&

المناورات العسكرية الكبرى التي اختتمت في منطقة حفر الباطن يوم الجمعة الماضي تحت عنوان (رعد الشمال) والتي شهد فعالياتها التدريبية مجموعة من رؤساء الدول العربية والإسلامية على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، والتي كانت أكبر مناورات عسكرية تدريبية في المنطقة ، انخرطت فيها العديد من جيوش الدول العربية والإسلامية ؛ يمكن القول ، بعد أن نجحت في استعراض القوى والتدريبات العسكرية المتنوعة والمتعددة لعديد الجيوش تلك ، يمكن القول أنها تضمنت العديد من الرسائل السياسية والعسكرية في المنطقة وهي رسائل سرعان ما تكشف أثرها قبل مضي أسبوع على اختتام فعالياتها؟
أولى هذه الرسائل كانت بمثابة تطمين موجهة لمواطني الدول المشاركة في المناورات ، والشعوب العربية بصفة عامة ، لجهة أن التداعيات الأمنية الخطيرة التي تحدث في المنطقة لن تكون على ما هي عليه ، وأن جاهزية الدول المشاركة في المناورات للحفاظ على أمن مواطنيها وحدودها السياسية أمر لا مساومة فيه .&
والرسالة الثانية ، كانت للقوى الدولية ، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، ومفادها أن الأوضاع التي تتداعى في الشرق الأوسط نتيجة لأزمة القضية السورية &ولعدم التدخل الايجابي للولايات المتحدة في هذه الأزمة ، لن تكون متروكة للتفاعلات الخطيرة ولابد من حسمها عبر عمل عسكري محتمل ومشترك بناء على هذه المناورات . أما الرسالة الثالثة فهي إلى الجماعات الإرهابية كـ"داعش" و" النصرة" ومفادها : أن المواجهات المؤجلة أصبحت من الماضي ، وأن شعوب هذه المنطقة وجيوشها هي صاحبة المصلحة والقرار في مقاتلة داعش والنصرة ، لأن في ذلك سحب للكثير من دعاوى داعش وشعاراتها في مقاتلة الغرب ومواجهته دفاعا عن المسلمين ـ كما تزعم داعش ذلك كذبا ـ &فهذه المرة ستعكس المواجهة المحتملة بين جيوش دول التحالف الإسلامي العسكري وبين الدواعش والنصرة : المصلحة الحقيقية لتطلعات شعوب هذه المنطقة ، وستعيد إليها الطمأنينة .&
أما الرسالة الرابعة فهي لإيران ، ومفادها أن دور إيران &الذي أصبح مكشوفا والذي يهدف إلى زعزعة أمن المنطقة العربية واستقرارها ، لن يكون بعد اليوم كما كان بالأمس ، وأن القدرة العسكرية لدول المنطقة العربية والدول المتحالفة معها من الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا ستكون خيارا استراتيجيا للمواجهة المحتملة في أي وقت دفاعا عن المصالح العربية العليا ، من أجل تعزيز السلم ودعم الاستقرار وتخليص المنطقة من كابوس الفوضى التي تصنعها إيران في أكثر من 4 دول عربية على الأقل.
إن مناورات (رعد الشمال) كشفت عن استعداد جديد وإستراتيجية مسؤولة للعرب ، وقدرات عسكرية يمكنها أن تلعب دورا في حسم الأوضاع لصالح السلم والاستقرار في سوريا والشرق الأوسط .&
قد لا نذهب بعيدا لو ربطنا بين تمارين مناورات (رعد الشمال) العسكرية المشتركة ورسائلها الخاصة والعامة ، وبين الانسحاب المفاجئ لنصف القوات الروسية في سوريا التي تدخلت في مسار الصراع منذ 5 أشهر.&
ذلك أن مصلحة العرب الأساسية تكمن في تحمل مسؤولياتهم أولا ، وفي دعم الدول الإسلامية الصديقة ثانيا ، لأن هذه المصلحة في الأمن والاستقرار والسلام تعتبر مصلحة إستراتيجية ، لن تؤدي فقط إلى القضاء على الإرهاب فحسب ، وإنما كذلك على أسبابه الرئيسية والمتمثلة في النظام السوري.&
لقد كان موقف المملكة العربية السعودية المبدئي من رحيل النظام السوري وضرورة ذلك بكافة الوسائل موقفا كشف عن رؤية عميقة وموقف استراتيجي مسؤول . فهاهي روسيا تحزم حقائبها من التورط في المستنقع السوري ، بعد أن فشلت إيران من قبل وفشلت كذلك المنظمات الإرهابية الموالية لها في سوريا ؛ كحزب الله ، وغيره .&
لن يبقى اليوم سوى البحث عن مخرج من هذه الأزمة عبر رحيل الأسد أو ترحيله بكافة الوسائل. وأن المتغيرات الجديدة التي ستطرأ على الوضع السوري ـ بعد الانسحاب الروسي ـ لابد من استثمارها على كافة الأصعدة للدفع بخيار الحل السياسي عبر مرحلة انتقالية لن يكون الأسد جزءا منها.&
إن مناورات (رعد الشمال) ورسائلها المتعددة هي أمل طال انتظاره ومسار صحيح لمواجهة أزمات المنطقة وتداعياتها بكافة الوسائل المشروعة. & &
&