لم يتأثر الاقتصاد الفرنسي وحده بهجمات الثالث عشر من نوفمبر الحالي والتي خلفت مئات الضحايا بين قتيل وجريح, ففي أول افتتاح للأسواق العالمية بعد الهجمات الإرهابية هبطت أسعار الأسهم وهبط معها سعر النفط على المستوى العالمي حيث أنخفض خام برنت في العقود الآجلة 85 سنتا للبرميل ليسجل 43,71 دولارا للبرميل وتراجع الخام الأمريكي في عقود اقرب استحقاق 80 سنتا إلى 41 دولار تقريبا للبرميل وتقلصت العلاوة السعرية لبرنت على الخام الأمريكي إلى حوالي 1 دولار و77 سنتا للبرميل ويراهن الكثير على مزيد من التراجعات كذلك تأثرت أسعار الأسهم,& ولو عدنا إلى فرنسا لوجدنا أن الاقتصاد الفرنسي هو المتأثر الأكبر من هذه الهجمات, فرنسا التي تعتمد على السياحة بشكل كبير في اقتصادها فهي الوجهة الأولى في العالم من حيث السياحة لعدة أسباب, أهمها البعد التاريخي لمدنها وخصوصا باريس وموقعها الجغرافي في قلب القارة الأوربية والذي يشكل مسافة غير بعيدة لمعظم سائحي العالم للوصول إليها من دون عناء إضافة إلى معالمها الشهيرة كبرج ايفيل واللوفر وغيرها من الأيقونات الفريدة في العالم, إن أول قطاع سوف يتأثر في فرنسا هو قطاع السياحة وهذا سيؤدي بالتأكيد إلى انخفاض أسعار أسهم الشركات السياحية والفندقية وشركات الطيران والنقل وكل ماله علاقة بالسياحة , فبرغم استمرار توجه نظر السائح الى باريس لكن ما حدث& سيجعل الكثير ممن يخطط لقضاء فترة أعياد الميلاد في باريس امرا مستبعدا و سيعزف الكثير عن السفر إلى فرنسا خصوصا في هذه الفترة التي تستقطب فيها فرنسا ملايين السياح لقضاء أوقات مميزة مع حلول العام الجديد وذلك لتنامي هاجس الخوف من هجمات أخرى قد تحصل في هذا البلد الآمن لا سمح الله, لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل سيتأثر الاقتصاد الفرنسي على المدى الطويل أم أنها أزمة مؤقتة ستزول قريبا وستكون قصيرة المدى وكأنها عاصفة ضربت البلد وهدأت بعد أن مرت وانتهت؟ الجواب والتفسير يعتمد على الإجراءات السريعة التي اتخذتها الحكومة الفرنسية بشكل خاص ودول الاتحاد الأوربي بشكل عام, قرار إعلان حالة الطوارئ كان ضرورة من قبل الرئيس هولا ند و كان قرارا ذكيا وسريعا حيث أن هذا القانون يعطي صلاحيات واسعة للرئيس وللأجهزة الأمنية في ضرب رؤوس الإرهاب ومتابعة وملاحقة المتورطين والمشكوك في نواياهم وإيقافهم عند حدودهم خصوصا وأن القانون يبيح للسلطات الأمنية مداهمة وإلقاء القبض على& المتورطين والمتعاونين معهم من دون الحاجة للجوء إلى استصدار أوامر قضائية وكذلك قرار الاستعانة بالجيش لحماية باريس والاستنفار الأقصى لرجال الأمن في حماية المدينة والمدن الفرنسية الأخرى ناهيك عن إيقاف العمل الجزئي باتفاقية شنغن التي أباحت للسلطات الفرنسية متابعة القادمين والمغادرين عبر حدودها وتشديد المتابعة على تحركات الأشخاص عبر الحدود خصوصا مع بلجيكا التي أكدت كل الأدلة أن بروكسل كانت قاعدة المهاجمين على باريس, كل ذلك أعطى الثقة للسائح والمواطن الفرنسي على حد سواء بحزم وقوة الحكومة في ضرب رؤوس الشر الإرهابي والفكر الجهادي المتطرف, فالسائح يطمح للأمان في المكان الذي يرتاده لغرض الاسترخاء والمواطن يطمح للاستقرار وحرية الحركة وكذلك المستثمر والذي يبحث عن أقل قدر ممكن من المخاطرة في استثمار رؤوس الأموال, لقد نجحت فرنسا رغم فشلها في صد الهجمات بأن أعادت الثقة للمراقبين بحزمها وقوتها في متابعة وكشف خيوط الإرهاب وفي غضون أيام معدودات وهذا الحال يذكرنا بهجمات لندن في العام 2005 والتي ضربت بريطانيا في الصميم لكن الانكليز أعادوا ثقة السائح والمواطن بقدرتهم على تتبع خيوط الإرهاب وضربه بشدة, وأعادت الأضواء إلى مدينة لندن بعد توقع الظلام لمستقبلها, وهذا ما فعله الفرنسيون أيضا, وهو دليل واضح بأن الأزمة الاقتصادية التي راهن المراقبون عليها لفرنسا نتيجة هذه الهجمات سوف يكون مداها قصيرا وسوف لن يكون لها تأثيرا طويلا على الاقتصاد الفرنسي خصوصا قطاعي السياحة والخدمات .&&&

&أكاديمية في مجال المال والمصارف-باريس&&&&&&&