لا يشك اي متابع للاحداث في العالم والمنطقة من ان (الشيعة) تحولوا الى ملف ساخن على الخريطة العالمية والاقليمية، يشغلُ العالمَ الاسلامي بشكل عام والشرق الاوسطي منه على وجه الخصوص، وكانت البداية عندما حذَّر الملك عبد الله الثاني مما سُمِّي في وقته بـ:(الهلال الشيعي)، وفي حماة سجال كان ساخنا فيما يخص هذا الخطر كما يتصوره اصحابه، طرح الامير بندر بن سلطان الذي كان في وقته سفير المملكة العربية السعودية مشروع (الهلال الشيعي العربي) في محاضرةٍ له في احد الجامعات الامريكية،، ومن الواضح ان المشروع يهدف بالدرجة الاوى الى عزل ايران عن محيطها ـ المذهبي ـ الذي يشكل مجالها الحيوي، خاصة وإن جوهر المشروع كان اقتصاديا، قوامه تشكيل تكتل اقتصادي فاعل بين الهلال الشيعي العربي ودول الخليج النفطية ـ كما يرى ـ، وفيما بعد حرب تموز سنة 2006 بين حزب الله اللبناني واسرائيل طرح الزعيم اللبناني نبيه بري ظلال مشروع في خطابٍ له في اجتماع عربي حاشد من ان الهلال الشيعي إنما هو: (هلال شيعي في القمر السني)، ولكنه كان مجرد شعار فضفاض، ولم يجد رد فعل معاكس او موافق لا من المحور الشيعي ولا من المحور السني، وليس من ريب أن مشروع الجمهورية الاسلامية الايرانية النووي حيث يتهمها الغرب واسرائيل بانه مشروع عسكري بالدرجة الاولى، فيما تدعي انه لاغراض سلمية بحتة، كان وما زال البؤرة المشتعلة في هذا الملف، فهو الشاغل الاكبر في المنطقة، وكثيرا ما كان المحور السني يسمِّي المشروع النووي الايراني بـ (مشروع القنبلة الشيعية).
الملف الشيعي في العالم الاسلامي يتبلور لدى الخائفين منه كما يقولون بجملة اسباب ومسوغِّات، منها:
1: إنّه يشكل جغرافية متواصلة تبدا من ايران على اقل تقدير وتنتهي بلبنان عبر العراق وسوريا، وهي جغرافية حيوية استراتيجيا بالدرجة الاولى.
2: إنّه (هلال) نفطي، والنفط متواجد في المناطق (الشيعية) من جغرافيته بقسط وافر من الكمية والنوعية.
3: الكثافة السكانية الهائلة لهذا الهلال من الشيعة، رغم وجود كثافة سكانية سنية ايضا، وهناك اقليات ليست بالقليلة، ولكن يطغي عليها الطابع السني من ناحية ديمغرافية.
4: تجاذب الاتجاهات الدينية والاديولوجية على طول الهلال، فإيران تحمل لواء تصديرالثورة، والعراق يحكمه ـ كما يتصور الخائفون ـ حزب شيعي اديولجي، وفي سوريا نظام تتصدر قيادته الفعلية من الطائفة العلوية، وهناك شبه تحالف ايراني / سوري، وفي لبنان حزب الله الراديكالي ذي العقيدة الشيعية حصرا.
5: تجاوب بعض قوى الاسلام السياسي السني بشكل عام مع الاتجاه السياسي الذي يحمله ويبشر به ويعمل بموجبه (الهلال الشيعي)، فكلاهما يعملان على (اقصاء) اسرائيل، وكلاهما على الضد من الغرب وامريكا على وجه التوكيد (الشر المطلق)، وكلاهما على تواصل مع بعض حركات التحرر العالمية.
6: يملك (الهلال) ممكنات قتالية هائلة، فقد خرجت ايران من حرب طاحنة مع العراق استمرت لاكثر من سبع سنوات، وحزب الله خاض اكثر من حرب مع اسرائيل وخرج ظافرا كما يتصور بعض المحللين، (الهلال الشيعي) ليس نفطيا فقط، ولا جغرافية متواصلة وحسب، بل اضف إلى ذلك، هلال قتالي، يملك العدة، ويملك التجربة.
7: افرز (الهلال) قيادات ماهرة بالعمل السياسي، والاعلامي والعسكري، وقد خطفت الاضواء عالميا واقليميا، والقيادات الناجحة لها دور كبير في تعميق التجربة وتوسيعها وتوكيدها.
هذا بعض ما يتحدث به (الخائفون) من (الهلال الشيعي) ويضيفون أن لهذا الهلال اجنحة وذيول، منها الطابع الشيعي للبحرين على المستوى الديمغرافي، فنسبة الشيعة في البحرين غالبة تقريبا، كذلك وجود شيعة في الاحساء السعودية، حيث النفط، وتواصلها جغرافيا مع البحرين، كذلك هناك الحوثيون كما يقول هؤلاء (الخائفون)، وهم قبائل او قبيلة مقاتلة، ويقال انها تشيعّت او تميل الى التشيع، ولها علاقة بايران حسب تصريحات (الخائفين).
يقول محللون ان الخوف لم يعد يقتصر على سنّة العالم، خاصة الخليج، بل الخوف طال الدول العظمى، واسرائيل هي الخائف الاكبر ربما، وبذلك اصبح الملف الشيعي هو مشكلة العالم أو احد مشاكل العالم الساخنة؟
ترى وما الذي بعد ذلك؟