الغالب ليس الله في حروب العرب الطاحنة الدائرة الآن، وليت العرب بقوا على أيام الجاهلية وعبادة الأوثان قبل تكريس الأزدواجية المذهبية القائمة على القتال بين المسلمين وتسليم أمورهم المادية والمعنوية الى سفاسف الشيطان وأرجاعنا الى عصر سقيفة بني ساعدة.
لاغالب ولا مغلوب حتى لو كان الشيطان يحارب الى جانب فئة مسلمة باسم الدين وتقاتل فئة مسلمة لامذهب لها، وتاريخنا العربي شاهد ومليئ بالحوادث التاريخية القائم على حروب ثقافتنا العنصرية والمذهبية والتي تكتمل بمباركة المجتمعين بالشكل والمضمون الذي أنتهت عليه البيعة في سقيفة بني ساعدة دون حساب أو معرفة بتَغيّر العصر والزمن.
أعتراضي وخلافي مع فئات سياسية ودينية معاصرة هو أنها تنظر في الخليفة ألامريكي الجديد أوباما وكأنه المنقذ الذي يعبر البحور وينثر البخور ويوزع من تل أبيب أشكال النظم السياسية المطلوبة بنصائح يوجهها الى دول الأمارات العربية ومناصب يوزعها على الأمراء الجدد في فلسطين والعراق ومصر وليبيا وسوريا واليمن ودول الخليج، ويتشاور النصيحة والقرار مع رئيس الحكومة الأسرائيلية نتينياهو، لمن يجب أن يجلس على عرش الأمة ومن يجب أن يرحل منها. أنه بلا شك، عالم عربي سياسي مضطرب ومسلوب الأرادة والقرار.
وتتنافس القوى السياسية العربية بأحزابها وعلمائها الدينيين وشعوبها الفقيرة في توجيه فضائياتها في بث يومي لتحليل وتقييم سياسة الرئيس الخليفة الحليف باراك حسين أوباما الذي لن تُضيف زيارته الى الشرق الأدنى والأوسط والأقصى أي جديد في سجل التاريخ السياسي الأمريكي، ولن تضيف كلمات جوفاء أِلا آلاماً وأحباطاً جديداً للعالم العربي ومهجريه. أنها الزيارة البروتوكولية التقليدية لتقديم يمين الولاء للوزارة ألأسرائيلية الجديدة وبيع مايمكن بيعه من سلع جنون ربيع الدمار العربي وتلميع صورتي أوباما للشعب الأمريكي ومثيله الأسرائيلي للشعب اليهودي، وستظلُ شعوبنا الفقيرة تنتظر على مضض وحسرة وألم أِي خليفة، يأخذهم بعدله واستقامته وشوكته الى بر الأمان وأنهاء سلع الخرافات والأساطير التلمودية والأسلامية، والتقييمات والتحليلات اليومية المضحكة لسياسة الرئيس أوباما.
في العالم السياسي الأمريكي، تتوسع المنافسة بالجدل والحجج في كيفية منح الأستقلال السياسي العربي والحصول على الحرية بمساعدة من الخليفة أوباما وخططه تسليم أدارات الحكومات العربية وخضوعها السياسي والمالي والتكنولوجي الى الغرب الأوروبي والأمريكي وتنفيذ رغبات أميركا في أنجاح quot;ربيع التخريب العربيquot; وبالمشيئة الألهية وبشتى الوسائل التي هيأت أسرائيل ظروفها وحبكتها مع أدارة أوباما لأنجاح خططهم في العالم العربي والأسلامي المُشرذم.
فما الذي ركّز عليه الحليف أوباما في سياسته لتوليه خلافة العالم العربي؟
التضارب والتناقض وأختلاط التفسيرات بين قادة الفكر السياسي العربي لشخصيته وسياسته العامة تجاه أسرائيل وأيران وتركيا، وهي ( الدول المؤثرة على السياسة العربية والأسلامية ومحور ديمومة الحياة المذهبية والأسلمة السياسية في المنطقة ) تناقش بأنفعالية من وصوليين في أكثر معاهد الدراسات الأستراتيجية من جورج تاون في واشنطن و معاهد لندن في أنكلترا الى المنظرين الجدد في عالمنا العربي.
مرت على العرب أكثر من 1400 سنة من الصراع على الخلافة وحكم الدولة بسفسطات دينية لا أول لها ولا آخر لأبراز من يستحقها ليحكم بعدله وأستقامته وظله وزهده وقربه الى الله أمة العرب والمسلمين. وأبرزت الأحداث السياسية العربية مواقف عنصرية أساءت الى رسالة الأنسانية التي حملها الرسول العظيم الى العالم.
القراءة الصحيحة لسياسة الخليفة أوباما المبرقعة بثوب السلام بين العرب وأسرائيل تشابه طريقة أسلافه من الرؤساء الأمريكيين منذ عهد الرئيس أيزينهاور في الخمسينات ( أذا عزلنا سياسة الرئيس جيمي كارتر)، وهي سياسة تكريس الأحتلال وثبات التوسع الأسرائيلي الأستيطاني والأستمرار في بناء البيوت السكنية للمستعمرين الجدد في الضفة الغربية وضواحي القدس، وهي سياسة تُبقي (بالشدة) الفلسطينين في الخيام والمخيمات ويؤول مصيرهم الى أشد الدول عنصرية في التاريخ quot; أسرائيلquot;. ولن يكون بامكان الرئيس الفلسطيني أو أي رئيس عربي أن يقول للخليفة(أعطِ لأمة محمد ماأعطيتَ لقوم موسى يا أوباما ) بتاريخنا الضائع المضطرب بين الدين والسياسة. والأدهى من كل ذلك، أننا لم نتعلم أو نعتبر بالعبر والدلالات، بأن السياسة الخارجية الأمريكية مقيدة بأحكام مجلسي الشيوخ والنواب ولايخرج أو يحيد عن دائرتها أي رئيس أمريكي مهما كانت سلطته الرئاسية. وهي تخدم بالدرجة الأولى أسرائيل وأمنها. وربما أفكار هنري كيسنجر،التي أعرج عليها هنا، قد توضح لمنظري السياسة العلاقات الدولية،أنه رأى أستمرارية الحرب العراقية الأيرانية 1980 -1988 منفعة وفائدة، وأنها حرب ينبغي تغذيتها وأدامتها لأنها تدور بين quot; القبيح والشريرquot;، وتخرج منها أسرائيل منتصرة والشعب اليهودي في آمان. وهو مايجري اليوم على ساحات عربية مختلفة.
أترك ذلك جانباً لأركز على الخليفة أوباما وسياسته المفروضة عليه من زعماء الصهيونية في تل أبيب والأيباك في واشنطن لأركز على التنازع العربي الحكومي الذي يدور وفق مناهج وأحاديث دخيلة وفتاوى تَغييب العقل العربي. فبالنسبة الى مصر يقول أوباما في تناقض شديد ( أننا لانفرض سياستنا على مصر ) وهي السياسة المفروضة على سيادتها منذ عهد السادات ومبارك والرئيس الحالي مرسي، وشكل المساعدات المالية المشروطة من الخزينة الأمريكية التي تقررها لجان الكونجرس تلخصها في :عدم أعاقة الملاحة الحرة للسفن والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية. الألتزام بمعاهدة السلام مع أسرائيل وتبادل المعلومات المتعلقة بمحاربة المنظمات الثورية المُعادية لأسرائيل. ثم السكوت التام على برامج التسلح ألأسرائيلي النووي والصاروخي و بالأخص (ترسانة أسرائيل من القنابل النووية وألأعداد الضخمة من صواريخ الباتريرت والقبة الحديدية ). هل هناك أكثر من قرينة ودلالة؟
نعم. صرح أوباما خليفة الله على الأرض مراراً وتكراراً تعهده المطلق للأيباك بالدفاع عن دولة أسرائيل وحماية أمنها quot; وفي كل مناسبة وضع فيها كيبوه اليهود الأرثودوكس على راسه.
لقد ترك العرب المتحضرون المثقفون كل المشاكل والأزمات المعاصرة ونبشوا ماضي صراع الخلفاء الراشدين على خلافة الأمة بعد موت الرسول الأعظم. ويدير الخليفة أوباما عقولنا البسيطة وفقها بطريقة الراعي والرعية (( فلو أن بـَغـلة رفــَست quot; جاعت quot; بأرض الشام.. لحاسبني الله عنها يوم القيامة !)).
وتحث أدارة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجته السابقة كلنتون والحالي جون كيري، حلف الناتو وتركيا لأتخاذ خطوات quot;أنسانيةquot; في تسليح الثوار المقاتلين ضد نظام الأسد، كما سلح الحلف quot;أنسانياً quot;الثوار الليبين للتخلص من دكتاتور ليبيا. أنه أمر يحتاج الى نظرة موضوعية لكونها تتم كتسليح العرب ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى والمعاهدات السرية للسيد سايكس البريطاني والمسيو بيكو الفرنسي، الأمر الذي دعا الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولاند الى رفع حظر الاسلحة المفروض على المعارضة السورية، وتوضيح وزير خارجيته لوران فابيوس ان باريس تحظى بدعم لندن في هذا الاطار. يقول السيد آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي السابق خلال عمليات الناتو العسكرية في ليبيا quot;ينبغي التحرك، واعتقد ان من حق فرنسا وبريطانيا طرح المشكلة،وأن تسليح المقاتلين السوريين المعارضين سيتيح quot;اعادة التوازن بعض الشيء بين النظام والمعارضةquot;.ويبدو في تطابق القول والفعل أن أكثر من نظام عربي يأتمر بأوامر الخليفة الجديد أوباما وينسق مع أدارته طرق التمويل والتسليح والأمداد رافعين له شعارنا ( لايسلمُ الشرف الرفيعُ من الأذى...حتى يراق على جوانبه الدمُ ). شعار فهمه الخليفة الحليف أوباما جيداً ويعمل وفقه.
الحالة العربية السياسية المترنحة كرجل سكير في أواخر عزه و شبابه وتتم معالجته في دهاليز مشافي الناتو برعاية خليفة الله على الأرض أوباما. أما أسباب المرض فأنها لاتعزى الى سبب واحد. فأسباب الترنح والأعوجاج عديدة ومُشخصة والعلاج والدواء متوفر لدى أميركا الحليفة وأوباما الخليفة. فهل يرضى العرب به لتتحول عبارة لا حول ولاقوة أِلا بالله الى لا حول ولا قوة أِلا بأميركا وتسليحها؟
باحث وكاتب سياسي
- آخر تحديث :
التعليقات