أتحدى ان يعطيني إنسان واحد، سياسي أو بائع خضار، جوابا عما يدور على الأرض السورية.

جوابا واحدا، عن المعارضة لم فشلت حتى الآن في السيطرة على الأرض؟
جوابا واحدا عن الحكومة السورية لم ما تزال قائمة؟
من قال إن المعارضة لم تنجح بسبب نقص السلاح، فليس هناك ما هو اكثر من السلاح في سوريا. ومن قال بأن الحكومة ما تزال قائمة لأن روسيا تدعمها، فما هو دخل روسيا في الشارع الشامي الذي يرى اليوم كيف هو سوط المعارضة أشد ألما من سوط النظام.
ان كان من تعليق يقال عن الوضع في سوريا فهي أنها اصبحت quot;حارة كل من إيدو إلوquot; على رأي المسلسل الشهير quot;صح النومquot;.
المعارضة منقسمة ما بين ائتلاف وجيش حر. الأول يعيش بين باريس وعواصم اوروبا، لا يهش ولا ينش، ولا يعرف عن ارض الواقع شيئا، ولا يملك سوى تصريحات ووعود جوفاء، والثاني، أي الجيش الحر، ما عاد حرا منذ اصبحت الفرق المسلحة شديدة التطرف، هي من يحكمه ويسيطر عليه.
أما الحكومة السورية، فرغم عدم حبي لها كنظام سلطوي، إلا أنني بت اصدق ما تقوله عن الارهابيين والمتطرفين الذين يمثلون المعارضة. وما زلت فوق كل ذلك اكرر ان العدو العاقل افضل من الصديق الجاهل. ولم أر في حياتي يوما اكثر جهلا من التطرف.
كنت أقرأ في بضع جرائد عربية وغربية عن المعارضة السورية، وعن مدى الخوف الأوروبي من التطرف والقاعدة التي تستغل الوضع في سوريا كي تعزز نفوذها هناك. واستطيع ان اقول، بكل قناعة، وأن أطمئن الغرب، بأن القاعدة لن تنجح في سوريا لأن هناك من هو اليوم أشد تطرفا من القاعدة نفسها.
اللجنة الشرعية، الدولة الإسلامية، جبهة النصرة، انصار محمد، انصار السنة، والف جبهة متشددة اخرى استطيع ان اعددها، جميعها تتواجد على الارض السورية، وجميعها يملك السلاح، وجميعها يكره بعضها، وجميعها يريد ان يقيم حكومة اسلامية على هواه، وجميعها يدعي ان الله معها وحدها.
هذه الجبهات، لا تؤمن بالإئتلاف المعارض، ولا بأنظمة حكومية ديموقراطية، ولا برلمانية، بل ان أحد اوجه الخلاف بين الدولة الاسلامية بقيادة البغدادي، وجبهة النصرة بقيادة الجولاني، كان ما نسب عن الأخير ميله لحكومة برلمانية. وهو ما عاد ونفاه بل وتبرأ منه كما ولو أن البرلمان هو الكفر بعينه. إذا كانت هذه المعارضة لا تؤمن بالديموقراطية، فأي حكومة تريد ان تقيم إذا؟
نحن نتهم الحكومة بأنها تريد اشعال حرب طائفية. لكن من أراه يفعل ذلك اليوم هي المعارضة المتشددة التي يكفي ان تقرأ اسمائها لتعرف مدى تطرفها وطائفيتها quot;انصار السنة، أبطال السنة المحمدية، فرقة ذات النوريين، فرسان الصحابة.. الخquot;.
قرأت حوارا (جريدة الحياة 11 اغسطس الحالي) مع احد اعضاء quot;اللجنة الشرعيةquot; التي ترتبط بعلاقة قوية مع quot;جبهة النصرةquot;، يقول فيها انهم باتوا يقيمون حدود الله في المناطق التي سيطروا عليها في حلب وما جاورها. يقطعون الأيدي، ويعدمون ويصلبون، ويجلدون ايضا. يريدون ان يحيوا الخلافة الإسلامية.
يقول ايضا، نقلا عن فتاوى من شيوخ سنة العراق، ان من يسقط ضحية انفجار سيارة مفخخة، ولو كان مدنيا بريئا، فهو محظوظ لأن الله قد اصطفاه لتلك الموتة.
حياة الأبرياء او موتهم، لا تعنيهم في شيء. ولا تساوي عندهم شيئا. كيف لهؤلاء ان يحكموا؟
سأختم بشيء واحد.. لست أرى ان الحكومة السورية ستسقط. ولست اتمنى ذلك ان كان الثمن هو ان تحكم معارضة تكره بعضها بعضا، وتريد ان تقطع الأيدي وتجلد. أما ان سقطت الحكومة السورية، فلن تصبح سورية عراق اخرى، بل أفغانستان اخرى تشعل المنطقة كلها. ستنهش الجماعات quot;السنيةquot; بعضها، ويصبح العالم العربي ألف دولة، وألف أمير، وألف خليفة، ولن يدفع الثمن سوى الأبرياء.. اللذين اصطفاهم الله تعالى كي يقتلوا بلا ذنب!