ورؤساء وزارات ووزراء من دول مختلفة وبمشاركة وفود رسمية من 131 دولة وكان الاحتفال مهيبا يليق بجلال يسوع المسيح ومقام مريم المجدلية ويعكس الاهتمام الذي يوليه المسيحيون بديانتهم وزعيمهم البابا الذي يعتبر خليفة للرسول بطرس، وقد حضر حفل بداية حبرية البابا فرنسيس الأول وفود إسلامية ويهودية وهندوسية وارثودوكسية وجماعات مسيحية اخرى، ولعل أجمل ما في الحدث هو وحدة المواقف ونكران الذات لأساقفة وكرادلة وبطاركة الكنيسة الذين انتخبوا بطريقة سلسة من بينهم من يمثل الكنيسة في العالم،حيث كان البابا الحالي حتى الامس القريب كردينالا بين الكرادلة فاصبح نائبا للمسيح على الأرض بمباركة اكثر من 1200 كاهن و200 مطرانا فقدم الجميع الطاعة والخضوع للبابا الجديد، فكانوا يقبلون يده وهم مقاربون له في السن والدرجة، وقد سجل البابا السابق موقفا رائعا عندما قدم الاستقالة بسبب عدم استطاعته القيام بأعباء المسئولية الكبرى، مسئولية خدمة اكثر من مليار مسيحي في العالم، وقبله قام احد البابوات بالعفو عن التركي الذي أراد اغتياله حيث زاره في السجن وتنازل عن جقه هناك وامر بإطلاق سراحه.

ما علاقة البابا بمراجع المسلمين وما هي أوجه الشبه بينهم؟ وأعني بمراجع المسلمين علماءهم الكبار أمثال شيخ الازهر الشريف في القاهرة ومراجع الشيعة ومفتي السعودية وسلطان البهرة وامير الاغاخانية ومفتي الإباضية، فالبابا يعتبر منصبه سلطة ومسئولية، والسلطة الحقيقية عنده تعني الخدمة لاسيما خدمة الفقراء.

فاين علماء المسلمين من توحيد الكلمة علما بان عدد المسلمين يزيد أيضا على المليار نسمة في العالم، ولماذا لم يحظى علماء المسلمين على المكانة اللائقة التي حصل عليها البابا؟
هل لأنهم يمثلون المذاهب ولا يمثلون الدين؟ ولماذا يستقيل البابا ويبقى العالم المسلم الفلاني يفتي عنه البطانة بالرغم من وصوله الى أرذل العمر ودخوله في غيبوبة لا يفيق منها الا قليلا.

لماذا يتفق بطاركة الكنائس الشرقية والغربية على زعيم واحد قد يكون من بولندا او الارجنتين ونحن ما زلنا نعيش عقدة المرجع الإيراني والعراقي والافغاني ولا نتفق على صلاة جماعة موحدة في الحرم الحسيني الشريف مثلا؟ ولماذا يخرج البابا للناس ويقبل الأطفال ويسافر الى دول العالم، وعلماؤنا قابعون في صوامعهم لا يرون أحدا ولا يراهم أحد؟ فذاك نائب المسيح وهؤلاء نواب المهدي ونواب الائمة الأربعة، على أنى لا اريد هنا انتقاد علماء المسلمين بمختلف مذاهبهم وانما اريد استثارة الهمم لتوحيد الكلمة والاتفاق على قيادة واحدة موحدة، ان لم يكن بين المسلمين كلهم فليكن بين المذاهب على اقل تقدير كأن تكون قيادة واحدة متفق عليها للشيعة وقيادة أخرى للسنة ولكن أي اسلام؟ واي سنة واي شيعة وقد نزامن حفل تنصيب البابا مع سلسلة من التفجيرات الدامية في مختلف انحاء العراق راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى في صراع غير متكافئ بين الأبرياء العزل وقوى الإرهاب تحت انظار الحكومة والجيش والشرطة، وتزامن هذا أيضا مع اضطرابات دامية في مصر وفي سوريا وباكستان وأفغانستان بين أطراف كلها تدعي الإسلام والإسلام منها برئ.

كنت متسمرا طوال الوقت امام التلفاز ولكني تلقيت درسا لن انساه في الانضباط ونكران الذات وتغليب المصلحة العليا للجماعة على اهواء النفس.
اطال الله عمر البابا لخدمة الإنسانية.

[email protected]