هناك سؤال يدور في أذهان الكثيرين منذ زمن بعيد، ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة و العلم؟ هل هي علاقة تكامل و اتفاق أم علاقة صراع و صدام؟ الإجابة هي انه رغم اختلاف طبيعة الفلسفة عن العلم إلا أن العلاقة بينهما هي علاقة تكامل و اتفاق، فكلاهما يمثلان مصدرين أساسيين من مصادر لمعرفة، و لاغني لإحداهما عن الأخر. و رغم ذلك غالبا ما يتم الخلط بين العلم و الفلسفة و هذا خطا شائع. و يجب أن نوضح اختلاف طبيعة العلم عن الفلسفة لان التناول العلمي لقضية ما يختلف تماما عن التناول الفلسفي لها. و نشير إلي حقيقة تاريخية هامة و هي العلوم نشأت في أحضان الفلسفة و هذا وضح في مدرسة أيونيا عند الفلاسفة الطبيعيون الأوائل أمثال طاليس و غيرها هم كانوا يبحثون عن المصدر الأساسي و العنصر الجوهري الذي يقف و راء التغيرات التي تحدث في الكون. ورغم الاختلاف بين طبيعة العلم و الفلسفة إلا انه يوجد بعض الفلاسفة حاول الخلط بينهما في محاولة لتغيير طبيعة الفلسفة لتتفق مع طبيعة العلم و من هولاء (هيجل) الذي قال أن الأمر الذي عقدت عليه العزم هو المشاركة بجهدي في أن تقترب الفلسفة من هدفها و تتمكن من طرح الاسم الذي توصف به و هو حب العلم من اجل ان تصبح علما حقيقيا. و مما لاشك فيه أن من القواسم المشتركة بين العلم و الفلسفة و صلات القربى هي أن تطور العلم هو تطور للفلسفة و العكس صحيح، فتطور الفكر الفلسفي ارتبط إلي حد كبير بتطور العلم. و لو رجعنا الي بعض محاورات أفلاطون&
&لتحققنا من أن اكتشاف الفيثاغوريين لبعض الحقائق الرياضية قد كان أصلا من الأصول الهامة التي صدرت عنها نظرية أفلاطون في المثل. و كذلك فلسفة ديكارت مدينة بالكثير من أصولها لما و صل إليه العلم علي يد جاليليو. و رغم من هذه الصلات الوثيقة إلا أن هناك فروق و اختلافات جوهرية بين الفلسفة و العلم لا نسطيع أن نغض الطرف عنها منها: يهدف العلم إلي و صف الظواهر و كيفية حدوثها، اما الفلسفة فهي تحاول تفسير ما وصل إليه العلم، إذ العلم وصفي و الفلسفة تفسيرية، العلم موضوعي و تجريبي أما الفلسفة ذاتية شخصية، أيضا من أهم الفروق العلم امبريقي حدوده العالم المحسوس، أما الفلسفة فهي تتجاوز حدود العالم المحسوس إلي ماوراء العالم المحسوس. العلم جزئي أما الفلسفة فهي كلية تبحث عن العلل الأولي. إذن العلاقة وثيقة و الصلة حميمة بين الفلسفة و العلم و العلاقة توافقية و تكاملية رغم اختلاف طبيعة كل منهما عن الآخر، علينا أن نحترم هذا الاختلاف بين طبيعة العلم و الفلسفة و لا نحاول أن نختزل أحداهما إلي الأخر، فهما بينهما اختلاف لكن لا يودي إلي التعارض و الصدام، لان طبيعة العلاقة تكاملية يكمل كل منهما الأخر في النظر إلي الكون و لكن كل بمنظاره في الرؤية. فالفيلسوف صاحب رؤية شمولية كلية للكون، اما العالم فهو صاحب رؤية متخصصة جزئية، و ليس أدل علي التكامل بينهما من فلسفة العلم التي تجمع بين العلم و الفلسفة في إطار واحد.&
&
أستاذ الفلسفة المساعد بآداب بني سويف.
التعليقات