على مدار عدة عقود من الزمن تعرضت روح الهوية المصرية الأصيلة لعدة طعنات متتالية بهدف تشويهها وطمث معالمها الحضارية والثقافية الفريدة حتى كادت تموت. وكانت الطعنات تتوالى عليها من قبل متأسلمين جهلاء خرجوا عن صحيح الدين الإسلامي الحنيف فكانت النتيجة أن تشوهت بقصد أو بجهل صورة المسلمين ليس فقط في العالم العربي ولكن في العالم أجمع.

في هذه الأثناء كان المصريون خائفين على هويتهم المصرية الأصيلة التي تحمل كل جينات أجدادهم الفراعنة والتي مكنتهم من احتواء عدة ثقافات وصهرتها في بوتقة الهوية المصرية الأصيلة التي قال عنها المؤرخون Egyptinization لأنها الهوية الوحيدة التي تذوب فيها الثقافات الأخرى وليس العكس. فإذا جاء العربي إلى مصر صارا مصريا ولم يتعرب المصري، وإذا جاء الإنجليزي أو الفرنسي إلى مصر صارا مصريا ولا يتغير المصري فلا يصير لا إنجليزيا ولا فرنسياً.

لكن الشعب المصري الطيب على مر العصور يعلم بخبراته الطويلة أنه إذا جاءه الخوف واشتد عليه الحزن فعندئٍذ سيكون الفرح والخلاص. فالمصريون جميعاً يؤمنون بأن مصر محفوظة بيد العلي مهما حدث معها ومهما جرى لها...

وكان الأقباط يسمعون ويتذكرون في ليلة عيد الميلاد كل عام عبارة "لا تخافوا" التي قالها الملاك للرعاة الخائفين عندما خاطبهم قائلاً " لاَ تَخَافُوا فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ : أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ"" وفي الحال يتبدد الخوف عنهم ويعود إليهم السلام والأمن والآمان.

فجأة ترتب الطبيعة أوراقها لتصحح للعالم الصورة السيئة التي نشرها المتطرفون المتعصبون المتأسلمون عن الإسلام والمسلمين الطيبين وٌتسمِع العالم أجمع وليس فقط المصريين والعرب عبارة "لا تخافوا" ولكن بكلمات أخرى وفي مكان آخر وفي زماننا هذا...

فيجد المصريون رئيسهم وقد جاء إلى الكاتدرائية لتهنئة الأقباط بميلاد المسيح... فتغمرهم سعادة عارمة.... حقاً لقد كان فعلاً حكيما من رجل عظيم اختار المكان المناسب والتوقيت الصحيح ليقول للعالم اجمع "لا تخافوا" من الإسلام ولا من المسلمين فها أنا اليوم هنا في الكاتدرائية أشارك الشعب المصري كله الاحتفال بمولد المسيح كلمة الله رافضا ومعي جموع المصريين المسلمين دعاوى وفتاوى المتأسلمين والمتطرفين.

قال الرجل من داخل الكاتدرائية "نحن المصريين" وسمعها الشعب "لا تخافوا" فدبت الروح والحياة إلى&الروح المصرية المريضة فشفيت وتعافت على الفور وغمرت جموع الشعب المصري السعادة والسرور.

وكل هؤلاء كانوا يرددون قلبيا ما جاء في مثل الابن الضال " ابني (أي الروح المصرية الأصيلة) كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد"...

نجح السيسي فيما فشل فيه كل رجال الأزهر. وكان هو نفسه القدوة والمثل عندما أوضح لهم يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أن مصر بحاجة إلى ثورة دينية.. ثورة تصحح المفاهيم الخطأ عن القيم الإنسانية والحضارية التي علمتها مصر للبشرية منذ فجر التاريخ... ثورة دينية تجعل الانتماء للوطن يأخذ مكانته الحقيقة... ثورة تجعل من المواطنة الشريعة التي تتحقق بها كل الشرائع السماوية وحتى الأرضية.. ثورة تعلم الناس أن الدين جاء لخدمة الإنسان وليس العكس... جاء من أجل أن يفرح الإنسان ويسعد بالحياة ولم يأت من أجل الغم والحزن والنكد!!!

تحية وتقدير للرجل الذي بدء الثورة الدينية بنفسه واختار المكان المناسب والتوقيت الأنسب... تحية للرجل الذي استطاع أن يشخص كل أوجاع مصر والمصرين في عبارتين "ثورة دينية" و "نحن المصريين".

وتحية إلى الشعب المصري الطيب الذي زرف دموع الفرح والسعادة عندما عادت إليه روحه الأصيلة التي&تحمل كل المعاني الطيبة لقيم المحبة والتسامح الديني والأخلاقي.

عاشت مصر شامخة يكل أبناءها المصريين وحفظها الله في أمن وآمان إلى منتهى الأعوام وكل عام وانتم جميعا بخير.

&

[email protected]