مصطلح حَواضن الارهاب هو مصطلح سياسي إجتماعي يُقصد به تلك المناطق والتجَمّعات السُكانية التي توفر أجواء فكرية وإجتماعية تساعد على تفشّي الإرهاب وإحتِضانه، إلا أنه في العراق أخذ أبعاداً طائفية بعد أن سَخّرته النُخبة السياسية العراقية أيام المَدعو نوري المالكي لوَصف مُدن ذات تركيبة سُكانية مُعيّنة لسَببين أساسيين، الأول هو التغطية على التبِعات الكارثية التي سَبّبتها سياستها الطائفية الإقصائية تجاه تلك المُدن وأبنائها بدلاً مِن مُعالجتها، والثاني هو إستعداء المُجتمع الدولي ضِدّها بَدلاً مِن تقديم العَون لها بوجه رُعب الإرهاب وتَهميش الحكومة، تمهيداً على ما يبدو لإحداث تغيير ديموغرافي يَطالها بسَبب مَوقعها الستراتيجي وَسط رقعة نفوذ إيراني تمتد اليوم من لبنان الى اليمن، والذي بات الحَشد الذي يَتحرك ضمن تلك المناطق حَجر الأساس لترسيخه في العراق.
الكل يَعلم بأن هنالك سِلسلة أحداث مُريبة تسَبّبت بوجود القاعدة قبل سَنوات أو داعش اليوم في تلك المُدن وبالتالي وَصفها بحَواضِن الإرهاب، مِنها على سَبيل المِثال لا الحَصر فيما يَتعَلق بالموصل، سياسة بَعض أجهزة الدولة الطائفية، وهُروب مِئات السُجناء بين يوم وليلة مِن أكبر سجون العراق أمام أنظار الحُكومة، وإنسِحاب ثلاث فرق عسكرية بأمر رئيس وزرائها. لكن حَتى وإن سَلّمنا بهذا الوَصف لتلك المُدن بَعد أن إستسلمَت لداعِش وقبلها للقاعدة وأنضَم بعض أبنائها الى صُفوف هذه التنظيمات المُتطرفة، فعلينا ولنفس الأسباب، أن نقر ونسَلِّم بأن مُدن أخرى مِن العراق باتت هي الأخرى حَواضِن للإهاب، وأن نَصِفها بذلك، لأنها تحتضِن اليوم مايُسمى بالحَشد، ولأن أبنائها باتوا يَنضَمّون الى صُفوفه بالآلاف، رغم ما تَكَشّف عَن مُمارَساته الإجرامية، وعَن حقيقة كونه كداعش، جِسم مُشَوّه داخل أي مُجتمَع يَتواجد فيه، وتجَمّع لمليشيات طائفية تَنساق لأوامِر الحَرَس الثوري الإيراني وتَعمَل على تنفيذ مُخَطّطاته على أرض العراق. وإذا كانت بَعض المُجتمَعات السُكانية باتت توصَم بأنها حواضِن إرهاب لأنها تورّطَت بداعش في لحظة جَهل وغَباء، رَغم أنها تُحاربه اليوم بأبنائها، ورغم أنه أباد أهلها ودَمّر بُناها التحتية، فإن مُجتمَعات سُكانية أخرى، وفق هذا المَنطق، أولى بأن توصَف بحَواضِن للإرهاب، لأنها تتبَنّى الحَشد عَن سابق إصرار وترَصّد، وترفد مليشياته بدِماء جَديدة مُتواصِلة، وتتفاخَر به وبأفعاله المُشينة!
لذا مَفيش حَد أحسَن من حَد! ولا مُبَرّر لمَن يَحتضِن الإرهاب، سواء كان داعِشياً أو مليشياوياً، فالأول يَقتل ويَذبح ويَحرق ويُفخِّخ، والثاني يَقتل ويَحرق ويَصلب ويُفجِّر. وبالتالي الترويج لهذا المُصطلح على أنه يَخُص ويُوَصِّف حالة طائفة أو منطقة أو تجَمّعات سُكانية مُعيّنة، هو ضَحِك على ذقون السُذّج. وعلى مَن يَدّعون الإنسانية والوطنية ورَفض الإرهاب، وهم مؤيدون أشِدّاء للحَشد، أن يَتبَرئوا مِنه كما تبَرّأ غَيرهم مِن داعش أو كما يطالبونه بذلك، وإلا فهُم حالهم حال مَن يُؤيد داعش، حاضِنة إجتماعية وفكرية وإعلامية للإرهاب.
&
التعليقات