عندما يصرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انه لايكشف سر إطلاق الرهائن الذين كانوا بقبضة داعش في الموصل..بحجة ان الدولة ليست «بقالة».

إنما يضع نفسه وحكومته في دائرة الشبهات والاتهامات، لان اي دولة نعم ليست هي محل للبقالة لكن الصحيح ان اوردكان حول تركيا الى دولة بقالة سياسية لا ترتقي حتى الى أدنى مستوى من البقاليات في البيع والشراء في الاسواق البخسة، فالفوائد التي تدر علي دولته جراء شراء النفط من الدولة الاسلامية في العراق والشام بأسعار يحلم اوردكان ان تقدم له، وبتمرير شاحنات النفط المسروقة من العراق وسورية وعبورها الى دول العالم وإسرائيل، يكون قد حول السياسة التركية مع داعش الى سياسة فوائد ومقايضات للعرض والطلب، (النفط مقابل تمرير السلاح وتدريب الارهابيين في الاراضي التركية ثم التسهيل اللوجستي بعبور هم الى العراق وسورية).

والا كيف يقنعنا اوردكان او احمد داود اوغلو بهذا الصمت وهذا الهدوء المتبادل بين دولة البغدادي الإرهابية والحكومة التركية منذ اختطاف الدبلوماسيين ال49 مع عوائلهم وحتى حين تسليمهم سالمين لم يمسهم أعوان البغدادي بسوء حتى بقيد أنملة مع مايعرف من هذا التنظيم من شراسة غير مألوفة عند باقي البشر!

الشيء الافت للنظر ان القنصل توزتوروك يلمز الذي كان من ضمن المحتجزين، يكشف حقيقية تزيد من إدانة حكومته عندما يقول انهم استطاعوا البقاء على اتصال مع الحكومة التركية في أنقرة وإنهم نجحوا في إخفاء هاتف جوال وقد تم نقلهم إلى أماكن مختلفة أكثر من مرة أثناء فترة احتجازهم التي استمرت مدة تزيد على 3 أشهر.

&اعترافات القنصل باستمرار اتصالهم بالحكومة التركية تثير اكثر من سؤال في نوع وطبيعة العلاقة الغريبة بين داعش وتركيا، فكيف استطاعوا اخفاء الهاتف النقال!! وكيف كانت تتم عملية شحن بطارية النقال في مختلف الأماكن التي يتم فيها تنقلهم في مناطق مختلفة،!!!! هل كانت داعش تهيء. لهم غرف مجهزة بنقاط شحن أينما حلوا ضيوفا لأكثر من تسعين يوما!!،!!! ان صح ذلك فهذا يعني ان داعش اعتبرت الرهائن الدبلوماسيين الاتراك ذوي منزلة رفيعة، او بتعبير أصح انهم عوملوا كرهائن مدللين في ًحضن الوحش الكاسر، وأسكنهم في غرف خمسة نجوم مع معاملة كريمة اختلفت عن الوحشية والقسوة التي عومل فيها سائق التاكسي البريطاني او الصحفيين الأمريكيين الذين ذبحوا امام العدسات. اضافة الى المذابح الجماعية الاخرى في سبا يكر والايزديين في سنجار وما يحدث في قرى كوباني السورية، والقائمة تطول لامجال لذكرها.&

في هذه المعاملة المميزة لايمكننا الا ان نؤيد ماجاء في صحيفة الاندبندنت التي تقول في قضية الإفراج عن المحتجزين ( هناك علاقة غريبة وغامضة تربط بين داعش وتركيا )، في مثل هذا السلوك المتميز يصبح من حقنا ان نعتبر ان أنقرة قد تكون متورطة مع هذا النظام الإرهابي في ملفات خطيرة يحاسب عليها القانون الدولي، والا اي تفسير اخر يفسر كرم وحسن المعاملة هذه!!!

&احدى المحطات الألمانية ذكرت أن تنظيم ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية بالعراق والشام" (داعش) يمتلك مكتبا غير رسمي في منطقة فاتح في اسطنبول بشمال غربي تركيا وتنظم من خلاله عمليات دعم وإمداد الجماعات في داعش بعد ان تتم عملية تدريبهم في أماكن تركية.&

المشهد التركي والتصريحات المتناقضة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس وزراءها كان واضحا في الغموض والتكتم لعملية الإفراج عن المحتجزين.

&صمت كامل رافق مشهد الإفراج؟ فما هي حيثيات هذه العملية؟ وكيف تمت؟ ومن وراءها؟ ومن هو الوسيط؟ هل الوسيط دولة اخرى تربطها علاقات مع داعش، ام أشخاص لهم نفوذ واتصالات مع داعش؟ وما هي مقايضات الصفقة؟ ولماذا تمت في هذا الوقت الذي سيطر داعش فيها على 60 قرية من ( كوباني ) عين عرب الكردية السورية، وهروب 150 الف كردي، واكثر من 70 الف منهم عالقين على الحدود التركية يستغيثون بلا ماء ولا دواء؟ كيف ستنعكس وبحسب هذه المعطيات والتداعيات على العلاقة مابين اقليم كردستان العراق وحكومة اوغلو!!! وهل الإفراج عن الرهائن تجعل من تركيا ان تعيد النظر بقرارها بالتحفظ والانظمام الى التحالف الدولي في محاربة الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش.

الان وبعد بطلان السبب واستلمت الحكومة التركية كل الطاقم الدبلوماسي مع عوائلهم سالمين من كل مكروه، ماذا سيكون ردها امام الحشد الدولي في محاربة هذا التنظيم الإرهابي، وكيف ستناى بنفسها، بحجج اخرى!

&هناك من المعارضة التركية من يشكك بكل عملية حجز الرهائن للدبلوماسيين ويعتبرها مسرحية لإبعاد الشبهات والاتهامات التي تحاط بحكومة اوغلو اضافة انها لا تخلو من تبادل منافع بين داعش وتركيا لتمرير مخطط دولي والا كيف نفسر تصريح وزارة الخارجية التركية بعد احتلال الموصل والكشف عن وثيقة يخاطب بها القنصل التركي في الموصل الوزير عن وجود داعش وان الخطر حقيقي يحيط بالقنصلية التركية وماذا علينا ان نعمل!!!!! الغريب كان الجواب من قبل احمد داود اوغلو ( ان داعش لاتشكل خطر علينا، ومشكلتنا الان ليست داعش )،!!!!! ( جواب لايحتاج الى تحليل معمق وجهد من التفسير )!

الغموض والتكتم والملابسات التي أحيطت باالعملية، تجعلنا نستنتج ان هناك العديد من الروايات المتناقضة التي تم فيها اخراج المحتجزين.&

الرواية الاولى وفيها أنكرت الحكومة التركية قيامها بأي مفاوضات أو مناقشات مع مختطفي الدبلوماسيين، هذا الادعاء والنكران غريب وغير واضح ويثير الكثير من علامات الاستفهام أمام مايعرف من قساوة التعامل مع المختطفين، قياسا بقيمة ونوعية المحتجزين لديهم التي تعتبرهم داعش غنيمة وثروة في سلوكيتها المتجردة من الرحمة، الا اذا صدقنا الرواية الخرافية وأنهم وعوائلهم حلقوا بمنطاد في السماء ووصلوا الى الاراضي التركية.&

الرواية الثانية تبناها مهندس السياسة التركية احمد داود اوغلو حيث يدعي إن العملية هي من إنجاز جهاز الإستخبارات التركية، بالتعاون مع عناصر الجهاز في الخارج.

هنا في هذا الادعاء يحق لنا ان نسال، مع من كان هذا التعاون،!!!!! هل هو تعاون بين جهاز المخابرات التركية مع عناصر متقدمة من رجال داعش خارج تركيا!!!!، او قد يكون مع مخابرات دولة اخرى خليجية ترتبط مع تركيا وداعش بعلاقات أيديولوجية وتعاونية مشتركة!!

الرواية الثالثة. تقول وبحسب ادعاء الرئيس رجب طيب اردوغان، ان هذا الافراج تم من خلال عملية كوماندوز نفذتها وحدة تابعة للمخابرات التركية.

هذا الادعاء غير مقنع م ولا ينطلي حتى على البسطاء من الناس فإذا كانت هناك عملية كوماندوس. فلابد ان تكون محفوفة بالمخاطر. فلماذا لم نشاهد او نسمع ان هناك اي من الطرفين قد خدش او جرح ان استبعدنا هناك ضحية!

كما انه لو اقتنعنا وسلمنا بهذا الادعاء الاوردكاني هلتركيا مهددة الان بعدم الاستقرار!!! وهل سنشهد في المستقبل القريب عملية هجومية انتقامية معاكسة تقوم بها الدولة الاسلامية في العراق والشام ضد تركيا!

&الغريب ان رجب طيب اوردكان بدل ادعاءه الاول وصرح بتصريح اخر ينفي ماذكره سابقا وقال ان اسرار الدولة ليست بقالة ولا يمكن له ان يفشي سراً للدولة.&

الرواية الرابعة. تستند على ان التعاون الخارجي التي أدلت به المصادر التركية مع جهاز المخابرات هم وسطاء بينها وبين داعش ويمكن ان نستنتج هنا انه ربما يكون الوسيط طارق الهاشمي الهارب والمحكوم عليه بتهمة الارهاب من قبل حكومة بغداد وبتعاون مع بعثيين وشيوخ عشائر في الموصل، ثم لاننسى ان تركيا احتضنت طارق الهاشمي ودعمته نكاية بحكومة بغداد، والكثير من تابع تغريدة لأحمد داود اوغلو مع طارق الهاشمي يخاطبه و يؤكد له بتعبير ( نحن وراءك )، ايضاً من الممكن ان تشمل قائمة الوسطاء الأخوين أثيل وأسامة النجيفي،

اذا صحت هذه الرواية وهي الأقرب الى التصديق لان طارق الهاشمي يرفض القضاء على داعش مالم يتم القضاء على المليشيات وقد ساوى بين ميليشيات تدافع عن بلدها وعقيدتها وبين إرهابيي داعش الذين يرفعون شعار قطع الرؤوس وذبح الأجساد وتكفير لكل من يخالفهم بالفكر والرأي والعقيدة، في هذه الحالة يمكننا ان نخاطب حكومة احمد داود اوغلو والرئيس اوردكان، كيف تحتضن تركيا أشخاص مدانين أصلا بالإرهاب ومطلوبين من قبل القضاء هذا اولاً ثم مانوع وما هو مستوى التعاون و الصفقات التي تتم بين هولاء وداعش التي التي اجمع العالم في محاربتها!!!! وبالتالي في اي دائرة نستطيع ان نصنف تركيا بعد ان حولت أراضيها الى مرتع وحاضنة للارهاب،&

الرواية الخامسة انه قد تكون العملية قد تمت ضمن صفقة باهظة الثمن كان تكون فدية مالية.&

الاحتمال السادس هو ان تكون عملية الإفراج بمثابة مكافأة من داعش الى حكومة احمد داود اوغلو ورد الجميل لعدم انظمام حكومته للتحالف الدولي واستهداف مواقعها.&

اي من هذه الاحتمالات لعملية الإفراج التي تمت هناك سؤال يطرح نفسه وهو لماذا لازمت داعش الصمت هي ايضاً و لم يصدر منها اي تعليق، فهل كان الصمت خطة مدروسة من ضمن آلية الصفقة!!!، الحكومة التركية تدرك جيدا ان اي تغيير في سياستها وأي تغيير في تحفظها للانضمام الى التحالف الدولي قد تحول داعش تركيا الى هدف سهل المنال مع كشف المستور.

حكومة داود اوغلو ورجب طيب اوردكان محاطة بالكثير من الشبهات ومتهمة بتورطها مع داعش في الكثير من القضايا وهي متهمة من داخل البيت التركي بشواهد ملموسة وقد وجهت قيادات كردية في البرلمان التركي الكثير من التهم ابتداءا من الدعم الوجستي للتنظيم وتقديم العلاج لجرحاه وتسهيل مرور مقاتليه كما اتهم حزب الشعب الجمهوري حكومة احمد داود اوغلو وزير الخارجية سابقا انه دافع عن جبهة النصرة الإرهابية ايضاً في العام الماضي بعد ان طلبت امريكا وضعها على قائمة الإرهاب. وقد اتهمت جريدة حريتي التركية ان 10 بالمائة من داعش هم أتراك..&

&تركيا تعيش أسوء أيامها فهي مابين كماشة ابتزاز داعش من جهة وبين المخاوف من حزب العمال الكردستاني الذي من غير المستبعد بعد احداث عين العرب ان يتحرك عاجلا او آجلا مع اصطفاف المعارضات التركية الاخرى بكل امتداداتها من العلويين الى القوميين والإسلاميين واليساريين،&

حزب الشعب الجمهوري يتهم الحكومة بالتغطية على بيع النفط المسروق من الاراضي التي يسيطر عليها داعش في سورية والعراق داخل تركيا بشكل يؤمن دخلاً وافرا قدر بقيمة 3 مليون كل شهر الى النظام.&

في مثل هذه الظروف وبعد غلق الحدود التركية امام اكراد سورية الفارين من خطر داعش في منطقة عين العرب التي يسيطر عليها النظام ألد أعشي على اكثر من 60 قرية، وتقديم تركيا السلاح الثقيل من المدرعات لهذا النظام مقابل كسر المقاومة الكردية ثم الاعلان عن إقامة منطقة عازلة لايمكن بعد ذلك ان يحافظ اوردكان على الاتفاقيات التي خطط لها في ديار بكر مع مسعود البارزاني في نوفمبر عام 2013 لإحياء عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني.&

&مسعود البارزاني الذي أقام علاقات ثنائية بين الإقليم وتركيا على حساب حكومة بغداد وكان يفرش له السجاد الأحمر عند زيارته الى تركيا قد أبدى استغرابه وامتعاضه من عدم دفاع تركيا عن الموصل عندما اجتيحت في حزيران من قبل قوات داعش الإرهابية.&

كما ان بارزاني وبعد احداث كوياني ( عين العرب ) موخرا انتقد تركيا وتحدث عن نيته باعادة النظر في علاقة الاقليم معها.

&بسبب الموقف المشبوه عن تورط حكومة أنقرة مع داعش يعتقد الكثير من العراقيين ان رجب طيب اوردكان واستخباراته وراء احتلال الموصل من قبل داعش ورجالات بعثية وعشائر عراقية باعتبار ان من يقف وراء المؤامرة على سورية يقف وراء احتلال داعش للموصل.

&الحقيقة ان تركيا تنفذ جزء من مشروع احيل اليها من عواصم القرار في امريكا والغرب وإسرائيل لإضعاف المنطقة برمتها، ابتداءا من سورية والعراق ومصر.

فلم يكن مستغرَباً أن ترفض تركيا التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر جدّة لمكافحة الإرهاب، فهي ترفض اختيار السعودية ان تقود العالم السني في هذا التحالف بدلا منها التي تريد اعادة أمجاد عهد السلاطين والباشوات العثمانية.

كما ان تركيا ومن المسلمات التي لاتقبل الشك انها تكن العداء المكشوف للسعودية الحليف الاكبر للسيسي وتعتبرها وراء إسقاط الاخوان المسلمين وعزل الرييس محمد مرسي.

حزب العدالة والتنمية الإخواني يعتبر نفسه الراعي والأب الاكبر لحركة الاخوان المسلمين في العالم، ومن هذا المنطلق احتضنت تركيا القيادات الإخوانية التي أبعدت من قطر مؤخراً نتيجة الضغط الخليجي.&

وإذا كان اوردكان يحلم بإعادة الحلم العثماني ويطرح نفسه راعياً للمذهب السني في المنطقة، نقول له ان حلمه لايتحقق وسط اخطار عديدة تحاط به داخليا وخارجيا وان بقاليته السياسية في البيع والشراء بين المجرمين والإرهابيين على حساب تدمير العراق وسورية ومصر لن تفيده طويلا،

أشارت بعض التسريبات ان تركيا وضعت بعض الشروط على امريكا لمشاركتها في التحالف، اهم هذه الشروط هي:

اولاً - طالب أردوغان أن لا تنحصر الضربات الجوية بهدف مواجهة داعش فقط مالم تكن هناك استراتيجية كاملة لإسقاط النظام السوري أيضاً، معتبرا ان استهداف داعش فقط سيقوي النظام السوري في دمشق.

ثانيا عدم تسليح حكومة بغداد لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية داعش بحجة ان التسليح سيؤجج التصعيد المذهبي.

ثالثا عدم تسليح اقليم كردستان لان ذلك سينعكس سلبا على حل المشكلة الكردية في تركيا.

رابعا. الضمان عدم وصول السلاح الى حزب العمال الكردستاني.&

دولة اوردكان على شفا حفرة من النار فآوردكان بعد ان أوصل بلاده ضمن قائمة السبعة عشر افضل دولة اقتصاديا وآمن لبلده ثروة سياحية تقدر ب 30مليار دولار سنويا يحاول اوردكان ان ينأى ببلده عن اخطار الغول المتوحش عن طريق تعامله مع داعش بطرق رخيصة وبخسة لايمكنه ان يحلم بهذا الاستقرار الدائم، ومن دون مقابل، وعليه ان يستفيد من العبر التي مرت بها دول&الان ترتعد وترتعش وتعقد من على ارضها المؤتمرات وتحشد الجبوش ومستعدة ان تنفق المئات من المليارات كلفة القضاء على داعش وأبعاد خطر من ربتهم سابقا، بعد ان أفلست في دعمهما لإسقاط نظام بشار الاسد.

تركيا مهددة الان بعدم الاستقرار الامني اكثر من اي وقت مضى خاصة بعد توجيه الضربات الامريكية المكثفة لدولة العراق والشام في سورية والعراق، فمن الممكن ان يفر الكثير من عناصرها الى تركيا،بعد ان وجد هذا النظام الملاذ الامن له في عدم محاربتها له، وفي هذه الحالة لايمكننا ان نستبق تكهنات المستقبل وتوقعاته على الساحة التركية وكيف ستتعاطى حكومة أنقرة، وهل ستمسك بعجلة الركب الدولي متأخراً.

في اعتقادنا ان اول هذه الاحتمالات ان داعش ستنتقم وتكشف عن المستور في عملية اسرار فك أسر الرهائن الدبلوماسيين الاتراك.

&