عانى الشعب العراقى كثيرا من النظام الدكتاتوري الصدامي وكان يتطلع للحرية والكرامة خصوصا بعدما أنهكت حروب النظام الشعب خصوصا بعد احتلاله الكويت العربية الشقيقة التى ساعدته فقسم الأمة العربية وهو يحمل شعار العرب زورا وظلما فلم تبق من شعارات البعث من الوحدة والحرية والإشتراكية شيئا حقيقيا

جاءت القوات الأمريكية مع حلفائها وبحجج واهية غير صادقة مثل أسلحة الدمار الشامل أو علاقته بالأحداث الإرهابية 11 سبتمبر فى نيويورك فقد ثبت كذبها فلا يمتلك صدام من أسلحة الدمار الشامل كما بات معروفا وكذلك عدم علاقته بابن لادن وأحداث 11 سبتمبر وسقط خلالها صقور مثل رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى وكذلك ما عرف بالحمائم أمثال كولن باول وزير الخارجية الأمريكى الذى عرض أدلتها الواهية فى الأمم المتحدة فى ادعاء امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وغيرهما كما كشف تقارير عالمية ووثائقية آخرها بى بى سى البريطانية

لقد قامت قوات التحالف بإسقاط النظام السابق الفاسد ولكن بدون موافقة الأمم المتحدة كقوات احتلال وتعيين حاكم مدني لايعرف العراق ولا المنطقة كما جاءت بالأحزاب الدينية الطائفية المتطرفة والتابعة لإيران لتقديم العراق العظيم إلى ملالى إيران جاهزا وهي تحمل الحقد التاريخى على العراق وشعبه بشكل عنصرى كبير كما حصل فى احتلالها الصفوى التاريخى للعراق وتأصيل التكفير والعنصرية والأحقاد والغلو والطقوس الغريبة العجيبة

لقد اعترف أبطحى مستشار رئيس النظام الإيرانى السابق بتعاونه مع القوات الأمريكية لإسقاط النظامين فى أفغانستان والعراق وهما أشد أعداء إيران رغم ادعائهم باعتبار امريكا الشيطان الأكبر كما يزعمون فى سياسة نفاق واضحة ضد مصالح الشعوب

لقد سارع جمع من المعارضة العراقية متهافتين على مؤتمرات لندن وواشنطن للحصول على حصة من الكعكعة العراقية تحت أقدام الإحتلال بينما ابتعد الشرفاء الوطنيون عنها لأنهم لم يقبلوا عبودية ذليلة للإحتلال رغم معاناتهم من الدكتاتورية الصدامية

إرتكبت القوات الأمريكية الكثير من الأخطاء الإستراتيجية والجرائم فقد قام بول بريمر الحاكم المدنى المطلق فى العراق بحل الجيش العراقى ومؤسسات الدولة والمجئ بميليشيات ومرتزقة متسكعين (كما سمّاهم) وعدم تكوين مؤسسات لبناء البلد وكانت قراراته الكثيرة والتى لازال الكثير منها حاكما ولغير مصلحة العراق ولم تبنى بناءا مؤسساتيا لمستقبل مشرق. وقد اعترف بريمر بأخطائه الإستراتيجية فى العراق وسعة النفوذ الإيرانى الكبير، وذلك فى حديث إلى الإندبندنت البريطانية يوم 18 آذار الحالى

البعض يعتبر أميركا وبريطانيا قد جاءت من أجل مصالحها فى العراق والمنطقة خصوصا النفط وموقع العراق فى الشرق الأوسط الجديد وخارطته التى رسمتها أميركا للمنطقة

كان الثمن باهظا جدا فقد سقطت مئات الآلاف من الأرواح البريئة العراقية فى حرب مدمرة للشعب والبلد ومؤسساته

بعد وضوح زيف تبريرات الحرب على العراق فقد رفعت الإدارة الأمريكية شعارات الديمقراطية والليبرالية والحرية والنمو والإزدهار وكلها كانت شعارات غير صادقة رغم الميزانيات الهائلة من المليارات مئات المليارات من الدولارات الضخمة التى تحولت إلى جيوب المرتزقة المتسكعين الذين لم يمتلكوا قبل 2003 شيئا معهودا فأصبحوا أصحاب المليارات والقصور والفلل والفنادق الضخمة بينما يعيش أكثر الشعب تحت خط الفقر والحرمان لايملك بيتا أو راتبا مناسبا أو حياة كريمة

لقد قتل مئات الآلاف من العراقيين الشرفاء الوطنيين منذ 2003 فضلا عن هجرة مئات الآلاف الذين لم يعهدوا الغربة والهجرة خصوصا من الجامعيين والأكاديميين.

تحولت بغداد الحبيبة إلى أفسد عاصمة فى العالم فضلا عن انعدام الأمان والماء الصالح للشرب والكهرباء وأبسط الخدمات.

تحول العراق إلى واحدة من أسوأ الدول فسادا فى العالم كله.

مجلس الوزراء هو من أسوأ المجالس هزلية وفسادا ودجلا.

البرلمان من أسوأ برلمانات العالم فسادا وامتيازات لاعضائه وبعدا عن الشعب وتطلعاته سواء فى القرارات التشريعية أو الرقابية.

وضع القضاء العراقى ليس بأحسن حالا من السلطتين التنفيذية والتشريعية كما بات معهودا ومعروفا.

بات القرار الإيرانى حاكما فى مفاصل الدولة حتى تعيين رئيس الوزراء الذى لم يحصل على العدد الكافى فقد كان أياد علاوى يحصد أكثر منه بينما صار الخاسر رئيسا للوزراء وفقد الفائز أي منصب.

رغم المحاصصة الطائفية البغيضة التى جاء بها الإحتلال لكن الحقيقة أن السياسيين الحاكمين لايمثلون طوائفهم بحال من الأحوال ربما يمثلون أحزابهم الضيقة ومصالحهم الشخصية فلا المالكى يمثل الشيعة ولا المطلق يمثل السنة بحال من الأحوال وتجد أكثر الشعب من السنة والشيعة هم من المظلومين المقهورين. يوميا يسمع المواطن كذب السياسيين ودجلهم ووعودهم الفارغة وتصريحاتهم البائسة.

وكانت الحصيلة العدد الهائل من الأرامل والشهداء والأيتام والمفقودين والسجناء خصوصا السجون السرية والتعذيب خصوصا إغتصاب العراقيات الشريفات فى السجون... وانتشار المخدرات من إيران وأكثر الشعب دون خط الفقر والمليشيات المختلفة وآلاف الشهادات المزورة وتقلد المزورين للمناصب العليا المتعددة وبرواتب ضخمة، وانحدار التعليم والإستهزاء به، وملايين الدولارات لرواتب ومخصصات فضلا عن امتيازات المسؤولين الكبار من الرئاسات الثلاث والوزراء والمستشارين والبرلمانيين، وتعيين غير المؤهلين وغير النزيهين فى سفارات الخارج وملاحقها، وتحويل الممتلكات العامة والجامعات إلى أملاك خاصة للحزبيين، والعفو عن آلاف الفاسدين وسراق أموال الشعب وتهريب الأموال والتراث والأملاك وقتل مئات من الصحافيين والأكاديميين وترهيب الأحرار والقتل الجماعى والحروب الطائفية المصطنعة ومنع القضاء من أداء دوره وتعطيل البرلمان من ممارسة التشريعات المهمة كقانون الأحزاب ومصادرها ورقابة البرلمان والمحاسبة للفساد، وانعدام أبسط الخدمات وإبعاد الكفاءات والمخلصين والوطنيين وسحق الأكثرية الصامتة المستقلة من الشعب وسرقات المال العام بأكبر كمية وفى أقصر فترة زمنية بلا رقيب ولاحسيب وتحويل العراق إلى ضيعة للفرهود يتقاسمها الحزبيون والسياسيون كيف يشاؤون على حساب الشعب المحروم. ليتحول العراق إلى أكثر دول العالم فسادا وظلما وفقرا وأكبر هوة بين المسؤول والمواطن ليبحث الشعب فى القمامة وينام فى المزابل رغم غنى العراق ونفطه وثرواته. وليس من المعقول اختزال العراق العظيم بحفنة من أصحاب الشهادات المزورة وغير المؤهلين الذين جاء بهم القطار الأجنبى رغم أن الكثير منهم لازال يستلم المساعدات الإجتماعية كعاطل ومعوق نفسيا وهو يتقلد مناصب عالية ورواتب عظيمة.

ومن يعترض على الحكومة فقد يقتل كالشهيد هادى المهدى أو يقمع كما حصل للشباب الحر الشريف فى ساحات التحرير فى بغداد.

وهكذا من جاء حديثا ليروج نفسه للإنتخابات الجديدة ممن يسمى نفسه بالعناوين الديمقراطية أو التيار الديمقراطى زوراً وهو أبعد الناس عن الديمقراطية ثقافة وفكرا وتاريخا وسلوكا.

لكن ساحات الحرية والشرف والكرامة تستمر فى اعتصاماتها واعتراضاتها منذ أكثر من شهرين مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة والمساواة وليتها تنطلق إلى بغداد وبقية المناطق رغم القمع الحكومى فإن صوت الشعب أعلى من صوت الطغاة مهما طغوا وتجبروا فليسوا أكبر من صدام وقد رأوا نهايته فى الحفرة كما أنهم لم يصلوا للحكم إلا على ظهر دبابات الإحتلال الذى يعرف تاريخهم وحجمهم وفسادهم ولولا الدعم الخارجى لما بقوا فى الحكم وسيلفظهم الشعب العراقى الشريف عاجلا قريبا.

إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلابد أن يستجيب القدر

ولابد لليل أن ينجلى hellip; ولابد للقيد أن ينكسر