&في الوقت الذي تفشل فيه الحكومات، وأجهزة امن الدول الغربية في كشف الإرهابيين الذين ينتحلون صفة لاجئين هاربين من نيران الحرب، تمكنت الأجهزة الأمنية اللبنانية من كشف أمرين مهمين في غضون أسبوع واحد.

وبالتزامن مع عيد الإستقلال، طفت الى العلن معلومات واردة من العاصمة اللبنانية، بيروت، تحدثت عن إكتشاف عمليتي إنتحال صفة، اولى تعلقت بضابط برتبة نقيب في قوى الأمن الداخلي اللبناني، وثانية تمثلت في قاض بالمحكمة الدولية.

كشف عملية إنتحال الصفة يمثل إنجازا للأجهزة الأمنية بطبيعة الحال، خصوصا ان الموضوع يأتي في وقت تشهد فيه البلاد أعمال أمنية وتفجيرية متنقلة، ولكن ما يثير العجب، كيفية السماح للمذنبين بالتلاعب بعناصر القوى الأمنية وحياة المدنيين (من ناحية منتحل صفة الضابط)، والإستهزاء الذي وصل حد السخرية من الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية وصولا إلى رئيس مجلس النواب طيلة فترة طويلة (من جهة منتحل صفة القاضي الدولي)، لتأتي بعد ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير والمتمثلة بالإفراج عنه رغم فداحة أعماله.

بعد هذه الأمور، بدأ البحث جديا عن إمكانية ان يكون هناك وفي مكان ما، شخص ينتحل صفة رئيس الجمهورية، يصول ويجول في دول العالم دون حسيب او رقيب، لم يتمكن أحد من كشفه حتى الان، فلبنان ليس اولوية بالنسبة إلى دول القرار على ذمة أهل الحكم.

لنعود إلى الإستقلال من أجل التحدث بصراحة عن هذه المناسبة التي بات مؤكدا أن الشريحة العظمى من المواطنين والسياسيين، تتعاطى معها على اساس اي يوم تصادف، هل في نهاية عطلة الأسبوع أم خلال أيام العمل العادية، وبوضوح أكثر هل ستفسح المجال أمام إمكانية كسب يوم عطلة إضافي خلال العام.

في نظرة سريعة إلى آراء النشاطين اللبنانيين على مواقع التواصل الإجتماعي، يتبين أن الإمتعاض من السلطة السياسية التي كانت موجودة عام 1943 (تاريخ نيل الاستقلال) او ما يُعرف برجالات الإستقلال، وصل إلى درجة عالية جدا، وتتزايد النقمة عاما بعد عام، فرأي الأغلبية يقوم على تناول ما يطلق عليه "كارثة" نيل الإستقلال.

يتناول خصوم نيل الإستقلال، المزايا التي كان اللبنانيون سيحصلون عليها لو إستمرت فرنسا في إدارة شؤون بلادهم، كالجنسية الفرنسية، والتعليم والطبابة، وضمان الشيخوخة، وإحترام العالم، علما أنه وفي الوقت الذي يعبرون فيه عن طموحاتهم التي ذهبت أدراج الرياح، يتجاهلون مساءلة المشرفين الذين تعاقبوا على إدارة البلاد عن الاسباب التي وقفت حائلا امام امانيهم.

صدمة الكشف عن منتحلي الصفة في لبنان ولدت ردة فعل سريعة، ما لبثت ان انتهت بوقت قصير، يمكن وضعها في خانة سحابة الصيف العابرة، فالحقيقة اثبتت أن الأغلبية الساحقة في وطن الأرز تعتبر منتحلة صفة، من الطبقة السياسية التي تنتحل صفة الإشراف على إدارة شؤون البلاد والعباد، إلى الموظفين الذين ينتحلون صفة مسهلي أمور الحياة اليومية، والمواطنين منتحلي صفة الشعب الحي، الذي يُخضع الحكام والمسؤولين لمحاسبته.

التركيبة الموجودة جعلت من لبنان، بلد ينتحل صفة الدولة المستقلة، فالحدود مشرعة، والمعابر غير الشرعية تشهد نشاطا أكثر من المعابر الشرعية، ولا سيادة برية، ولا حتى بحرية، اما الجوية فتكاد تذهب في خبر كان، فمن غير المعقول ان نتحدث عن السيادة، وننتظر في الوقت نفسه اتفاقا اقليما قد يدون في هامش اوراقه إسم رئيس جمهوريتنا.