هذا ليس كلامي وإنما من تصريحات وكيل وزارة الأوقاف المصرية. ففي تناقض عجيب مريب غريب يجبر المتأسلمين الأقباط المسيحيين على بناء كنائسهم على أرضهم وممتلكاتهم بلا صلبان أو لا يبنون، أو يهجرون من منازلهم ويطردون من ديارهم، أو تحل أموالهم ونساءهم، أو يضطرون إلى أضيق الطريق، ثم يأتي أحد الشيوخ الأفاضل من وزارة الأوقاف ويقول "منذ دخل الإسلام مصر ونحن كمسلمين.. إحنا المسلمين ضيوف على اخوتنا المسيحيين". الفيديو انتشر بسرعة البرق على مواقع اليوتيوب.
سيدي الشيخ أولا شكرا على مشاعرك النبيلة التي من الممكن كما تعتقد أن تهدي الأوضاع الاجتماعية والأمنية المتوترة وتمتص بعض الغضب من الأقباط المتضررين من غزوة المتأسلمين بالرغم من أن كلماتك غير صحيحة من وجهة نظري وسأوضح لكم الأمر لا حقاً.
لكن دعني في البداية أهمس في إحدى أذنيك بصوت عالي هذا الكلام الذي قلته يا فضيلة الشيخ كان يجب أن يترجم للغة أخرى يفهمها المتأسلمين من المتشددين والسلفيين لكي يتم تطبيقها إلى واقع ملموس.
فالمصريون كانوا ينتظرون منكم أن تتوحد إرادتكم مع إرادة مؤسسة الأزهر ومع الدستور ومع القوى التنفيذية بالمحافظة لتطبيق القانون والضرب بيد من حديد على أيدي أولئك الجهلاء الذين يتحدون سلطة الدولة وسلطان القانون ونحن في القرن الواحد والعشرين وبعد ثورة 30 يونيو المجيدة التي أعادت لمصر هويتها الوطنية الأصيلة التي تحفظ كل أديانها ومعتقداتها من عبث المتأسلمين والسلفيين المتطرفين والإخوان والمتأخونين وغيرهم من أصحاب الأجندات المعادية لمصر والمصريين. أما لغة الطبطبة والشعارات الحماسية للمجاملة وجلسات الصلح العرفية، وموائد الإفطار والقبلات والأحضان فهي التي أدت إلى حالة الضعف والهوان التنفيذي الذي أضعف سلطة الدولة وسلطانها.
يا ألهي... كيف تسمح الدولة لرئيس أحد الأحزاب السلفية أن يصرح علانية أنه يوجد بين المسلمين وبين المسيحيين حاجز نفسي يمنعهم من تهنئة الأقباط بأعيادهم كما تناقلت التصريحات الكثير من وسائل الإعلام!!! يا للمهزلة ويا للخزي ويا للعار أن يتبنى حزب سياسي في مصر التي تستيقظ هذه الأفكار الهدامة ويستمر الحزب حتى الآن.. كنت أتوقع بعد تصريح كهذا من حزب كهذا أن يتم حل الحزب فورا وتحويل المرضى النفسانيين إلى مصحات علاج نفسي فمكانهم هناك وليس في الأحزاب السياسية التي تعالج مشاكل المواطنين بدون النظر إلى عقائدهم وأديانهم.
الآن عودة إلى فضيلة الشيخ... يا سيدي العزيز صاحب الكلمات العاطفية أولاً المسلمون المصريون ليسوا ضيوفا على مصر بل أصحاب بلد مثلهم مثل اخوتهم الأقباط المسيحيين. إنهم فقط تحولوا عن دين أجدادهم الأقباط واعتنقوا الإسلام مع انهم لم يكونوا يعرفون اللغة العربية ولهؤلاء قصص ودراسات كتب عنها الكثير والكثير.... أما العرب الذين جاءوا من الجزيرة العربية أثناء الغزو العربي لمصر في العام 642 ميلادية ولم يرحلوا عنها، وكذلك القبائل التي هاجرت من بلاد الحجاز بعد الغزو واستوطنت في مصر فهؤلاء مثلهم مثل الإنجليز والفرنجة واليونانيين والفرس وغيرهم
ممن احتلوا مصر..هؤلاء جميعهم قد تمصروا (Egyptianizing) أي أصبحوا مصريين. سل علماء التاريخ وهم يفسرون لك نظريات ومقالات كثيرة كتبت عن قوة التمصير الفائقة.
أيضا قولك يا فضيلة الشيخ "منذ دخل الإسلام مصر" ومع أن فيه تطوير لاختيار الكلمات لأنك استخدمت كلمة دخل بدلا من فتح لكن هذا المصطلح فيه تغيير للواقع التاريخي أيضاً لأنه على سبيل المثال لا الحصر حتى ولو كان هدف الأمريكان مثلاً من دخول العراق نبيلا كما يصرحون فهو في علم اللغة والسياسة يسمى غزوا من اجل نهب الموارد وسرقة مقدرات البلاد لاستكمال رحلة الغزو لبلدان أخرى وليس لنشر الثقافة الأمريكية أو تحرير الشعب من الطغيان أو حماية المنطقة من أسلحة مدمرة غير موجودة كما يزعمون!
لن يسرع تحقيق نهضة مصر الجديدة والتي بدأ المواطن المصري يشعر بها في الداخل والخارج إلا بحل جميع الأحزاب الدينية وذات المرجعيات الدينية، وخصخصة جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية وبيعها لتصبح جامعات ومعاهد خاصة تنتج خبراء ومتخصصين في العلوم التطبيقية التي تحتاجها مصر لتواكب التطور الحضاري والتكنولوجي الرهيب، على أن تنشأ كليات جديدة للعلوم الشرعية فقط تكون خالية من تفسيرات دينية وفقهية خاطئة آدت بالبلاد والعباد إلى حالات التخلف المذري والعجيب على كافة الأصعدة.
على صاحب السلطة والسلطان عزل كل الأساتذة والشيوخ فورا وبدون هوادة ممن يتطاولون على عقائد الآخرين بالقول أو الفعل أو الكتابة، أولئك الذين يكدرون السلم الاجتماعي ويحرضون العامة على تحدي النظام وافتعال الأزمات لإعاقة خطط التنمية، وعلى الدولة إعادة هيكلة مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف بالمستنيرين من أبناء الشعب المصري ولحسن الحظ هم الأكثرية. وعلى وزارة الثقافة أن تقوم بالتنسيق مع وزارات التعليم على نشر وتدريس كل أنواع الفنون من رسم وموسيقى وشعر وتصوير لتنقية العقول من الشوائب الفكرية وتدعيمها بحب الحياة وقبول الآخر فهل نستيقظ قبل فوات الأوان وقبل أن يتحول السلفيون إلى ما هو أشد فتنة من الأخوان ثم ننتظر معجزة أخرى.
&
التعليقات