&انتهى الاجتماع الدولي – الاقليمي في العاصمة النمساوية "فيينا" يوم الجمعة، 30 أكتوبر 2015م، باتفاق ممثلي ووزراء خارجية 17 دولة ومنظمة على مبادئ لحل المشكلة السورية المتفاقمة منذ حوالي خمس سنوات، بينها العمل على وقف لإطلاق النار، وهدنة شاملة، وبقاء مؤسسات الدولة السورية، وتشكيل حكومة تمثيلية تضم جميع الأطراف، مع بقاء الخلاف حول مصير الرئيس "بشار الأسد" ودوره في المرحلة الانتقالية.

النقاط التسع التي تضمنها بيان "فيينا" تبدو في ظاهرها متطابقة مع المطالب السورية وحليفتيها إيران وروسيا، لانها نصت بوضوح على ان تبقى سورية دولة موحدة وعلمانية، مع فترة انتقالية محدودة، تتشكل خلالها حكومة وحدة وطنية من النظام والمعارضة، يجري بعدها وضع دستور جديد والدعوة لانتخابات عامة، قد تكون رئاسية وبرلمانية في الوقت نفسه.

كان الخلاف منذ البداية بين الدول الغربية وحلفاءها في المنطقة من جهة وبين كل من روسيا وإيران من جهة اخرى هو مصير الرئيس "بشار الأسد". الحكومة الروسية منذ بداية الأزمة السورية لم تكن مصرة على بقاء "الأسد" في السلطة كما كان يعتقد الكثيرون، بل كانت مع إزاحته ولكن بطريقة لائقة، أي غير مهينة كما حدث لكل من "بن علي" و "مبارك" و "القذافي" وقبلهم "صدام". هذا ما صرح به قبل فترة احد المسؤولين الروس. كما ان الحكومة الروسية تريد المحافظة على مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية في سوريا الجديدة، عبر حصولهم على تأكيدات وتطمينات من النظام الحاكم الذي سيخلف نظام "الأسد". كانوا دائما يرددون القول بأن الشعب السوري هو من يقرر من يحكمه.

التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية الذي بدأ قبل حوالي خمسة اسابيع لا بد ان يكون محكوما بسقف زمني لا يتعدى نهاية السنة الحالية. هذا السقف تحكمه اعتبارات سياسية وعسكرية واقتصادية، هذا ما اكده الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في اكثر من مناسبة، لعلمه ان الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية تريد له ان يغرق اكثر فأكثر في المستنقع السوري، وعندما يفشل في تحقيق نصر عسكري على الأرض – وهذا هو الاحتمال الأكبر - سوف تتبخر احلامه ببسط نفوذه في الشرق الاوسط.&

كما ان الاقتصاد الروسي الذي يعاني من العقوبات المفروضة عليه من قبل الدول الغربية وانخفاض اسعار النفط لا يتحمل كلفة هذه الحرب التي تترواح بين 2.3 مليون و 4 ملايين دولار يوميا وفقا لإحدى التقديرات (قد لا تبدو كبيرة الآن، ولكنها ستبدأ في التضاعف كلما طال الوقت) والتي لم تحقق الكثير على الارض حتى الآن. لهذه الاسباب إستعجل "بوتين" اطلاق المسار السياسي بحثا عن تسوية تحفظ ماء وجهه وتنقذ الاقتصاد الروسي من التدهور.

منذ اجتماع "فيينا" الأخير، تغيرت تصريحات المسؤولين الروس والإيرانيين بخصوص مستقبل الرئيس "الأسد". المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" في مقابلة مع اذاعة "صدى موسكو" يوم الثلاثاء من الاسبوع الماضي، قالت ردا على سؤال إن كان مبدئيا لروسيا الإبقاء على "الأسد" في السلطة: "أبدا، لم نقل هكذا أبدا. نحن لا نحدد إن كان على الأسد الرحيل أو البقاء".

اما نائب وزير الخارجية الايراني "حسين أمير عبد اللاهيان"، اول مسؤول ايراني بهذا المستوى يزور بريطانيا منذ عشر سنوات يوم الاربعاء من الاسبوع الماضي، قال لصحيفة الغارديان البريطانية: "نحن لا نعمل على إبقاء الأسد في السلطة للأبد كرئيس، لكننا واعون جدا بدوره في مكافحة الارهاب وفي الوحدة الوطنية. في أي عملية سياسية سيكون بشار الأسد مهما، الشعب السوري سيتخذ القرار النهائي وأيا كان هذا القرار سندعمه".

في اي تسوية سياسية، سيتخلى "بشار الأسد" عن الرئاسة طوعا او كرها، وستكون مطالبه كالاتي:

بلد يقبل باستضافته للعيش فيه.&

ضمان عدم الملاحقة القانونية له شخصيا وكل أعوانه والمقربين منه.

عدم المساس او التطرق للثروات التي استحوذوا عليها خلال فترة حكمه.

السؤال: اذا كان كل رئيس عربي يدعي انه لم يرتكب جرائم انسانية ضد شعبه يعاقب عليها القانون الدولي، ولم يستولي بغير حق على ثروات شعبه، لماذا يطالبون بهذه الحصانة؟&

آخر الكلام: إرادة الشعوب لا تقهر، طال الوقت أم قصر.