نكره الغرب، نلعنه، نكيل السباب عليه، لكننا نفاجأ به عندما يؤكد أنه أعقل منا في كثير من الأحيان.
هذا الغرب المتعصب، الحاقد على العرب والمسلمين، لهو أرحم على المسلمين من من المسلمين أنفسهم.
أقول ذلك بعد ان قرأت عن قرار القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني ببث الأذان على على الهواء مباشرة خلال شهر رمضان المبارك من أجل المسلمين في بريطانيا.
سيقول من يقرأ ذلك إن الغرب ينافق المسلمين، أو أن الغرب مجبر على فعل ذلك لكثرة المسلمين فيه، أو أن الغرب يريد ان يرى العالم سماحته امام تعصب المسلمين.
كل ذلك قد يكون صحيحا او خاطئا، لكن في الحالتين، نحن بالفعل متعصبون أكثر من غيرنا.
سمعنا عن هندوس متعصبين يفجرون في الهند.
سمعنا عن أيرلنديين يفخخون قطارات بريطانيا.
سمعنا عن الجيش الياباني الأحمر وهو يعبث باقتصاد اليابان بالعنف والقتل.
لكننا نحن العرب، نحن المسلمون، قادتنا حماقة التعصب لنفجر أرضنا وأرض غيرنا في بريطانيا وامريكا والهند واليابان نفسها لو لم يعجبنا حديثها يوما. لا أحد هناك يعجبنا. لا أحد في العالم كله يعجبنا. كيف لا ونحن لا يعجبنا من هم معنا وبيننا؟
فنحن ما نزال حتى اللحظة لا نؤمن بحقوق الطوائف الأخرى في أوطاننا العربية التي هي أوطانهم أيضا. المسيحيون قتلناهم في العراق وسوريا والجزائر. الشيعة، وهم مسلمون منا وفينا، نكرههم ونقاتلهم ونلعنهم. ولن يمضي طويل وقت، قبل ان تعادي مذاهب السنة بعضها، ومذاهب الشيعة بعضها.
لماذا لا يستوعب العقل العربي مفهوم التسامح؟
لست واثقا ان كان التاريخ يشهد بتسامح العرب مع غيرهم في ماضيهم أكثر من حاضرهم، لكني أتسائل إن كان هذا العقل غير قادر على استيعاب مفهوم التسامح، فلماذا هو مهيء اليوم للإنفجار في أي وقت؟
هو لا يسامح، ولا يتسامح حتى مع أبناء وطنه ان اختلفوا معه في الدين او المذهب.. ذنب من هو؟
تلام المؤسسات السياسية العربية بشدة، إما لتعاميها المتعمد عن التعصب المتجذر في مجتمعاتها كل يوم، وإما لعجزها عن محاربته.
لنستفد من تجارب الآخرين إذا..
لنستفد من تجربة القناة البريطانية البسيطة، والتي أيا كان دافعها، تؤكد نبلا نحن في حاجة إليه.
لنكن نبلاء في إيماننا، بأن نحترم إيمان الآخرين ومذهبهم ومعتقدهم.
فليم يكن هناك يوما دين سيء.
.. ولا مذهب سيء.
هناك فقط.. بشر سيئون.