&يلعب الفيلم البريطاني &(السعودية مكشوفة) على أوتار المبالغات الفجة وإثارة الفرقعات البعيدة عن الموضوعية، التي تغازل &المخيلة الغربية عن "مملكة الصحراء" كما تسمى كثيرا في الإعلام الغربي. المملكة &المحاطة بالغموض في المخيال الغربي، والذي يشكل اختراق أسوارها ضربا من المغامرات الشديدة الإثارة للمتلقي الغربي. فيبدو أن هذا الخيط الإغوائي هو الذي لعب عليه &صانع الفيلم (جايمس جونز )، ليغطي هشاشة فيلمه وافتقاره للعمق، ليمارس نوعا من التنويم المغانطيسي للمتلقي الغربي، ليخدر حسه النقدي عن تلمس نقاط الضعف في الفيلم. فيما يلعب خيط مغازلة الأسئلة الشعبية المعارضة للسياسة الخارجية البريطانية، دورا تعمويا مهما للتغطية على ركاكة الفيلم، ويشكل حافزا لعرضه في هذا التوقيت من ناحية أخرى. فالفيلم كما هو واضح يقوم على الانتقاد الهجومي المتصيد المدموغ بالإثارة الفاقعة، وليس على النقد الموضوعي الهادف.
من خلال متابعتي لبعض مانشر في الصحف البريطانية عن الفيلم الذي عرضته قناة itv البريطانية، لم أجد إلا احتفاءً مبالغا فيه بالفيلم، وبالشجاعة والجسارة التي تم بها اختراق " مملكة الصحراء " وكشف المستور داخلها!.ذلك رغم أن جايمس جونز نفسه يقول أن ما أوحى له بفكرة الفيلم، هو مقطع متداول لأحد النشطاء على مواقع التواصل، وذلك في حوار معه على موقع &Frontline، والموضوع تحت عنوان عريض فاقع الإثارة عن كشف جايمس جونز " النادر" &وقليل الحدوث للجانب الخفي من السعودية، ولكن الحوار لا يحل لنا المعادلة الصعبة عن " النادر "، وفي ذات الوقت المتداول والمشاع للجميع في مواقع التواصل الاجتماعي- وهو ماأوحى لجايمس بالفكرة وماأعتمد عليه باعترافه في الحوار-، وكيف ينسجم ذلك مع السرية النادرة المزعومة ؟! ورغم تصريح جايمس جونز في الحوار أن الفيلم مصور بكاميرات مختلفة منها كاميرات تلفون وأنه بذل جهدا كبيرا ليبدو الفيلم متماكسا، إلا أنه لم يعترف أن هناك مقاطع مأخوذة من الانترنت، أو مصورة بكاميرات الجمهور -خارج فريق عمله - ومتاحة في وسائل الاعلام الجديد. لم يعترف أيضا أن هناك صورة أو أكثر تقدم على أنها داخل السعودية، فيما هي مكذوبة وتنتمي لبلدان أخرى ، وذلك لتكتمل أبعاد الإثارة التي تشبع المخيلة الغربية الجامحة عن بلادنا!.حتى ليخيل لمن يشاهد الفيلم أنك قد تتعثر بالجثث المعدومة على أطراف الميادين والطرقات، أو ستصطدم &كل دقيقة بامرأة تسحل أو تضرب في الطرقات دون أن يحرك أحد ساكنا!
الطريق الأمثل لمجابهة هذه النوعية من الإعلام الرخيص هو إعلام قوي مضاد، يتحدث بعمق وشفافية ووضوح عن الداخل السعودي ومشاريع التحديث والتطوير والتحديات والأسئلة الصعبة التي تواجهنا دون حرج أو توجس، فكل بلدان العالم لديها مشاكلها وتحدياتها. لا بد أيضا من الاشتغال الجاد والعميق على إشكالايتنا الثقافية التي كثيرا ماتحرجنا وتسيء إلى صورتنا في الخارج، فاليوم نحن نعيش في فضاءات مفتوحة انهارت فيها الحدود الثقافية بين الدول، وتصريح فج أحمق من واعظ ما عن المرأة -على سبيل المثال-، سيظل حدثا تندريا في الإعلام الغربي تلوكه البرامج لفترة من الزمن، ناهيك عن كثير من القضايا المسيئة الخاصة بالمرأة السعودية والتي يتلقفها الإعلام الغربي ويصنع منها مادة للتندر والسخرية !&
يأتي الاشتغال الجاد على اشكالياتنا المختلفة، وخلق فرص عمل للشباب، ورفع سقف حرية التعبير، وإتاحة الفرص للمشاركة الشعبية في صناعة القرار، وإصلاح أوضاع المرأة، وتجديد الخطاب الديني، &وغيرها من القضايا الملحة كأحد أهم ركائز الاستقرار والأمن، &قبل أن يكون وسيلة لرفع الحرج وتحسين الصورة. كما يأتي فتح بلادنا للسياحة الغربية للتعرف على مافيها كأحد وسائل الدعاية المضادة لما يصدر في هذه النوعية من الأفلام من إثارة ومبالغات.