أدلى حسن الشمري، وزير العدل في حكومة المالكي، بتصريحات لقناة عراقية تؤكد أن quot; رؤوسا كبيرة في الدولةquot; مسؤولة عن تهريب عناصر وقيادات القاعدة من السجون العراقية. والهدف؟ الهدف، كما قال بوضوح تام، هوquot; تعظيم دور التنظيم[ تنظيم القاعدة] وإخافة الإدارة الأميركية من خليفة الأسد لمنعها من تسديد ضربة ضدهquot;. وقال إن quot; عملية الهروب كانت للضغط على الكونغرس لكي لا يصدر قرارا لصالح الرئيس أوباما يخوله ضرب الرئيس السوري بشار الأسد، على اعتبار أن دور تنظيم القاعدة قد تعاظم في سورية، وربما يكون خليفة للأسد.quot;
أيا كان هدف السيد الشمري من تصريحاته الخطيرة، ومهما كانت نواياه، وبصرف النظر عن مواقف اوباما وquot;ضربتهquot; الخيالية، فإننا لا يمكن إلا أن نفهم منها ما يؤكد تحليلات فريق متزايد من الكتاب والمحللين، والمستندة للحقائق المتراكمة، عن الخدمات التي تقدمها القاعدة للنظام السوري، في دعايته لإظهار نفسه كبطل في الحرب على الإرهاب، مع أن قواته لا تهاجم داعش، ومع أن بين مقاتلي هذا التنظيم ضباطا سوريين وعراقيين، كما تم اكتشافه مؤخرا، وعلما بأنه يوجه حد هجماته نحو الجيش الحر ويعتقل ويغتال قياداته. ونعلم أيضا من يدير شؤون العراق، ومدى تغلغل عناصر فيلق القدس وجواسيس وعملاء إيران في كل مفاصل الدولة لعراقية، ومنها الأجهزة الأمنية والمخابراتية، وإدارات السجون.
المئات من القاعديين تم تهريبهم من سجون العراق لمساندة الأسد، ولتحويل الرأي العام العالمي، والغربي خاصة، من إدانة جرائمه وواجب معاقبته إلى تزكيته، كما يجري اليوم مع الأسف. .
التهريب جرى تحت أنظار حكومة المالكي، والمالكي مشارك في كل الجبهات في حرب الأسد على شعبه، وهو، كما إيران والأسد وحزب الله، من مصلحتهم توجيه الأنظار الدولية نحو خطر واحد فقط هو القاعدة، مع غض النظر عن جرائم القتل والتجويع والتهجير التي يمارسها الأسد، وعن الدور التخريبي الهائل لإيران في المنطقة، وعن دور حسن نصر الله في تدمير لبنان وسورية، وعن رضوخ السيد المالكي للحسابات والرغبات الإيرانية. ومع أن أحداث الأنبار مستمرة، ومتشابكة، والتقارير متضاربة، وإن ثمة ما يستدعي إلقاء مزيد من الأضواء على الوقائع، فلابد من ملاحظة أن تسلل القاعدة وكتائب مسلحة معادية أخرى لمدن الأنبار من الصحراء جرى بالضبط بعد قيام المالكي بالحملة على خيام المعتصمين، ثم سحب قواته فجأة، مما سهل مهمة القاعدة وأخواتها. وقد نصح حتى حلفاء المالكي في الإتلاف الوطني بعدم المجازفة، وبالتأني ومشاورة سكان تلك المناطق قبل أي نحرك عسكري، ولكنه لم يستمع لأحد، ونفذ الخطة المرسومة له، والتي نعرف بعض نتائجها الكارثية، ومنها خطر المسلحين وما حل بأهالي الفلوجة من مصاعب معيشية وصحية حادة أدت لهجرة المئات منهم. إن اعتصام الأنبار كان مستمرا منذ شهور، وكان المالكي نفسه قد صرح مرة بأن ثمة مطالب مشروعة، ولكنه رفض منطق الحوار والأخذ والرد، ثم اتهم المعتصمين بالإرهابيين، وهدد بغزوة quot;أنصار الحسينquot; على quot;أنصار يزيدquot;! لقد تناسى أن أهالي الأنبار، المتهمين اليوم بالإرهاب، هم من حاربوا بquot; الصحواتquot; مجرمي القاعدة عامي 2007 و2008، وحققوا نتائج أمنية كبيرة، ولكن المالكي لم يرتح لقيام تلك الصحوات، ولم ينفذ تعهدات اضطر في حينه لإعطائها لأفرادها.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتأكد فيها علاقات النظامين الإيراني والسوري بتنظيمات قاعدية تقدم للنظامين خدماتهما عند الطلب، في صفقات مصالح مشتركة، وربما يجري ذلك أحيانا مباشرة، وأحيانا بالواسطة..
الأستاذ رشيد الخيون، في مقاله الأخير، أكد على العقلية المشتركة لحزب الدعوة والقاعدة، العقلية التي تتغذى على فكر المودودي وسيد قطب؛ عقلية الحاكمية، وquot;الجهادquot;، ورفض الآخر، ومعارضة العلمانية والحداثة، وquot;شرعنة العنف، والشعور بالفوقية الإلهية، ويسط سلطة الدين، الذي يناسبها، على الناس، ونزع حدود الأوطان [لحساب quot; الأمة الإسلاميةquot;].....quot; [*].. وليس من الصدفة أن خامنئي قام بترجمة كتب لسيد قطب، وأن المالكي يصرح للشرق الأوسط بأنه معجب بكتابات سيد قطب ويقرأ له.
ليست الغاية من هذه الكلمة البحث عن quot;الرؤوسquot; العراقية الوارد ذكرها، ولا عن غرض الوزير العراقي من تصريحاته، وإنما تسجيل حقيقة أنها تزكي مصداقية المعلومات عن العلاقات القديمة والراهنة بين شبكات القاعدة وبين نظامي الأسد وخامنئي ومن يتبعهما. كما لا داعي لإعادة ذكر أسماء كوادر وقيادات قاعدية مهمة استقرت في إيران، واستخدمت في الحرب على العراقيين وعلى القوات الأميركية التي كانت في العراق، وكيف كان الإرهابيون يتسللون من الحدود السورية، ودور الأسد بالذات- وباعتراف المالكي نفسه عام 2009، ولحد تهديده بالشكوى على النظام السوري أمام مجلس الأمن. فكيف يكون حماة القاعدة وشركاؤها أبطال محاربتها!!!! وأما سياسات اوباما، فتتحمل مسؤولية خاصة واستثنائية عما يجري اليوم في العراق والمنطقة، ومنها الخطر القاعدي ودور إيران كأخطبوط المنطقة.
إيلاف في 6 يناير 2014
[* يقول الخيون إن الإصلاح التاريخي الوحيد لولايتي المالكي كان تحويل المراحيض الغربية لمراحيض شرقية- وطبعا دفاعا عن الأصالة وتقاليد الأسلاف!!] . .
- آخر تحديث :
التعليقات