لا يمكن عزل ما نشرته مجلة quot;اتلانتك quot; الامريكية يوم 18 مارس 2013، و نفاه الديوان الملكي الاردني جملة و تفصيلا، عن الملك عبد الله الثاني بقلم جيفري جولدبرغ ضمن تحقيق صحفي استخدم فيه كلام سابق من لقاءات مع الملك الاردني عبر سنوات منذ العام 1999، عن زيارة الرئيس الامريكي اوباما الى الاردن و اسرائيل بنية امريكية تهدف الى منع ربيع اردني يقتلع الملكية و ربيع اسرائيلي قد يسقط حكومة نتانياهو الضعيفة و المتارجحة. و لكن من هو quot;جولدبرغ quot; الذي اقام الدنيا و اثار الديوان الملكي الاردني قبل الخوض في تلك المقالة و النفي؟
و هل صحفي حائز على جوائز يغامر بسمعته بنشر اكاذيب او تغيير سياق فهم كلام ملكي؟ خصوصا و انه بلا ادنى شك لديه شرائط مسجلة لما دار بينه و بين الملك الاردني سواء في طائرة quot;البلاك هوك quot; الملكية او سيارة المرسيدس او اثناء اجتماعات حضرها بين الملك و العشائر في الكرك؟ و ما سر اهتمام الملك ان يقود طائرة هيليكوبتر خاصة حاملا معه quot;جولدبرغ quot; فوق جبل نيبو ذو العلاقة الوطيدة بين موسى و ارض الميعاد؟
و اقصد قبل هذا و ذاك من هو quot;جولدبرغ quot; الذي يأتمنه الملك عبد الله الثاني و يبوح له بهمومه و يفتح قلبه، و ينشر بعدها جولدبرغ غسيل الامة العربية و الاردن امام قرائه؟ سواء من حيث ان الرئيس مرسي هو رئيس بلا عمق، و ان المخابرات الاردنية محافظة جدا و تعيق عمل الملك و تصعب مهمته و بها quot;حرامية و فاسيدن ادينوا و سجنوا quot; و لم يعد يثق بها ويقصد بالمؤسسات الامنية، و ان الرئيس السوري لا يعرف quot; نقص و فرق توقيت السفر، والرئيس التركي يعتقد ان الديمقراطية اتوبيس، و ان الملك مع زيادة الفلسطينين في المجلس النيابي وفي الوزارات و اعطائهم حقوق الاردنيين دون تفرقة، و ان الملكة رانيا هي صاحبة فكر التعامل السلس مع المتظاهرين و تقديم العصائر لهم عوضا عن الاعتقالات و الضرب و اللامن الخشن، و ان الملكيات في العالم انتهت و الملكية قد تزول في اقل من خمسين عام ان لم يكن قبل ذلك، و انه ورث مشاكل عده عن ابيه و منها ان المجتمع الاردني قائم على الواسطة والاسلاميون ذئب يرتدي لباس الحمل، وانه كان يعتقد ان المعارضة و المداهنة من الاسلاميين التى تحولت الى ود مؤقت مع الملك الحسين بسبب انهم وجدوا ان الملك الحسين قد نجح و لا يمكن هزيمته او اقصائه، و غيرها من التصريحات التى اوردها جولدبرغ على لسان الملك الاردني و نفاها الديوان الملكي.
و اقصد ان الصحفي الامريكي، صديق الملك عبد الله الثاني، السيد جيفري جولدبرغ هو من اليهود الاشكناز و تعني كلمة جولدبرغ quot;جبل الذهب quot; في المانيا.
و قد وصفه مدير مخابرات السي اي ايه الاسبق، و ايضا اكثر من رئيس تحرير جريدة امريكية انه واحد من اكثر الصحفيين تاثيرا في الولايات المتحدة الامريكية، فهو كاتب سابق في مجلة نيويوركر، و مسؤول صفحة التحقيقات البوليسية في جريدة واشنطن بوست، وكاتب عمود في بلومبرغ و نيو يورك تايمز، وحائز على جائزة افضل ريبورتاج صحفي في امريكا لمرتين ممتاليتتان و جائزة نادي الصحافة عبر البحار و غيرها من الجوائز الصحفية العالمية، و هو متخصص في السياسة الخارجية الامريكية و تحديدا الشرق الاوسط و افريقيا، هاجر الى اسرائيل و هو صغير السن، خدم في الوحدة الخاصة السرية للتحقيقات في جيش الدفاع الاسرائيلي و عمل في مصلحة السجون الاسرائيلية حيث شباب الانتفاضة، صديق مقرب من الرئيس الامريكي اوباما و الملك عبد الله الثاني و رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو.
عندما نشر الحديث منذ يومين، أرتفعت شعبية الملك في الخارج، كما في الغرب و لدى كم ممن قراء التحقيق، و شعر اردنيون و غير اردنيين ان الملك يلامس مشاعرهم و معتقداتهم، وجدوا في كلامه توصيف واقعي عن مؤسسة فساد بعض من الامراء و الاقرباء، و رغبته في مملكة دستورية و في حساب و عقاب، في اقامة دولة عصرية ديمقراطية، و انه يتحدث باسم الفئة التى ظلمت و التى عوقبت و انتقصت حقوقها و هجرت، الفئات العريضة التى اسقطت نظام مبارك و القذافي و زين العابدن و صالح، ليس فيما يخص الاردن quot;المملكة quot; و انما في مصر و سوريا و اليمن و ليبيا و غيرها من الدول.
و ما ان صدر بيان من الديوان الملكي ينفي جمله و تفصيلا ما قيل و انه وضع في غير سياقه، اعترت الجماهير الدهشة، و تسائل البعض هل ما صدر عن الديوان صحيح وتم بعلم الملك ام بالتشاور مع الاجهزة المعنية فقط دون علم الملك؟ هل ان الملك لم يقل ذلك؟ هل ان الصحفي الامريكي كاذب؟ هل معقول انه لا يوجد شرائط مسجلة يمكن الرجوع اليها لدى اتلانتك الامريكية؟ هل ان هنالك من يريد ان يقلل من هيبة الحكم في الاردن و له مصلحة خاصة؟ هل هنالك مستشاريين غرروا بمن صرح و اضاعوا هيبته؟ هل و هل و هل الى الاف من الهلات و التساؤلات التى ابسطها هل بالامكان ان نقراء و نصدق تصريحات مقبله، او تحقيقات قادمة؟ هل يؤمن جانب الصحفي الامريكي او اليهودي؟ هل ستسكت المؤسسة الاعلامية الامريكية عما صدر بحقها من الديوان الملكي؟ هل المستشاريين هم اداوات امنية؟ هل ستطلب وزارة الخارجية الاردنية شرائط توثيقة تؤكد او تنفي ما قاله الملك عبد الله؟هل سيناقش ذلك في جلسة البرلمان القادمة؟ و غيرها من التساؤلات.
و اعود الى البداية، و الى جريدة النيويورك تايمز التى كتبت مؤخرا ان زيارة الرئيس اوباما تأتي لحماية النظام الاردني من السقوط في الربيع العربي و لم يعترض الديوان الملكي او ينفي، و ان اوباما يطالب الملك دوما بحكومة اردنية برلمانية تحقق امال و متطلبات الشعب و لم يعترض الديوان الملكي او ينفي !!!، و ان زيارته لاسرائيل لدعم حكومة نتانياهو المتخاوية المتهاوية، خصوصا و انه لم يزر اسرائيل في ولايته الاولى، وتأتي فرصة زيارة كل الاردن و اسرائيل للبحث في الوضع السوري والايراني، امكانية استخدام اراض اردينة من قبل اسرئيل لضرب سوريا و لم يعترض الديوان الملكي او ينفي !!!، وان هنالك حشودا اسرائيلية متحفزة للدفاع عن الاردن في حال اي هجوم سوري و انها نفسها جاهزة للانقضاض على سوريا في اي وقت و لم يعترض الدوان الملكي او ينفي !! فلماذا اهتم quot;بجولدبرغ quot; فقط؟
في الغرب تقراء و تشاهد و تنتقد و تكتب و ترى ما لا تراه عيناك في داخل الوطن العربي و الذي يعتقد ان زيارة اوباما للبتراء استجمامية لمدة 24 ساعة هو مخطيء، علما بأن المخابرات الامريكية هي من اختارت المكان خوفا من اي تظاهرات في عمان العاصمة التى تعتقد المخابرات الامريكية انها غير كافية لتأمين الرئيس، و لم يعترض الديوان الملكي او ينفي !!!، و السي اي ايه بالمناسبة هي التى رأت ضرورة ان تكون هنالك طائرتان امريكية في تلك الرحلة و خمسة الاف من الحراسة الامريكية الاردنية الاسرائيلية في خدمة الرئيس اوباما..و هو يشاهد اسرائيل من اعلى نقطة في البتراء النبطية.
هنالك من يقول مرحبا ايها الرئيس الامريكي اينما كنت في الاردن الذي تصفه الخارجية الامريكية بأنه اهم شريك امنى في المنطقة منذ عام 1950، و هنالك من يعلو صوته و قلمه مرحبا بكل توجيهات الرئيس اوباما حول كيف يمكن ان تكون الحكومة الاردنية برلمانية وتكييف دور الاسلاميين، و هنالك من يحذر اوباما من بعض اعلاميين في سروال السلطة و الامن و هم من ينفون quot;الكلام quot; قبل ان يتحققوا من شرائط الصحفي الاشكنازي، ان صح التعبير.
الملك لم يقل الا الحقيقة و ان اسيء فهمها او تفسيرها ممن لهم مصلحة في تفتيت الحكم و انتقاله الى الغير، الملك عبر عما يدور في خلد الشارع المشتعل و يحترم لتلك الجرأة و المكاشفة من القلب و الحرية، الملك لا يعيش في جلباب أبيه.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات