أربعة أشهر مرت من الحرب التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة كوباني، الذي ما يزال يسيطر على 95% منها إذا ما أشملنا القرى، كما وانه ما يزال موجودا في عدة أحياء بالمدينة بنسبة سيطرة تصل إلى 30%.

التحالف الدولي يواصل استهداف تنظيم الدولة داخل مدينة كوباني بقصف مركز، وطائراته تحلق باستمرار في أجواء المدينة، القصف بدأ منذ ثلاثة أشهر وبالتحديد في الثالث والعشرين من اكتوبر 2014، بيان القيادة الأميركية الوسطى حول عملياته ضد التنظيم يشير إلى أنهم مع انتهاء العام 2014 نفذوا بحدود 15 ألف و465 طلعة جوية، وتم إلقاء 5 آلاف قُنبلة واستهداف أكثر من 3 آلاف نقطة، وإن إجمالي الغارات وصل إلى 1676 غارة حتى 31 ديسمبر 2014، تم خلالها تدمير 58 دبابة، و 900 آلية عسكرية، من بينها 184 سيارة رباعية الدفع من طراز هامفيز، و26 عربة مصفحة، بالإضافة إلى استهداف 52 موقعاً محصَّنا تحت الأرض، و673 موقعا قتاليا، ونحو ألف مبنى.

وإن أحصينا حصة كوباني من تلك الغارات نجدها بحدود 35%، حيث تجاوز العدد 650 غارة بمعدل غارة كل أربع ساعات.

كوباني إذاً بعد أربعة أشهر من حرب داعش، وثلاثة أشهر من قصف التحالف تحولت إلى أنقاض، وباتت مدمرة بشكل شبه كامل، فأحياء عديدة سويت بالأرض كحي بوتان الشرقي والغربي، وحي الصناعة، وحي مكتلة، والمربع الأمني، ومركز المدينة...ولم يتبق منزل إلا وهو إما مدمر، أو مصاب بقذيفة مدفعية أو دبابة أو هاون.

إذا هي حرب مزدوجة، لتدمير المدينة، ومحاربة تنظيم الدولة بدون أي رغبة جدية من التحالف في إنهائها على المدى القريب أو في القضاء على داعش الذي يتحرك بحرية في طرق إمداداته، وخطوط التعزيزات المفتوحة من الاتجاهات الثلاث حتى منبج، وجرابلس، والباب، مرورا بتل ابيض إلى الرقة، فالتحالف الدولي وداعش جعلا من كوباني مصيدتهما لهزيمة الآخر، التحالف كان يراقب التنظم وهو يتقدم بسلاحه الثقيل ويحتل القرى الكردية، حتى وصل مشارف المدينة، واحتل أجزاء منها ليبدأ بالقصف الذي هدفه إضعاف التنظيم وليس إنهائه، وكذلك التنظيم وجد في كوباني ملاذه في أنها باتت عينا لشهدائه وهو يدرك بأن خسارة كوباني وتراجعه يعني هلاكه، كما تدرك بان انتصارها مستحيل لذا فهو يزج بتعزيزات دورية من مقاتليه الانتحاريين ويعمل على البقاء صامدا فيها قدر ما استطاع في حرب استنزاف طويلة، فالغارات التي تستهدفه هناك ستتحول لاستهداف معاقله في ريف حلب والرقة ودير الزور بذات الكثافة، فالأفضل أن يبقى وان يتحصن ما أمكن في معركة "الرباط" وبالتالي يسيل لعاب طائرات التحالف في استهدافه داخل المدينة أفضل من أن يم استهداف مقراته المنتشرة في المدن الأخرى.

حرب داعش في كوباني أثبتت أن إستراتيجية التحالف الدولي بالغارات ضد التنظيم غير كافية للقضاء عليه أو إضعافه حتى، لذا فإن التحالف الدولي يجب أن يبدأ في البحث عن حلول بديلة أو داعمة لهذا الخطة إن كان جديا والتحالف اليوم بات أمام مسؤوليات أخرى في أن يجد بديلا ناجعا إن كان يسعى بالفعل إلى القضاء على هذا التنظيم الإرهابي الذي يخوض حربه المصيرية ليس ضد الكرد، أو كوباني فحسب وإنما ضد العالم.

فالواضح أن التحالف بذاته، لا يرغب في إنهاء حرب كوباني التي تحولت إلى مصيدة لداعش التي منيت فيها بأعداد ضخمة من القتلى غالبهم من المهاجرين، والقيادات العسكرية، وإلا فإنه أمام خطوات مهمة وهي أن يقوم بحرب برية، أو إرسال قوات جوية أمريكية بطائرات اباتشي على الأقل لاقتناص الأهداف وليس قصفها عن بعد، فداعش اليوم بات على قدرة كبيرة في تمويه تواجده، وتحركاته، بسياسية بناء الإنفاق، أو التحرك في حال غياب الطائرات، أضف بأن تسليح القوات المتواجدة على الأرض بعد تدريبها هو خيار مهم، فالانجازات التي حققتها البشمركة في العراق كبيرة أمام ما يحققه الجيش العراقي مثلا.

&وبالمقابل فإنه يترتب على التحالف أن يجد حلا لمعاناة نصف مليون مدني نازح جراء هذه الحرب وهم يعانون أقسى الظروف في ظل غياب أي دعم أو اهتمام دولي ناهيك عن الاهتمام الإعلامي، كما وأن التحالف معنى بخطة إعادة إعمار المدينة التي حولتها غاراته إلى أنقاض.