هنري كيسنجر أشهر وزير خارجية امريكي بتخصصه في ملفات الشرق الاوسط، ما يميزه اولا انحيازه المطلق لاسرائيل، يقول في محاضرة ألقاها مطلع هذا الشهر في أمريكا حول الوضع في سورية laquo;هناك ثلاثة احتمالات ممكنة. انتصار الأسد. انتصار السنة. أو نتيجة تتفق معها القوميات المختلفة على التعايش معاً ولكن في مناطق مستقلة، بحيث لا يمكن لها أن تقمع بعضها البعض. هذه هي النتيجة التي أحب أن أراها. ولكن هذه ليست النظرة الشائعةraquo;. هنري كيسنجر مهندس قبول نظام الاسد في الخارطة الاقليمية الجديدة التي تمخضت عنها حرب تشرين1973 وما ثبت بعدها في اتفاقيات الفصل1974 بينه وبين حافظ الاسد، والتي تتمحور حول سياسة اللاحرب واللاسلم بين سورية وإسرائيل، والذي حدا ببعض المحللين ترجيح أن نظام الاسد باع الجولان مقابل استمراره في الحكم، وقبوله في الحظيرة الدولية والشرق اوسطية.

هذا التحليل الذي تؤكده بالنسبة لهؤلاء مجريات الثورة السورية، والموقفين الامريكي والاسرائيلي مما يجري. بغض النظر عن أن الاسد باع الجولان أم لا، لكن من الواضح أن تقاطعا على غاية من الاهمية نشأ بين الاسد والسياسة الاسرائيلية، الطرفان لايريدا السلام، كل لاعتباراته المصلحية، مما يعني في ظل موازين قوى دولية واقليمية أن الجولان سيصبح إسرائيليا بالتقادم والوقائع، كما حدث للواء اسكندرون. لهذه الاعتبارات كان نظام الاسد النظام العربي الاكثر دلالا وحظوة لدى النخب الاسرائيلية، والاهم من كل هذا من يراقب تصريحات فعاليات المجتمع الاسرائيلي الدينية، يستطيع أن يكتشف مدى هذه الحظوة التي فاقت أي نظام عربي. باتريك سيل صاحب كتاب الصراع على سورية، والذي اتممه بجزء ثاني خصصه للحديث عن نظام الاسد الذي يناصره الباحث حتى اللحظة، يؤكد في أكثر من واقعة أن حافظ الاسد لم تخيفه جهة من الجهات الدولية، أكثر مما كانت تخيفه إسرائيل وأمريكا، وخاصة لجهة قلب نظام حكمه. ولايزال هذا النظام يقبع في هذه المنطقة الظليلة، أمريكا وحدها من تستطيع تغيير نظام حكمي!! وهذا ما أكده أيضا وريثه في آخر تصريحاته، أن نظامه لايمكن له أن يسقط إلا بتدخل دولي، وهذا ما لم يحدث والسبب أن إسرائيل وأمريكا لا تريدا ذلك. منذ بدء الثورة ونحن نختلف مع بعض الاصدقاء حول القرار الامريكي بعدم التدخل، فأمريكا لا تريد التدخل ليس لأنها مأزومة اقتصاديا، وليس لأن الشرق الاوسط تراجع في قائمة اهتماماتها ولن يتراجع مادام هنالك نفط وإسرائيل وجيوبولتيكا خاصة في المنطقة. القرار الامريكي بعدم التدخل تعبير عن مكافأة أمريكية مدعومة من كل لوبيات إسرائيل في العالم، على ما قدمته سياساته من خدمات لاسرائيل وامريكا في السابق، فهو من أكثر الانظمة الذي ساهم في تأسيس القواعد الارهابية في الشرق الاوسط، واحتضنها ودعمها بدء من القاعدة وانتهاء بالتنظيمات المحلية على مستوى بعض دول المنطقة. لهذا يرى قسم كبير من الشعب السوري والناشطين أن تنظم دولة الشام والعراق الاسلامي هو من صنع النظام، رغم أنني اميل أن الاستخبارات السورية لها يد في هذا التنظيم لكن أيضا هنالك دولا أخرى مشاركة، وأمريكا ليس بعيدة عن الموضوع. تعفين الوضع السوري وتركه لتفاعلات السورنة، فبعد أن اعطت اللبننة أكلها في المنطقة، وانتجت طبقة سياسية مشرذمة. اتت بعدها الصوملة والافغنة ثم العرقنة والسورنة قطعوا الأميركان بمساعدة بعض الدول العربية شوطا طويلا، الآن يتجهون نحو المصرنة، لتعميقها لأنه ما كان للانقلاب المصري أن يحدث لولا مباركة الأميركان. مع ان اخوان مصر ليسوا الطرف الذي يمكن للمرء الدفاع عنه..لهذا قلت أن أمريكا حسمت خيارها باتجاه سورية: مزيدا من السورنة والمعارضة المتوجة اقليميا ساعدتها وتساعدها في ذلك. لأن أمريكا من القوة بحيث كيفما آلت الامور في الشرق الاوسط ستؤول لصالحها. والاسدية خير وسيط لتدمير البلد ومعاقبة شعب كامل إسرائيليا.