ليس انتقادا و لا انتقاصا من الحكومة الاردنية ( المشبهه بالحكومة البرلمانية تشبيها لا يرتقي الى الفعل ) و المتوقع لها البزوغ خلال ايام بقيادة الدكتور عبد الله النسور و التى يخشي ان تحمل في طياتها quot;خاملين ومُخمليين quot;، و لكنها ملاحظات عبر السنوات التى حاول فيها الاردن تسكين و تنفيس المعارضة و الهاء الشارع وتصريف الانظار عن الواقع الاليم الاقتصادي و السياسي و الانشطار الفسادي.

في دول العالم تقوى الدول بالمعارضة البناءة و التى تتناوب الحكم و تتحول من في الحكم الى معارضة، كل في اطار من المحبة و العمل الدؤوب لاجل وطن واحد quot;ناجح quot; سيد قراره. في دول العالم تقوى الدولة بمن في داخلها و خارجها باستثناء الاردن الذي يصر على اقصاء اكثر من مليون و نصف من ابنائه في الخارج و يهمشهم و لا يلتفت اليهم، و يقفز على رغبات الشارع و طموحاته.

الانتخابات النيابية الاخيرة خلال سنوات عدة على سبيل المثال، باعتراف و تصريحات مدراء مخابرات، و على العلن في الصحف و المواقع الالكترونية الاردنية قيل انها زورت، و بالتالي فأن مجموعات محددة من الخاملين، اي اللذين لم يبذلوا جهدا يذكر في العمل العام او العمل السياسي بعض منهم وصلوا الى مراتب النيابة و الى مراكز صنع القرار، بل صاغوا ما اتمرو به، الى الدرجة التى اصبح لقب النائب هو :quot; نائب الو quot; و نائل quot;المحمول quot;، اي من تصدر له التعليمات بالهاتف.

و اقصد ان نسبة لا بأس بها، لم تكن من الطبقة العاملة، ولم تمارس اي عمل حقيقي، طبقة خاملة و كسولة اوصلتها الواسطة و تغليب النهج العشائري على المصلحة الوطنية الى مناصب انتفاعية في الجهاز الحكومي، و كل من يعرفهم يعلم ذلك تماما. مضت سنوات و في فمهم معالق ذهبية، وظيفة و سيارة و راتب دون اي مراقبة او انتاج، فقط لانهم من طينة مخنلفة، في الوقت ان الاف ممن يحملون الشهادات و العلم و الخبرة خارج الدائرة.

و بعد فترة من الزمن، تم الزج ببعض منهم في سياق الانتخابات و من ثم الوزارات.
في داخل العشائر الاردنية كفاءات كبيرة و خبرات وطنية وقيمة و لكنها مستبعدة و تلعب الانتقائية دورا في تفتيتها، و هو ما يشكل خطرا قادما في العملية السياسية في ظل الثورات العربية.
و اقصد ايضا ان هنالك مجموعات مُخملية، مليئة بالمال السياسي وبعضها محملة بالفساد المباح، اشترت الاصوات و المناصب و تقربت من صاحب القرار فاصبحت في مراتع الدوار الرابع حيث رئاسة الحكومة.
كلاهما، الخاملين و المخمليين، يرى البعض انه يجب استبعادهم من الحكومة القادمة فقد تمت تجربتهم عبر سنوات و حرارة الشارع نتاج افعالهم و سؤ اداراتهم و سياستهم و تلونهم.

السؤال المطروح في الشارع، هو لماذا ثار الشعب في تونس و في مصر وفي سوريا و في اليمن و في ليبيا و غيرها؟ و ما هي القواسم المشتركة التى تجمع تلك الثورات اسبابا مع ما يحدث في الاردن؟.هل بالامكان دراسة تلك الثورات و محاولة تنقيتها و تنقيحها حتى لا يعتري الاردن ما يعريها.

و لماذا الاصرار على التغاضي عن الفساد، عن الوصولية، عن الاقصاء، عن الاستهتار بالشارع، عن تدوير الخاملين و المٌخمليين؟، عن حالات الظلم، عن التهرب الضريبي لكبار الشخصيات، عن حقوق النفعية غير الشرعية لمن هو قريب من الحاكم، و غيرها.

و السؤال الاهم لدى بعض الساسة هو لماذا الحديث عن quot;حكومة برلمانية quot; غير معرفة حسب الاصول السياسية؟ هل يرغب الاردن في اضافة تعريف سياسي من خلال quot;حكومة برلمانية quot; جديدة من حيث التصنيف و التعريف الدولي؟

ويرى اخرون من اساتذة الجامعات و العلوم السياسية في اطلاق اسم quot;حكومة برلمانية quot; على تلك الحكومة هو تزوير و تشويش مقصود على تعريف quot;الحكومة البرلمانية quot; و يطالبون بمعايير تعريفها بتلك الصفة.
الاصل في الحكومات البرلمانية، وجود احزاب تفوز بأغلبية في مقاعد البرلمان فيعهد اليها تشكيل الحكومة البرلمانية، التى جذورها البرلمان و الانتخابات الشعبية الحرة، لا مشاورات مع بعض من النواب اللذين فازوا في الانتخابات و شكلوا كتل داخل المجلس النيابي، خصوصا و ان الكتل تتبدل و تتغير و تنهار و تنقسم كما حدث مؤخرا و قبل ان تشكل الحكومة البرلمانية.

و الاصل في الحكومات البرلمانية ان يعهد الى رئيس الحزب الفائز باغلبية او الى رئيس حزب لديه القدرة على تحقيق اغلبية و توازن ائتلافي في حال عدم وجود حزب بأغلبية.
التجربة الاردنية، قد يطلق عليها اي شيء الا quot;حكومة برلمانية quot; و لكنها تجربة جديرة بالدراسة و الفهم و التقييم، انها مشاورات بين رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة و افراد جمعتهم صدفة اللقاء تحت قبة البرلمان. و ما حدث مؤشر على حصول ثقة مبكرة لرئيس الحكومة المقترح قبل تقديم الحكومة للثقة داخل اروقة المجلس. انها ثقة مسبقة، ثقة بلو تووث، ثقة تفوقت على ثقة التوصيت بامر من الهاتف المباشر !!!
و اقصد ان العالم لم يعد مغلقا، و ليس بالامكان الضحك على الشعوب، ما يحدث يُسجل و يراه العالم و يناقشه و يتابعه، و هو على صفحات الكترونية و في شاشات متلفزة و في اعمدة الصحف الدولية.
الملك عبد الله الثاني، له رؤية خاصة بضرورة ان تكون الحكومة برلمانية، و لكن لم يسعفه احد من حوله، لم يقراء فكره مستشاريه، لم يرق الى بصيرته من حوله، فأتت الرياح بما لا تشتهي السفن، و يبقى السؤال، هل اتت فكرة الحكومة و الانتخابات ثمارها، ام انها نسخة مكررة من حكومات سابقة اتت بدون شفافية، بدون ثقة، بدون امانة؟،و هو ما يضيف عبء على الدكتور عبد الله النسور المعروف بنزاهته و اخلاقياته و خبرته و علاجه ذو quot;الطعم المرير quot; للشفاء من سرطانات قرارت حكومية سابقة.

و اعيد ما صرح به رئيس الوزراء الاردني المكلف ان الحكومة الجديدة هي حكومة نقية، ذات شفافية، و ستحارب الفساد عكس من سبقها، بل سترفع الاسعار بموافقة البرلمان، فهل من سبقتها من حكومات كانت فاسدة او مغلقة الاعين و مكبلة اليد !!!!!!.

ايا كان، المشهد الاردني خلال الشهر الذي مضى، و الذي كان رئيس الديوان الملكي مكوك فضاء و دينامو لقاءات مع افراد من المجلس النيابي بغطاء quot;كتل quot;، لا يعني وجود او اعتراف بحكومة برلمانية حسب الاعراف السياسة و ما يدرس في الجامعات. ما حدث هو تجربة ناجحة من الاجهزة المعنية نحو ابعاد التهديف عن الحاكم، اطالة عمر مؤسسة القصر، تهميش الشارع الملتهب، تقليل الضغط و تأجيل التعرض المباشر للقصر.. و لكن الى اي مدى؟، و اقصد ان تأجيل المواجهة ليست حلا ناجعا و ان كان مكسبا زمنيا لفترة، و المفترض ان يكون الفكر متطابق و متوافق مع رغبات المواطنيين و الوطن، لا فرضا عليهم.
لا نريد في الاردن مأزق ما حدث في مصر، لان التواجد الملكي ضرورة للاردن، قد يكون في غير صورته الحالية، كما قال الملك عبد الله الثاني لابنه وولي عهده : quot; انك سترث ملكية غير تلك التى ورثتها عن والدي quot;.
و نامل الا يكون هذا الحديث تفائلي quot; فقطquot; كما علقت احد الصحف الامريكية.

بعض المتابعين لما يحدث في الاردن جزموا بأنه لم يختلف شيئا عما سبق، و لم يكن هنالك داع لانتخابات نيابية جديدة و لم يكن هنالك ضرورة لحل مجلس نواب طالما ان النهاية هي مثل البداية، عشر اشخاص يحكمون البلد، و quot;طير ابابيل ترمكيم بحجارة من سجيل quot; باعتبار ان الشعب الثائر لاجل رغيف الخبز و الحرية هو العدو الاول للحكومات المخملية و الخاملة التى الهت نفسها، وبات رفع الاسعار يحمل شعار quot;موت ياحمار quot;.
الشعب ليس في حرب، الشعب يريد ان يحيا و للقيد ان ينكسر.
[email protected]