&
قارب الشوط الاول من الحكومة الاردنية لتسيير الاعمال علي الانتهاء دون اهداف، (وصف حكومة تسيير اعمال اطلقته محطة البي بي سي البريطانية علي الحكومة وقت تكليفها) و التي كان قد عهد بها الملك عبد الله الثاني الي وزير خارجيته الاسبق الدكتور هاني الملقي لتشكيلها، ووصمت ايضا “بحكومة النحس” حسب الصحافة الاردنية و القدس العربي و الرآي اللندنية، لسببين، الاول اغتيال خمس ضباط من المخابرات ضمن عمل خسيس فور ان تسلمت مهامها والثاني انصياعها لشروط صندوق النقد الدولي دون قيد او شرط في اول ايامها و دون ان يعرض الاتفاق و نتائجة المتوقعة ودون ان تتم مناقشته و الموافقه عليه من مجلس الوزراء و يسجل ذلك في محاضر الجلسات!
و أول ستين يوما من عملها، المحدد بمئة و عشرين يوما تنتهي مع نتائج انتخابات مجلس النواب الاردني في سبتمبر ٢٠١٦، مرت بادآء ضعيف علي رئيسها المعروف بذكآئه، علمه، اخلاقياته، سيرته المالية النظيفة، طيبة القلب، دينمايكيتة، شطارته.&
ولكن كما يقول المثل، غلطة الشاطر بالف، فقد واجه رئيس حكومة تسيير الاعمال مطبات و صعوبات منذ تشكيل حكومته الضعيفة التي اتي بسبعة عشر وزيرا جديدا، لا داعي لهم في تلك المرحلة من تسيير الاعمال، فاَضاف ارهاقا لميزانية الدولة المديونة بسبع و ثلاثين مليارا، و لم ير الشعب اي مما تحدث عنه الملك في خطاب التكليف علي ارض الواقع من بعض منهم، و جآء خطاب الرد علي العرش مطولا و حمل خطة عمل و كآن الحكومة باقيه الي ما بعد الانتخابات.&
و لعل تحركات وزير الشباب في حفل افطار جمع كل الوزراء و الامناء السابقين للوزارة، و بعض تصريحات وزيره السياحة و مكافات وزير العمل لبعض من الموظفين، و زيارة نائب الرئيس للاقتصاد الوطني للمؤسسة المدنية لعدم رفع الاسعار في رمضان هي بعض ما شاهده المتابعون لما قام به الوزراء.
و لكن هل دور الحكومة يتوقف عند اصدار قانون لاصطفاف السيارات، او اعفاء ضباط من جمارك السيارات مثلا حتي يتصدر ذلك عناوين الصحف كانجازات؟
و الحقيقة، ان الدكتور هاني الملقي موظفا حكوميا اثيت خلال اكثر من عشرين عاما في موسسات الدولة انه موظفا نشيطا و ديناميكيا و امينا، و بات واضحا منذ تولي “اللجنة الحكومية” كما وصفها احد كتاب الاعمده في الصحافة الاردنية، انه يظهر رغبته في ان بعاد تكليفه بعد الانتهاء من الانتخابات، و تلك مصيده يضعها هو لنفسه.
لذا هو يبذل اقصي مجهود بنفسه للخروج من المصيدة، ويتمتع بثقة و يحظي بدعم المؤسسة الامنية منذ زمن المرحوم الفريق سعد خير، مدير المخابرات الاسبق و لكن هذا لا يكفي للقيام بواجب رئيس الحكومة.
ان كل حركة يقوم بها ترصدها بعض من الاجهزه الاعلامية و لم يعد هناك في الصحف الا اخبار الرئيس النشيط مما يدعو للتسآوؤل:اين بقية الوزراء؟ ماذا يفعلون؟ هل فعلا هم مقصرين ام حجب عنهم الاعلام؟
و اقصد ان الشوط الاول قارب علي الانتهاء دون اي اهداف، بل كان كل الضغط من الطرف الاخر سواء الارهاب او صندوق النقد الدولي، و باستثناء بعض من الوزراء السابقين امثال وزيرة الاتصالات ووزير الخارجية، ممن هم خارج اطار من اتي بهم الدكتور الملقي بالاضافة الي وزير الداخلية العائد، كان الشوط بطيئا و مملاًّ.
&و الخطة الوحيدة التي تابعها الشعب كانت هي في اظهار رآس الحربة المهاجم هاني الملقي يركض في كل اتجاه بمفرده، و الذي لم يسعفه الحظ في تسجيل اي هدف، وان كان زميله و صديق عمره الدكتور جواد العناني يحاول جهده بالحفاظ علي شباك المرمي و الدفاع في الخلف و تآمين ظهره، و لكن الشباك خالية من اي اهداف و فريقه لم يسعفه، و مناقشة ذلك في الغرف محرم فكيف بالشارع الصحفي؟
المملكة الاردنية الهاشمية بحاجة الي وزراء من نوع اخر، غير تقليديين، ملميين بالاوضاع، قادرين علي اتخاذ قرارات، غير منافقين للرئيس، غير مهتمين بتحسين اوضاعهم و اقاربهم و رواتبهم التقاعدية، وزراء غير فئه موظفين يبدء دوامهم مع بدايه الشهر و ينتهي مع استلام الراتب في نهاية الشهر دون اي تغيير او تقدم او رؤية، مطلوب وزراء جل اهتمامهم الوطن الاردني و الحلم الملكي الهاشمي بدولة مستقرة قادره علي المنافسة و الخروج من عنق الافلاس.&
وزراء غير وزراء اوبريت الليلة الكبيرة اللذين تحركهم خيوط من خلف الستار و المسرح.
المملكة محتاجة الي وزرآء اقوياء بالعلم و الخبرة و المعرفة و الحجة و المنطق و الراى الاخر، لا بالجغرافيا و الفلسفة، وزراء يناقشون و يقدمون مقترحات في الاجتماعات لمجلس الوزراء، لهم وجهات نظر في القضايا الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و قادرين علي الدفاع عن ارائهم عوضا عن “التوقيع علي بياض للرئيس “و الاهم يتحملون نتائج قرارتهم.
الشوط الثاني اصعب من الاول، لانه اذا لم يكن به اهداف، فالبدلاء الاقوياء علي سبيل الذكر لا الحصر، جاهزون و رهن اشارة جلالة الملك، من رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم الكباريتي الاقتصادي المعروف بعلاقاته الخليجية و فكره المتميز و شجاعته في اتخاذ القرارات و الحديث بانتفاح، الي روؤساء وزراء شباب لديهم الحماس و الخبرة و الشعبية و العلاقات العشائرية و التمدد في ثنايا الوطن امثال فيصل الفايز و سمير الرفاعي كلاهما مقربان من الملك و الشعب.
الاثنان معا، يتحركون بنشاط و يسطرون يوميا مقالات و يعقدون لقاءات في اركان الوطن الاردني لها من الصدي في الداخل و الخارج الكثير، و ليس اقل منهما من هم داخل الحكومة نفسها و الذين ينتظرون تصعيدهم الي دوري الدرجة الاولي اي منصب رئيس الحكومة مثل وزير الخارجية صاحب الجهد الدبلوماسي الراقي ناصر جودة و ووزير الداخلية الاسبق حسين المجالي. و لا يستبعد بتاتا ان يكلف الملك، صاحب القرار و الحنكة، احد رؤوساء الاحزاب بالمنصب في تجربة جديدة للتاسيس للحكومات الحزبية و تكريس المزيد من الديمقراطية.
ليس مؤكدا بتاتا اعادة تكليف الدكتور هاني الملقي بنفس فريق عمله و الاداء النمطي المتكرر، فقد خسر الكثير في الشوط الاول، خصوصا عندما ابتعد عن قلب الهجوم، وصرح ان كل حكومات العالم للجباية و هذا خطاء، و عندما ابتعد عن اهل الخبرة و ارتهن للواسطة، و عندما لا يزال نتائج التحقيق و محاكمة المجرم في قتل شرفاء الوطن من المخابرات في طي الكتمان، وعندما فشلت الحكومة في التعامل مع قضية ذيبان و غيرها من القضايا.
و اقصد ان الضرآئب في الدول الديمقراطية تتقدم بقوانينها و مشاريعها الي مجلس النواب لاعتمادها لا تفرضها عنوة و تدافع عن قرارتها بمدافع و دبابات الامن و المعتقلات، و من ثم بعد الموافقة عليها حسب الاصول الديمقراطية يتم التحصيل من قبل الحكومات عبر وزارة الماية التي تقوم بايداع المبالغ في حسابات خاصة.&
ليس واجب الحكومات و لا هدفها و لا مسوؤليتها الجباية علي العكس، في كندا نجح الحزب الليبرالي لانه تعهد بتخفيض الضرائب ضمن برنامجه و في فرنسا نجح رئيس الجمهورية لانه تعهد بتخفيض الضرآئب، لذا فهي حكومات تحقق الرفاهية للشعب و تتشارك معه في اهدافه و طموحاته، لا تآتي بهدف الجباية.
و اقصد ان الحكومة ايضا اهملت اكثر من مليون ونصف اردني حولوا اكثر من اربعة مليارات دولار الي خزينة الدولة في العام الماضي، و رفدوا اسرهم و اهلهم بمعونات و ساهموا في تعليم اقاربهم و التخفيف عنهم، في غياب تام من الحكومة حيث ليس لديهم ابسط حقوق الانتخاب في السفارات او حتي بوابة دخول خاصة في المطار او من ينظر في مطالبهم مثل وزير دوله لشوؤن المغتربين.
الحكومة كما هي بتشكيلتها و طريقة ادائها، خارجة بعد الشوط الثاني لا محال، لذا علي الرئيس ان يجتهد حتي لا نخسر ديناميكيته و ذكائه الذي لا يشكك احد بهما، و حتي يحظي بثقة الملك ان يصبح رئيس وزراء فعلي لا لتسيير الاعمال.
فقط ستين يوما يا دولة الرئيس و كل الاحتمالات مفتوحه بما فيها رئيس وزراء جديد من خارج كل المؤسسات و الوزارات، جديد “لنج “ كما يقولون.
التعليقات