واضح للبيان صراع العلم والتقدم ونقيضه مرتع وبلاء التأخر.

تركيا هي المثل الذي أسوقه للعامة وتوثقه وكالات وهيئات وإدارات العمل الدولية ومؤسساتها.

منذ سقوط الدولة العثمانية عام 1918 م والى يومنا الحاضر ظلت الحكومات العربية المتعاقبة تنتقد بشدة معاملة الأتراك الوحشية للقوميات الكردية والأرمنية والعربية. وظلت تركيا الجديدة تتمسك وبقوة وعلانية بمنهجها العلماني وجدران الديمقراطية الى حين وصول حكومة الرئيس رجب طيب أوردغان الذي تجاوز أخطاء سلفه بالأصلاح الدؤوب وطيب رحيق العلم بذكاء سياسيس سأشير إليه لاحقاً.&

لنبحث معاً الجوانب الإيجابية لنكون على معرفة عما يجري في تركيا الحديثة. ولعل أهم نقطة أود مشاركة القارئ بها هي أن النظام التركي لايسمح للفلول الأرهابية أن تكون الأراضي التركية مرتعاً للإرهاب. ولا تجد هذ الفلول حيزاً جغرافياً للعمل والحركة رغم محاذاتها العراق ومحافظة نينوى شمالاً والأراضي السورية المضطربة.&

في حين لم تستطع قيادات العمليات العسكرية ومتحدثيها في العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا كسر شبكات الأرهاب ببياناتها المعادة المملة، إستطاعت تركيا قطع دابره، وهو الأمر الذي جعل أعداد جديدة من مرضى التخريب والدمار تدخل عالم الظلام و ميدان الصراع الجدلي المميت في عالمنا العربي والإسلامي. ويتضاعف روادها ويزداد مع وصول وجبات وفصائل إنبهرت بوصول الأسلحة والاعتدة والأجهزة العسكرية المعقدة إليهم من مصادر مختلفة وتثير إنبهارهم وإعجابهم وشغفهم بحب القتال والموت في سبيل الله بتشجيع التأثير السحري وا لتلقين الجهادي " وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". فترى أن توفر خزين من الشباب المقاد بسحر الجهاد عمل لايستغوي الشباب التركي المسلم ولايستيقظ الشعب التركي على إنفجارات القنابل وعد الضحايا. فقد تغيرت الحياة التركية بنظامها العلماني الصلد وإقتصادها القوي وموارد السياحة المنتعشة.&

حكومة أردوغان حققت قفزة مذهلة في المركز الإقتصادي وبدأت تتسلق سُلم العلم والصناعة والتطور التكنولوجي بسرعة، وإرتقت من الدولة 111 إلى الدولة رقم 16 وبمعدل عشر درجات سنوياً، وإنضمت رسمياً الى مجموعة(G-20 ) للدول القوية في العالم.&

في العشر سنوات الأخيرة قامت تركيا ببناء 125 جامعة جديدة و 189 مدرسة و 510 مستشفى و 169 ألف فصل دراسي حديث ليكون عدد الطلاب بالفصل لا يتجاوز 21 طالب.&

العام 2023 يوافق إنشاء الدولة التركية الحديثة، وهو التاريخ الذي حدده أردوغان لتصبح تركيا القوة الإقتصادية والسياسية العليا في العالم.

بذكاء وحنكة وإرادة سياسية، وظفَتْ الحكومة التركية المساعدات المالية الأمريكية عن التسهيلات التي تمنحها للطائرات الحربية ولحلف الأطلسي في برامج صحية، مختبرية، وهندسية وبناء مستشفيات و مدارس وجامعات علمية. وعندما اشتدت الأزمة الإقتصادية التي اجتاحت أوروبا وأمريكا، رفعت الجامعات الأمريكية والأوروبية الرسوم الجامعية، بينما أصدر أردوغان مرسوماً بجعل الدراسة في كل الجامعات والمدارس التركية مجانية وعلى نفقة الدولة. ميزانية التعليم والصحة التركية فاقت ميزانية الدفاع، وأعطي المدرس راتباً يقارب راتب الطبيب والمهندس. كما تمّ إنشاء 35 ألف قاعة مختبر لتكنولوجيا المعلومات وقواعد بيانية حديثة يتدرب الشباب الأتراك فيها

وجمع الرئيس أردوغان بذلك بين رأسمالية وإشتراكية النظام العلماني التركي وإستقلاليته كما شاركت شركاتها في شراء النفط المهرب من العراق منذ التسعينات من القرن الماضي بعد الغزو العراقي للكويت.&

الخطوط الجوية التركية تفوز كأفضل واسطة نقل جوية في العالم لثلاث سنوات على التوالي ومطار إسطنبول الدولي، من أضخم المطارات في الخدمات في شرق أوروبا ويستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة فضلاً عن مطار صبيحة الذي يستقبل 630 طائرة يومياً. علمأ بوجود أكثر من 20 قاعدة جوية للطائرات الحربية. تركيا صنعت و للمرة الأولى في عهد حكومة مدنية، أول دبابة مصفحة، وأول ناقلة جوية، وأول طائرة بدون طيار، وأول قمر صناعي عسكري حديث متعدد المهام مازال في عهدة خبراء التجارب.&

تركيا تعمل جاهده لتفريغ 300 ألف عالم للبحث العلمي للوصول إلى عام 2023. وتهتم تركيا بالزراعة المتطورة. وقد تم زرع الملايين من الأشجار المثمرة والحرجية وتجري تجارب إروائية حديثة على بساتين وحقول زراعية لتطويرها.&

ارتفع دخل الفرد خلال السنوات الأخيرة من 3500 دولار سنوياً إلى 11 ألف دولار. وإرتفعت قيمة العملة التركية بنسبة 30 بالمئة. كما انخفضت نسبة البطالة من 38% إلى 2%

وفي أكبر إنجاز سياسي لتركيا، قام أردوغان بإحلال السلام بين اليونان وتركيا بشأن جزيرة قبرص وأجری محادثات تسوية مع حزب العمال الكردستاني لوقف نزيف الدم، واعتذر للأرمن عن مذابح الحكم العثماني وملفات عالقة تعود الى تسعة عقود.

المشكلة العالقة في تركيا آلان تتعلق بقضية اللاجئين، وقد ذكر الرئيس التركي أردوغان أن بلاده أنفقت 8.5 مليار دولار على نحو 280 ألف لاجئ في مخيماتها، مؤكّدا أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب ضيوفها السوريين والعراقيين، الذين تعتبرهم أخوة وجيران وأصدقاء.

وانتقد الرئيس التركي أردوغان الأربعاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني جميع الدول والمؤسسات التي تمتلك القدرة على إنهاء معاناة السوريين، ولم تقم بذلك لسبب أو لآخر.&

وفي إنتقاد شديد اللهجة أوضح أنه "من غير الممكن تبرئة كيان لم يتحرك حين قتل آلاف الأبرياء في سوريا، أمام الضمير الإنساني"، في إشارة إلى مجلس الأمن الدولي".

غياب العدالة في المحافل الدولية واضح في هيكلية مجلس الأمن الدولي الذي تهيمن عليه 5 دول " فالعالم أكبر من خمسة" ومن المستحيل انتظار التطور والعدالة ببقاء 200 دولة في العالم محكومة بخمس دول أو إحداها،&

&

باحث وكاتب سياسي مستقل&

&