&اثبت لنا الواقع في اقليم كردستان أن رفض سبيل السلم والمصالحة وقبول الاخر والاتحاد الحقيقي بين الاحزاب الكردستانية وتحديدا بين ( الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني ) سيعرض اقليم كردستان لاشد المخاطر، وفي مقدمتها تقسيم الاقليم الى إدارتين، بالضبط كما حصل في عام 1994 بعد نشوب خلافات داخلية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني و الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني.

نعم هناك خشية حقيقية، تنتاب الشارع الكردستاني من اتساع الفجوة بين الحزبين (الاتحاد والديمقراطي ) والرجوع الى المربع الاول وخاصة بعد احداث الجلسة الاعتيادية الـ (17) لبرلمان كردستان والتي عقدت يوم الثلاثاء 23-06-2015 وخصصت لإجراء القراءة الاولية لمشروع التعديل (الرابع) لقانون رئاسة الاقليم رقم (1 لسنة 2005) ومناقشة قانون عدم قطع رواتب وحيدي عوائلهم، وقانون وحيدي عوائلهم المتبقين من عمليات القصف الكيمياوي والانفال وعمليات الابادة الجماعية

من الجدير بالذكر, ان كل من الكتل النيابية التابعة لـ(حركة التغيير)، وحزب (الاتحاد الوطني الكردستاني )و(ائتلاف الكتل الاسلامية )، تدعو بمجملها إلى حسم مصير رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني الذي ستنتهي فترة ولايته الثالثة في الثامن عشر أغسطس المقبل، وتقليص الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس الاقليم بموجب القانون الحالي، واسناد منصب القائد العام للقوات المسلحة (البيشمركة وقوى الأمن الداخلي) إلى رئيس مجلس الوزراء، وتحديد ولاية الرئيس بـ(أربع ) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وانتخاب الرئيس داخل البرلمان وليس عن طريق الاقتراع المباشر.....وقضايا كثيرة اخرى مرفوضة من قبل قواعد وقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ان انسحاب كتلة الديمقراطي الكردستاني ( الكتلة الصفراء )من جلسة البرلمان والتي عقدت يوم الثلاثاء 23-06-2015 و خصصت لمناقشة عدد من مشاريع القوانين الهامة، من بينها مشروع قانون تعديل رئاسة اقليم كوردستان والذي كان نقطة الخلاف بين الكتل البرلمانية،يضع الإقليم على كف عفريت&ويدخله في الفراغ الدستوري، وخاصة في هذا الوقت الحرج الذي لا أحد يعرف ما سيحصل في المنطقة، وبالأخص في العراق، لا سيما وأن التطورات الداخلية والاقليمية والدولية تسير بشكل متسارع جدا، بالاضافة الى مساعي القوى الاقليمية( تركية وايرانية ) تحديدا وشبكاتها التخربية، التي لم يرق لها نجاح التجربة الكردستانية وسعت جاهدا لافشالها بمختلف السبل.

ان اصرار(الكتلة الصفراء )على حسم مصير رئيس الاقليم من خلال التوافق السياسي لا عن طريق تعديل مشروع قانون رئاسة الاقليم, و انتخاب رئيس الاقليم عن طريق الاقتراع المباشر....، سوف تثير خلافات سياسية حادة وخطيرة بين القوى والأحزاب الكردية، لاسيما بعد نجاح القراءة الاولية على التعديلات في جلسة البرلمان, وادراجها على اجندة مهامه في الجلسات القادمة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل حقأ ان هذه المشاريع التي طرحت في جلسة البرلمان للمناقشة من قبل الاحزاب الكردية ( التغيير، الاتحاد الوطني،الكتل الاسلامية، الحزب الشيوعي الكردستاني ) كانت جميعها مزايدات سياسية وضغوطات سياسية لاجل الحصول على مكاسب ومناصب كما صرحت كتلة الديمقراطي الكردستاني بعد انسحابها من الجلسة؟ لماذا اعتبر الديمقراطي الكردستاني ان ما جرى في الجلسة المذكورة هو ( انقلاب ابيض )؟ هل حقأ بهذه العقلية الحزبية الضيقة ( بدون استثناء ) تبنى الاوطان؟

لم يبق لي الا ان اقول : بان مهما كانت وجهة النظر بشأن هذه الصراعات القاتلة بين الاحزاب الكردية،فان المتضرر الوحيد من كل ما يجري من صراع السلطة والفساد والضعف الحكومي والاهمال هو الشعب الذي يعاني من ازمات متعددة اقتصادية لااقل ولا اكثر.