كنت أتحدث قبل يومين مع صديق صحفي عن عملية اورلاندو الارهابية تناولنا آثار هذه العملية على المسلمين في الغرب وعلى الانتخابات في الولايات المتحدة، والتي قال الكثير من الكتاب العرب ان المستفيد الاكبر منها هو المرشح الامريكي ترامب، وهو ما يجسد نظرية ان المتطرفين يخدمون المتطرفين، والتي حاول صديقي اقناعي بها من خلال سرد قصتين من الواقع الفلسطيني سمعهما من صحفي اسرائيلي عايشهما.

&القصة الاولى دارت احداثها في عام 1939 أيام مؤتمر سانت جيمس (المائدة المستديرة) في لندن والذي كان آخر محاولات بريطانيا لتسوية الصراع اليهودي العربي، وتروي القصة أن المفتي الحاج أمين الحسيني الذي كان منفيا حينها في لبنان اصدر أمرا بمنع الفسطينيين من المشاركة في المؤتمر باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وحينها توجه حاييم مرغليوت كلافرسكي، وكان من أعضاء الوكالة اليهودية البارزين ومن اليساريين الاسرائييلين واشتهر باقامته لعلاقة بين الحركة الصهيوينة والملك فيصل في عام 1914 وباقامة علاقة مع الحكومة السورية بعد الحرب العالمية الاولى، توجه الى بن غوريون حاملا اليه البشرى، حسبما كان يتصور، بأن هناك مجموعة من النشطاء الفلسطينيين من رام الله ونابلس المستعدين للمشاركة في المؤتمر خلافا لاوامر المفتي، فأجابه بن غوريون بجفاء قائلا:" لا حاجة لذلك فالمفتي يخدم مصحلتنا أفضل".

&وأما القصة الثانية فأحدث ودارت أحداثها ايام روابط القرى في الضفة الغربية، والتي أمر باقامتها عيزر فايتسمان في عام 1978 ولاقت معارضة شديدة من قبل الفلسطينيين واليهود وخاصة المستوطنين، وتقول القصة ان الياكيم هعتسني، وهو من كبار قادة المستوطنين ومحام يقطن في مستوطنة كريات أربع وكان من اشد اعداء روابط القرى، توجه في أحد ايام 1982 الى وزير الدفاع اريئيل شارون والذي كان بحاجة لدعم المستوطنين له بعد فقدانه للشعبية الاسرائيلية في أعقاب مذبحة صبرا وشتيلا، توجه اليه طالبا منه تفكيك روابط القرى قائلا في حيثيات طلبه هذا: " أنا لست خائفا من عرفات، فنحن لن نتحدث معه ابدا، ولكني أخشى من مصطفى دودين، حيث اننا سنضطر من أجله الى تقديم تنازلات".

&هاتان القصتان توضحان بجلاء نظرية أن المتطرفين يخدمون المتطرفين، ففي الاولى كان يرى بن غوريون ان المفتي المتطرف الحاج امين الحسيني يخدم مصلحة اليهود اكثر من المعتدلين الفلسطينيين وفي الثانية رأى الياكيم هعتسني ان الفلسطينيين المعتدلين يشكلون خطرا على مشروعه أكثر من عرفات المتشدد، فلا تصدق عزيزي القارىء ان أحدا من المتطرفين سيقضي على خصمه المتطرف الاخر، فكل ضامن لبقاء الاخر.

&