صدرت ألاف الإدانات للهجوم الإرهابي المجرم في مدينة باريس يوم الأربعاء، السابع من يناير 2015 ، ضد العاملين في مجلة "شارلي إيبدو" وأسفر وما تبعه من أعمال إرهابية عن مقتل 19 شخصا. وكل ألاف الإدانات هذه وما تبعها من مسيرة دولية يوم الأحد، الحادي عشر من يناير، شارك فيها قرابة خمسين رئيس دولة، مهمة ولها تقدير عال لدى كل من يرفض هذا الإرهاب الإجرامي الذي أصبح شبه يومي في العديد من العواصم والمدن في مختلف القارات. ومن بين ألاف الإدانات هذه تأتي إدانة لها موقف ذي دلالة مهمة هي:
إدانة حركة حماس لذلك الإرهاب المجرم،
فقد اصدرت حركة حماس من قطاع غزة بيانا باللغة الفرنسية، تدين هذا العمل الإرهابي ضد مواطنين أبرياء ورد فيه: "تؤكد الحركة على موقفها المحدد من الأحداث الأخيرة في باريس والمنسجم مع بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي استنكر وأدان ما حدث من اعتداء على صحيفة شارلي إبدو وأن أي خلاف في الرأي والفكر ليس مبرراً لقتل الأبرياء". ما هي دلالات هذه الإدانة من حركة حماس؟. دلالات عديدة منها أنّ الحركة تؤكد ما أقدمت عليه محكمة العدل الأوربية في السابع عشر من ديسمبر 2014 من قرار منطقي وجريء يقضي برفع اسم الحركة من القائمة الأوربية للمنظمات الإرهابية التي وضعت عام 2003 ، وكان قرار رفع اسم الحركة هذا حسب رأي متخصصين قانونيين لأنّ وضع اسم الحركة على قائمة الإرهاب الأوربية آنذاك لم يستند للمعايير القانونية المرعية في الاتحادة الأوربي، مما يعني أن الاتحاد الأوربي يصحح خطأ كان قد اتخذه وأضرّ عالميا بسمعة وسلوك حركة المقاومة الإسلامية حماس التي لم يسجّل لها أن قامت بأية عمليات عسكرية خارج فلسطين المحتلة،ولا يطلق على عملياتها المسلحة داخل فلسطين المحتلة ضد جيش الاحتلال إرهابا سوى الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر أيضا مواجهتها لإرهابه واجتياحه لقطاع غزة إرهابا أيضا بينما قتله في اجتياحه الأخير للقطاع قرابة 3000 فلسطيني ليس إرهابا، وقتل جنوده للبرلماني الفلسطيني "زياد أبو عين" المسالم الذي لا يحمل& أي سلاح ليس إرهابا في عرف الاحتلال فيقوم بعدم إدانة الجندي الإسرائيلي الذي قتله خنقا ونطحا بطاقيته الحديدية العسكرية.
وما العيب في انسجام البيان مع موقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟
لاحظ بعض المراقبين أنّ بيان حركة حماس الذي يدين بوضوح العملية الإرهابية في باريس ورد فيه قول الحركة (موقفها....المنسجم مع بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين )، والكل يعرف أنّ المقر الرئيسي لهذا الإتحاد في الدوحة العاصمة القطرية ويرأسه الشيخ يوسف القرضاوي. أنا أرى حتى لو صدر بيان حركة حماس بالتنسيق مع الاتحاد وحكومة قطر فهذا لا خطأ ولا عيب فيه طالما نحن نجمع الدعم المضاد لهذا الإرهاب الإجرامي في أي دولة يحصل. وأهمية بيان حركة حماس أنّه بيان يصدر عن حركة إسلامية لها علاقة قريبة أوعلاقة تأييد ودعم من حركة الإخوان المسلمين وبهذا يتم نزع غالبية الغطاء الإسلامي الذي يتستر به أولئك الإرهابيون الذي لم يسلم المسلمون أنفسهم من إرهابهم.
ونفس الموقف مطلوب من كافة الحركات والأحزاب الإسلامية،
كي تدين ليس حادث باريس الإرهابي فقط بل مثل هذا الإرهاب بشكل عام متى وأين يحصل، لأنّ هذه الإدانات الشاملة من شأنها أن تعري هؤلاء الإرهابيين وترفع الغطاء الإسلامي الذي يدعونه والأخلاقي الذي يفتقدونه أساسا.
وبيانات الإدانة وحدها لا تكفي ولا تردع،
إذ لا بد من التركيز على مرتكزات هذا الإرهاب الذي لم ينزل علينا من مجرّات فضائية بل من أوساطنا الداخلية متمثلة في:
فضائيات بث الكراهية والعنف
برامج التربية والتعليم التي تحتوي على مواد تحث على كراهية الآخر
شيوخ الفتاوي الذين يجاهرون بالحض على هذا الإرهاب بأوجه مختلفة
ومن المهم للعالم أجمع أن يلاحظ أنّ الفقر والظلم والجوع والأنظمة المستبدة التي تصادر كافة حريات الإنسان، والاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض الاستجابة للحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني، كلها عوامل وأسباب تدفع نسبة من الشباب للإنخراط في هذا الإرهاب حتى لو ماتوا أنفسهم من خلال عملياته، لأنّه عندهم لا فرق بين حياتهم هذه أو الموت ، بل ربما يكون الموت أفضل لهم من حياة الفقر والبؤس والاستبداد هذه. إنّ محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وأيا كانت هوية وديانة وجنسية مرتكبية مهم جماعية ليست سهلة ومن الضروري الاستمرار فيها.
www.drabumatar.com
&
التعليقات