لا يخفى على احد مكانة الازهر لدى السنة المسلمين ومكانة شيخ الازهر، فيكاد ان يكون شيخ الازهر اكبر شخصية قيادية دينية في السنة من المسلمين بمختلف مذاهبهم. وعليه فان لكلمته مكانة ووقع خاص ودور في تطوير وتنوير الرؤى لدى عامة الناس، ومن هنا فان متابعة ما يقوله ويصرح به امر مهم، ونقد أقواله يأتي من كونها قد تحمل مضمونا ملتويا يمكن ان يكون مدعاة لمواقف اكثر سلبيية مما يجري في الواقع وان كانت الغاية منها تطوير وتحسين المواقف ليس الا.

في كلمته التي القاها في اجتماع مجلس حكماء المسلمين في ميشخة الازهر، كشف الدكتور احمد الطيب ان مجلس الحكماء سيطلق 16 قافلة سلام حول العالم، لنشر السلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة وحمل شعار موحد مفاده كل شعوب العالم نظراء في الإنسانية، في إشارة الى القول المنسوب للامام علي بن ابي طالب حيث يقول ان الناس نوعان اخ لك في الدين ونظيرلك في الخلق.

ان يطلق مجلس الحكماء قوافل للسلام في العالم فهذا امر محمود ومرحب به، ويجب دعمه، ولكن المشكلة ليست في ذلك بل في شعار الحملة وما تبتغي إصلاحه من المغلوط. فهو يقول (المفكرون والمثقفون والسياسيون ورجال الأديان يجب ان لا يصرفهم هول الصدمات من الأفعال الإرهابية عن واجب الانصاف والموضوعية ووضع الأمور في موضعها الصحيح فيما يتعلق بالفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته وبين قلة قليلة لا تمثل وقم واحد صحيح بالنسبة لمجموع المسلمين المسالمين المنفتحين على الناس في كل ربوع الدنيا، وقد مررنا ما زلنا نمر باضعاف اضعاف هذه الهجمات الإرهابية التي شنتها جيوش وعصابا اتخذت من الأديان رداء وستارا لها).

انا اريد ان اسأل سماحة شيخ الازهر ولنترك المسحييين والعلويين والشيعة والشبك جانبا، هل حاول وضع نفسه موضع الازيدية وهم يرون فتياتهن تسبى وتغتصب وتباع في سوق النخاسة واطفالهن يتم اسرهم ويتم غسل ادمغتهم لكي يتحولوا الى قنابل بشرية تقتل الاف أخرى وقد يكونوا من أبناء جلدتهم، وسالبيهن واسريهم يصرؤخون الله اكبر ويرفعون شعار لا اله الا الله ومحمد رسول الله. ماذا عنهم في قمة حزنهم وخوفهم على فلذات اكبادهم، هل يريد سماحته منهم ان يفرقوا ويقولوا ان الإسلام برئ من ذلك، وهل يعلم سماحته ان هناك اكثر من سبعين مذبحة مماثلة حدثت لهم خلال القرون الثلاثة الأخير وتحت نفس الشعار، ماذا عليهم ان يستنتجوا، وخصوصا ان سماحته لم يكفر الدواعش ولم يستنكر الا بعد ان استنكرت بعض الدول!! وهل يدرك سماحته ان القلة القليلة التي لا تمثل رقم واحد صحيح ولا اعلم من اين اتى بهذا الرقم ولنفترض انهم بنسبة رقم واحد صحيح وليسوا ثلاثة بالمائة كما يقول ناقدوا الإسلام وليسوا اقل من واحد، هل يدرك سماحته ان عددهم يتجاوز العشرة ملايين شخص، عشرة ملايين من القتلة المجرمين الذي لا يكفرهم شيخ الازهر يتركون لكي يقتلوا ويسبوا وياسروا، ما ذنب ضحاياهم يا ترى، ام انهم ليسوا بشر وليس لهم قيمة بل القيمة في تعاليم لا تتلائم مع العصر ومع متطلباته وثقافته. واذا كان العالم قد مر بمثل هذه الهجمات الإرهابية من قبل فبالتاكيد ان العالم لم يكن قد ارتقى علميا وقانونيا ولكن لم يعرف اغلب الجرائم الا بعد حدوثها بعشرات السنين، لان الاعلام والعلم لم يكونا بهذا التطور بما جعل من تاثيرها اقل وقعا.

&وتابع شيخ الأزهر :"وعلى الذين أقدموا على جريمة حرق المصحف وبيوت الله في الغرب، وهي أفعال هي الأخرى تمثل إرهابا بكل المقاييس ووقود للفكر الإرهابي الذي نعاني منه، عليهم ألا يردوا علي الإرهاب بإرهاب مماثل، وليس من المنتظر منهم إهانة مقدسات الآخرين على مراى ومسمع من الناس.“ طبعا كلام غريب وعجيب يصدر من احدى اعلى المراجع الإسلامية السنية، فهو فقط يستنكر حرق المصحف وحرق بعض بيوت الله كما يقول في الغرب وهي قد لا تتعدى حالات تعد على أصابع اليد، وهو اذا كان محقا في ذلك، فاننا نسألة ماذا كان موقفه من خطف الفتيات المصريات و حرق العشرات من الكنائس وتدميرها، ليس في العراق وسوريا وباكستان واندونيسيا، بل في مصر حيث يقيم واخبارها تمتلئ بها الصحف المصرية، ام انها ليست بيوت الله، وماذا كان موقفه من تدمير وحرق الحسينيات في باكستان والعراق والمساجد وفيها مصحاف كثيرة وليس مصحقا واحدا، في الحروب الطائفية القائمة بين السنة والشيعة وبين الاثنتين والاحمدية وبينهم وبين العلويين وبينهم وبين البهائية ام ان هذه ليست مصاحف والمساجد هناك والحسينيات ليست بيوت الله؟

واذا كان سماحة شيخ الازهر يعتبر بيوت عبادة طائفة إسلامية معينة فقط هي بيوت الله وبيوت عبادة بقية الطوائف والأديان الأخرى ليست كذلك، فاذا من الإرهابي؟ الا يمثل هو الطرف الاخر من داعش ولكن بكلام معسل؟

تبقي الفقرة الأخيرة من كلمت والتي قال فيها ((لضرورة التصدي للفكر الإرهابي بكافة صوره وأشكاله وتجفيف منابع الفكر الإرهابي من خلال منظومة متكاملة من تشمل التعليم والثقافة والإعلام والشباب والخطاب الديني المعبر عن حقيقة الإسلام وشريعته، فضلا عن محاربة ثقافة الكراهية والحقد ونشر ثقافة الإخوة والمودة والزمالة العالمية)) فهي والحق يقال أساس حل مشكلة الإرهاب، لان الإرهاب أساسه فكري او ثقافي وليس لاسباب أخرى، فاذا كانت للاسلام حقا حقيقة أخرى مستلبة من قبل الارهابين فانه حان الأوان لاظهارها من خلال حصر وفضح لارهاب وتجريده من كل الأدوات التي يدعي انها إسلامية خالصة.