&صادف يوم امس الخميس، العاشر من ديسمبر 2015م، الذكرى السابعة والستين على موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاعلان العالمي لحقوق الانسان، فاتحة بذلك حقبة جديدة في التاريخ الانساني.&

يعتبر الاعلان العالمي لحقوق الانسان من اهم الوثائق التي صدرت في القرن العشرين، وقد ترجم هذا الاعلان الى حوالي 337 لغة مختلفة، واصبح حجر الزاوية في تقييم سلوك وتصرفات الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والافراد، وقد اقرته كل دول العالم، وقد حظي على اهمية اخلاقية وسياسية كبيرتين لا ينافسه فيها غير القليل من الوثائق.

نصت المادة الأولى من الاعلان على: "يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلا وضميرا، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء".

بعد مضي سبعة وستين عاما على الاعلان العالمي لحقوق الانسان، دعونا نلقي نظرة على حقوق الانسان في العالم العربي:

&في اعقاب احداث 11 سبتمبر 2001م، اصدر معظم البلدان العربية قوانين لمكافحة الارهاب تقوم على تعريف فضفاض لمفهوم الارهاب، ومنحت هذه القوانين الاجهزة الامنية في الدولة صلاحيات واسعة في بعض المجالات التي تشكل تهديدا للحريات الاساسية.&

البلدان العربية لا زالت تعاني من وطأة قوانين الطوارئ، والمحاكم الاستثنائية، والاخلال بمبدأ الفصل بين السلطات الذي يقره العديد من الدساتير العربية نظريا ولا تلتزم به الحكومات عمليا، مما أدى الى تراجع الحريات في اغلب البلدان العربية، وان كان بعضها يرفع شعارات لا تعبر عن الحقيقة والواقع.

البلدان العربية لم تشهد مراجعة حقيقية لسياستها الاستراتيجة تجاه حقوق الانسان في ضوء المتغيرات الدولية، وانتفاضات الربيع العربي التي حدثت عام 2011م والتي لا زالت تبعاتها تعصف بأكثر من بلد عربي، حيث بادرت – على العكس من ذلك – الى تعزيز سياستها السابقة تجاه حقوق الانسان، بإعلاء الاعتبارات الأمنية على الحريات السياسية والمدنية، والتراجع عن الاصلاحات السياسية المحدودة التي ادخلتها على تشريعاتها ونظمها، متعللة بظهور المنظمات الإرهابية (داعش واخواتها) التي تعيث فسادا في دول انتفاضات الربيع العربي، وغيرها من البلدان العربية وبعض الدول الاسلامية.&

ما يهدد أمن الانسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا اخرى اساسية، منها: التدهور في البيئة، والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية حيث هناك حوالي سبعون مليون انسان عربي يعيشون في حالة فقر مدقع، ومعدلات البطالة العالية التي تعد من المصادر الرئيسية لانعدام الأمن الاقتصادي، والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط، والانظمة الصحية الضعيفة، وعدم خضوع الاجهزة الأمنية للمساءلة القانونية.&

تشير تقارير مراكز الدراسات لحقوق الانسان في العالم العربي، الى ان اكثر انماط انتهاكات حقوق الانسان شيوعا في العالم العربي تتمثل في التعذيب، والاختفاء القسري، والاعتقالات التعسفية لفترات طويلة، والقتل خارج نطاق القانون وسط إفلات منهجي من العقاب، والمحاكمات غير العادلة التي افضى كثيرا منها الى عقوبة الاعدام او السجن لفترات طويلة، والتهجير القسري، واضطهاد الاقليات الدينية بصورة منهجية. اضافة الى التضييق على وسائل الاعلام، وحرية الرأي، واستخدام القضاء كأداة لتصفية المعارضين السياسيين.&

تقارير منظمات الدفاع عن حقوق الانسان العربي، تشير بوضوح الى ان حقوق الانسان في معظم انحاء الوطن العربي في تراجع مستمر عاما بعد عام، وهذا هو الأمر المهم الذي تحاول هذه المنظمات لفت الانتباه اليه والتركيز فيه في تقاريرها السنوية وندواتها المستمرة. الربيع العربي ليس سببا لهذا التراجع، بل ربما انه كان آخر محاولة جادة من الشعوب العربية لقطع الطريق على هذا التراجع، لهذا عملوا على إفشاله. اغلب انظمة الحكم في الوطن العربي ما زالت - للأسف الشديد – تفكر بعقلية السبعينيات والثمانينات من القرن المنصرم.