&متى ننتهي من حالة الإهمال وعدم الإكتراث؟
&
لم أكن أتصور يوماً أنني سأعود إلى الوراء عقود، إلى ذكريات أليمة، عندما كنا نخشى السفارة العراقية في فرنسا المزروعة بعناصر المخابرات العراقية العنيفة التي تطاردنا في كل مكان وتهدد حياتنا وحياة عوائلنا المقيمة في المنفى، ففي ذلك الوقت في عهد النظام الصدامي السابق، كانت سفارات النظام السباق بمثابة أدوات قمع وملاحقة وتهديد وتشهير ضد المعارضين، وكانت الجالية العراقية في فرنسا تخشى الاقتراب من السفارة خاصة إذا كان أفرادها بحاجة إلى أوراق أو وثائق ثبوتية أو جوازات سفر. وبعد سقوط النظام السابق تنفسنا الصعداء واعتقدنا أن ذلك العهد قد ولى إلى الأبد وباتت السفارة العراقية في باريس سفارتنا التي سنفتخر بها لأنها تمثل العهد الجديد، إلا أن الأمور سارت بعكس الاتجاه المأمول. فهاهي أمامي قضية المواطن العراقي المهندس عبد المهدي هادي الحافظ، رئيس المنتدى العراقي في فرنسا منذ عام 2008، التي يصعب تصديق ماتتضمنه من إجحاف وتعمق الهوة القائمة أصلاً بين السفارة العراقية والجالية العراقية في فرنسا. فلقد تعرض هذا الشخص المعروف بين أوساط العراقيين والفرنسيين باعتداله ودماثة خلقه ومساعدته للجميع، لتصرف يسيء لشخصه ولمجمل الجالية العراقية من قبل إحدى العاملات في السفارة العراقية في باريس وتشغل منصب المديرة الإدارية وبوجود شهود عيان تعرض بعضهم للابتزاز والتهديد الوظيفي لكي يغيروا شهاداتهم بشأن ما حدث. ولم تفلح كافة جهود الوساطة التي قام بها البعض منا، وأنا واحد منهم، حرصا على إبقاء العلاقات بين الجالية والسفارة هادئة وودية وبدون مشاكل، في بادرة شخصية لإنهاء الأزمة التي كنت اعتبرها مجرد سوء فهم في البداية، لكن الأمور تطورت وتحولت إلى المحاكم الفرنسية، فتقدمت الموظفة المذكورة بشكوى ضد رئيس المنتدى بتهم التشهير والنشر في مواقع الانترنيت ضدها، وهي سابقة خطيرة لم يحدث لها مثيل حتى في زمن النظام السابق، وما سيترتب على ذلك من أضرار مادية ومعنوية ونفسية يتعرض لها السيد عبد المهدي الحافظ الذي حاول شرح موقفه من خلال التفاهم مع السفير العراقي والمطالبة بمجرد اعتذار لا أكثر، لكن الموظفة المعنية رفضت بشدة وبدل أن تعتذر تقدمت بشكوى قضائية ضده وهي دبلوماسية يفترض بها معرفة القواعد والعرف المتبع في الأوساط الدبلوماسية بخصوص العلاقة بين الواجهة الرسمية للدولة العراقية في الخارج والجالية العراقية التي يفترض بها خدمتها وتلبية احتياجاتها ورعايتها.
حاول المشتكى عليه الضحية أن يخاطب وزارة الخارجية العراقي في بغداد برسالة حملت شكواه وتفاصيل ما حدث بتاريخ 13 تموز 2013 ولم يتلق أي رد وأردفها برسالة أخرى مع تواقيع لمجموعة كبيرة من المثقفين والفنانين وشخصيات عراقية فاعلة ومعروفة في الوسط العربي والفرنسي في باريس يعربون فيها عن تضامنهم مع الجالية العراقية وما تعرضت له من إهانة ومعاملة مجحفة من قبل السفارة ممثلة بهذه الموظفة ولم يستلم أي تعقيب أو رد. ثم حاولت أنا شخصياً أن أشرح الموقف في العراق لإحدى الشخصيات السياسية العراقية المرموقة النافذة في الوسط السياسي العراقي وهو صديق شخصي في نفس الوقت، لتلافي حدوث تعقيدات وملابسات نحن بغنى عنها في الجالية العراقية في باريس، كما تدخل السيد محي الدين الخطيب شخصيا وهو سفير العراق في اليونسكو سابقاً وقدم مساعيه الحميدة مع سعادة السفير الحالي، ولم ينجح أحد في ثنيها عن شكواها القضائية التي تتطلب أن يرد عليها بشكوى مضادة تفند لائحة الاتهامات التي وجهتها له بدون دليل، وتم بالفعل إسقاط إحدى التهمتين وهي النشر المتعمد بقصد التشهير في مواقع انترنيت. نجد أنفسنا اليوم على حافة قطيعة حقيقية ونهائية بين الجالية والسفارة بعد أن كانت متعثرة وتتميز بالبرود واللامبالاة من جانب السفارة، رغم الخطاب التصالحي والوعود بحل الموضوع ودياً. فمنذ ثلاث سنوات نلاحظ حالة من الفتور والوهن بل والتدهور التدريجي للعلاقة القائمة بين السفارة العراقية والجالية العراقية في فرنسا بسبب غياب الرغبة الصادقة للتعاون مما أحدث خلالاً يدعو للأسف ويحتاج للتصحيح والترميم
وحرصا منا على سمعة العراق والعراقيين، نسعى جاهدين لغلق هذا الملف المؤسف ووقف تداعياته السلبية الخطيرة وذلك بإرغام الدبلوماسية المشتكية على سحب دعوتها القضائية المقامة ضد رئيس المنتدى العراقي في باريس قبل بدء جلسات المحكمة في شهر تموز القادم 2015و قبل أن يفوت الأوان وتخرج القضية عن السيطرة وتغدو حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ونغدو مادة للتندر والتشفي، وهذا الأمر يحتاج لتدخل شخصي من جانب معالي وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري شخصيا بما يمتلك من سلطة شرعية وباعتباره رب العمل الأعلى لهذه الموظفة التي سبق أن وجهت إهانات لفظية لرئيس المنتدى العراقي في فرنسا ولزوجته المهندس هناء عبد الزهرة الوحاش رئيسة الملتقى النسائي العراقي في باريس، بل وحتى ضد الجالية العراقية برمتها. نحن في الجالية العراقية في باريس لسنا أعداء أو خصوم للسفارة أو لوطننا الحبيب الذي بذلنا من أجله زهرة شبابنا في نضالنا ضد الدكتاتورية الصدامية طيلة ما يزيد على الأربعة عقود ونتطلع لأرقى أنواع التعاون والتنسيق بين الجالية العراقية وسفارتها التي نكن لها كل الاحترام والتقدير، ولايحتاج الأمر لأكثر من إجراء إداري وقرار وإرادة جريئة ومحايدة لوقف التدهور الحاصل بين وجهي الوطن في الخارج.
&
باريس
التعليقات